مسكان شارما أهدت تاجها إلى والدتها. في ريشيكش بولاية أوتاراخند الشمالية، توجت هذه الشابة البالغة من العمر 23 عاماً بلقب «ميس ريشيكش 2025»، وقالت إن الفوز، رغم أنه في مسابقة محلية صغيرة، جعلها تشعر وكأنها ملكة جمال الكون.
أثار تتويجها اهتمام وسائل الإعلام بعدما انتشر مقطع فيديو يظهرها وهي تجادل بحماس رجلاً اقتحم بروفة المتسابقات قبل يوم من الحفل. كان الرجل، راغافندرا بهاتناجار، وهو مسؤول إقليمي في منظمة «راشتريا هندو شاكتي سانغاثان»، يعترض على ارتداء المتسابقات للتنانير والملابس الغربية، مطالباً بوقف «الموديلينغ» بحجة أنه «يضاد ثقافة أوتاراخند». ردت شارما بقوة: لماذا لا تغلق المتاجر التي تبيع السجائر والمشروبات الكحولية أولاً؟ إن كانت لكم سلطة «الاختيار»، فلدينا أيضاً الحق في أن نختار، كان جوهر ردها.
تدخل المنظمون وبعض المتسابقات ورافق مدير الفندق رجال المتحدث وإلى أن أُخرجوا من المكان، أما في اليوم التالي فاستؤنفت المسابقة وأكملت شارما عرضها وفازت بالتاج. قالت إنها شعرت بصدمة لثوانٍ بعد إعلان اسمها، ثم بفرح مضاعف لأنها دافعت عن نفسها وربحت في آن واحد.
ريشيكش مدينة معروفة بأشرمتها وملاذاتها التأملية واليوغا، وعلى ضفاف نهر الغانغ تستقبل سياحاً وحجاجاً من أنحاء العالم؛ حتى أن فرقة البيتلز قضت فيها أسابيع في 1968. لذا تبدو حالة الاستهجان لما ترتديه النساء غريبة على سكان المدينة، الذين يعتادون رؤية زوار يرتدون ملابس غربية دون أن يثير ذلك تذمراً.
على المستوى العالمي تواجه مسابقات الجمال انتقادات تتهمها بتجسيد النساء وتعزيز القوالب النمطية الجنسية، لكن في الهند تحظى هذه المسابقات بشعبية كبيرة منذ عام 1994، حين فازت سوشميتا سين بلقب «ميس يونيفيرس» وفي نفس العام عادت أيشواري راي بلقب «ميس وورلد». نجاحات لاحقة، مثل بريانكا شوبرا، ديانا هايدن ولارا دوتا، عززت الاعتقاد بأن هذه المسابقات قد تكون بوابة للنجاح خصوصاً للفتيات من المدن الصغيرة.
تؤكد شارما أن والديها دعما قرارها بالمشاركة، وفي الفيديو الفيروسي سألته مباشرة: «من أنت حتى تنتقد لباسي إذا كان والداي يسمحان لي؟» لكن ردة الفعل المضادة للملابس الغربية ليست أمراً جديداً في الهند؛ في مجتمع ذكوري عميق الجذور يُربط كثيرون بين اللباس الغربي—خصوصاً الجينز—وما يسمونه «انحلالاً أخلاقياً» للشباب. تُفرض قواعد زي على المدارس والجامعات، وفي بعض القرى يُمنع البنات أحياناً من ارتداء الجينز.
تورد تقارير سابقة حوادث تمييز وإذلال تعرضت لها فتيات بسبب ملابسهن: طالبة في آسام مُنعت من دخول الامتحان ثم طُلب منها أن تلف ساقيها بستارة، وفي حالة متطرفة تُتهم مراهقة بأنها قُتلت على يد أقاربها لارتدائها الجينز.
في مقالة لناميتا باندانري (Hindustan Times) لفتت إلى مفارقة واضحة: لا اعتراض تقريباً على مسابقة «مس ريشيكش» التي تكاد المشاركات فيها يرتدين ما يشبه اللباس القليل، بينما يثار الجدل عندما ترتدي فتيات أخريات ملابس غربية. الخلاصة، كما تخلص الكاتبة، أن القضية ليست في الملابس بقدر ما هي مسألة حرية وطموح. كيف تجروء هؤلاء الشابات على الصعود إلى خشبة قد تدفع بهن نحو منصة أوسع على المستوى العالمي؟ كيف يجرأن على تخطي حدود الشرف والعار التي فرضها عليهن مجتمع أبوي؟
تكتب بهنداري أنه في الهند، حيث يندر وجود نساء في البرلمان أو بين صفوف القضاة، فإن رد الفعل من شابات بلدة صغيرة يعد أمراً لافتاً للغاية.
تقول شارما إن والدتها هي التي علمتها أن تتصدى للحق: «التاج ليس ملكي فحسب، بل هو لوالدتي بقدر ما هو لي. بدون الام لما كنتُ الشخص الذي أنا عليه اليوم».
ترى أن قصتها ستلهم نساء أخريات للوقوف والدفاع عن حقوقهن وعن ما هو صواب.
«أقول إنني في تلك اللحظة كنت خائفة ومتوترة أيضاً. لكني أريد أن أقول أيضاً: إذا كنتِ مقتنعة أنك على حق، فبإمكانكِ أن تقاتلي.»
«بالنسبة لي، كان التاج دائماً ثانوياً. الأهم كان تشجيع النساء على مواجهة الظلم، وعلى النطق دفاعاً عن الحق.»
أسألها عن خطوتها التالية.
«سأشارك في مسابقة ملكة أوتاراخاند العام المقبل، ثم في مسابقة ملكة الهند. بعد ذلك، سأرى إلى أين تأخذني الحياة.»