المدّعون الأمريكيون: ليبي اعترف طواعية بتفجير لوكربي

ديفيد كوان ـ مراسل الشؤون الداخلية في اسكتلندا

تفجير لوكربي الذي أسفر عن مقتل 270 شخصًا في 1988

ادّعت النيابة الأميركية أن رجلاً ليبيا اعترف طوعًا بمشاركته في هجمات استهدفت أميركيين، من بينها تفجير طائرة بان أم 103 عام 1988 ومحاولة اغتيال سياسي أميركي عبر معطف مفخخ، لكنها تواجه حاليا معارضة دفاعية لمنع قبول ذلك الاعتراف كدليل.

الاعتراف المزعوم والظروف
بحسب محققي الولايات المتحدة، قدّم أبو عقيلة مسعود خير المريمي اعترافًا بدوره في إسقاط طائرة بان أم 103 فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية حينما جرى استجوابه في مركز احتجاز ليبي عام 2012. المريمي، المعروف باسم مسعود، البالغ من العمر 74 عامًا وأب لستة أولاد، نفى ذلك ويدّعي أن ثلاثة رجال مقنعين أجبروه على الإدلاء بالتصريح بعدما هددوا حياته وحياة أسرته.

الموقف القانوني الحالي
يعمل محامو الدفاع الآن على استصدار قرار قضائي يمنع استخدام هذا الاعتراف في محاكمته المقررة في واشنطن العام المقبل. وردًّا على ذلك، أكدت محامو وزارة العدل الأميركية أنهم قادرون، أمام محكمة محكمه، على إثبات أن البيان كان “طوعيًا وموثوقًا ودقيقًا”.

سجل الاتهامات
أُعلن لأول مرة عن وجود اعتراف المريمي في 2020، عندما وجهت له الولايات المتحدة اتهامات ببناء وتجهيز القنبلة التي أُستخدمت ضد بان أم 103. ويُتهم بصفته ضابطًا سابقًا برتبة عقيد في جهاز الاستخبارات الليبي، وهو محتجز لدى السلطات الأميركية منذ ديسمبر 2022. نفا المريمي التهم وسيُحاكم أمام محكمة المقاطعة في منطقة كولومبيا في أبريل المقبل.

حجج الدفاع
طلب دفاع المريمي قمع الاعتراف بحجة أنه انتُزع تحت الإكراه في أعقاب الثورة التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي عام 2011. يقول محاموه إن أعضاء سابقين في نظام القذافي تعرضوا لعمليات قتل واختطاف وتعذيب غير قانونية، وإن موكلهم اختُطف من منزله على يد مسلحين في العام التالي ونُقل إلى مرفق احتجاز غير رسمي حيث تعرّض سجناء آخرون للضرب والإساءة. بحسب الدفاع، وضع ثلاثة رجال مقنعون ورقة واحدة بين يديه داخل غرفة صغيرة، وبدأت كلماتها بخط اليد بأمر بالاعتراف بتورطه في تفجير لوكربي وهجوم إرهابي آخر، وطُلب منه حفظ ما فيها وإعادته أثناء سؤال لاحق خوفًا على حياته وحياة أطفاله.

يقرأ  المهنيون الصحيون الأمريكيون يناشدون روبرت ف. كينيدي الابن: «كفّ عن نشر معلومات غير دقيقة» — أخبار الصحة

ردّ النيابة
في ردها على طلب الدفاع، قالت وزارة العدل الأميركية إن المحكمة تُطلب منها قمع “دليل ذي صلة كبيرة” يثبت ذنب المريمي في “هجومين إرهابيين كبيرين ضد أميركيين”. وصفت النيابة رواية المريمي بأنها غير معقولة وغير صحيحة، مؤكدة أن محتوى الاعتراف يمكن تدعيمه بأدلة مستقلة وموثوقة جُمعت على مدى سنوات.

تفاصيل إضافية عن الاستجواب
تقول النيابة إن المريمي ومن معه من مسؤولي استخبارات القذافي السابقين حُجزوا في سجن سري تشغله ميليشيا حيث استجوبهم ضابط شرطة ليبي ذو خبرة. ووفقًا لذلك الضابط، كان المرفق “مُنظّمًا جيدًا”، ولم يكن السجناء مقيدين ولا توجد علامات تعذيب أو إكراه؛ وعلى مدى يومين سرد المريمي، بصحة وثقة، تفاصيل تورطه في تفجير بان أم 103. كما تزعم إدارة التحقيقات الفدرالية (إف بي آي) أنه أقر أيضًا ببناء جهاز انفجر في ملهى ليلي بغرب برلين عام 1986، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص بينهم عنصران أميركيان وإصابة عشرات آخرين.

محاولة اغتيال سياسي أميركي
أوردت النيابة أيضًا أن المريمي سرد دوره في محاولة اغتيال لوزير خارجية أميركي لم يُسمَّ أثناء جنازة دولة في باكستان، حين رافق أحد الأشخاص السياسي الأميركي وكانت معطفه مفخخًا. كان من المفترض أن يفجّر المريمي الجهاز، لكنه امتنع بعد أن علم أن مرتدي المعطف لا يدرِي أنه في مهمة انتحارية؛ فـ”لم يضغط على الزناد” رغم وجود رئيسه في جهاز الاستخبارات وسؤاله عمّا يجري. استنتج المدّعون أن عميلًا استخباراتيًا يرفض تنفيذ مهمة قاتلة بحضور رئيسه من غير المرجّح أن يكون قابلاً للخضوع للضغط أو الإكراه بسهولة.

الوثيقة المختفية لثلاث سنوات
أفادت التقارير أن السلطات الليبية لم تقدم نسخة من الاعتراف المزعوم إلى المحققين الاسكتلنديين إلا في يناير 2017، الذين نقلوا بدورهم المستند إلى الأميركيين. وشرح محامو وزارة العدل أن الضابط الليبي أدرك أن المقابلات كانت تحتوي معلومات حسّاسة للغاية، وبسبب الفوضى وعدم الاستقرار قرر الاحتفاظ بها بنفسه حتى يجد من يثق فيه. أخفاها في منزله لثلاث سنوات حتى 2015 ثم قدّمها لمسؤول ليبي رفيع، قبل أن تصل لاحقًا إلى الأطراف الدولية.

يقرأ  الأمم المتحدة:مقتل ٣٨٣ من عمال الإغاثة العام الماضي —نحو نصفهم في غزة

الخطوة القادمة
تؤكد النيابة أن رواية المريمي لا تقف أمام الأدلة، وأن طلب قمع الاعتراف عقوبة قصوى لا ينبغي منحها. وسيُعقد جلسة استماع في وقت لاحق لتقرير ما إذا كان سيُمنع عرض هذا التصريح أمام هيئة المحلفين.

أضف تعليق