فولكر تورك يحذّر: عقوبات الولايات المتحده على منظمات حقوقية فلسطينية غير مقبولة وقد تُثبّت مناخَ الإفلات من العقاب
رفض رئيس مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، العقوبات التي فرضتها الحكومة الأمريكية على عدد من المنظمات الحقوقية الفلسطينية ووصفها بأنها «غير مقبولة»، داعياً إلى إلغائها فوراً على خلفية الغضب الدولي من هذا القرار. وأشاد تورك بالجهود التي قامت بها المنظمات المستهدفة—منظمة الحق، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان—لفت الانتباه إلى أن هذه الهيئات تقوم منذ عقود بعمل حقوقي حيوي، لا سيما في مجال المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
واعتبر تورك أن العقوبات ستخلق «تأثيراً رادعاً» على المجتمع المدني ليس في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل فحسب، بل على مستوى العالم بأسره، وأنها تشجع على استمرار ارتكاب الانتهاكات والجرائم الدولية وتضعف سيادة القانون والقيم التي لطالما ساندتها الولايات المتحدة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أعلن فرض العقوبات يوم الخميس، متبنياً حجّة أن هذه المنظمات تعاونت مباشرة مع المحكمة الجنائية الدولية في تحقيقات تتعلق بمساءلة مسؤولين إسرائيليين، وذلك من دون موافقة إسرائيل، فقررت واشنطن تجميد أصول تلك الهيئات ومنع المواطنين الأمريكيين من إجراء معاملات مالية معها. وأكد روبيو أن الإدارة ستستمر في اتخاذ «عواقب ملموسة» ضد أي خطوات لمقاضاة مسؤولين إسرائيليين أمام المحكمة.
تأتي هذه الخطوة في سياق حملة أوسع تشنّها إدارة الرئيس دونالد ترامب لمعاقبة المنتقدين لإسرائيل داخلياً وعلى مستوى العالم، وسط سلسلة عقوبات أمريكية سبقت ذلك طالت قضاة ومسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك المقررة الأممية فرانسيسكا ألبانيزي، على خلفية سعيهم لمساءلة إسرائيل عن ممارساتها.
وفي سياق متصل، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية عامَ الماضي مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يواف جالانت بتهم جرائم حرب تتعلق بحملة العنف في قطاع غزة، من بينها استخدام التجويع كسلاح حرب. وردّت واشنطن آنذاك، تحت إدارة الرئيس جو بايدن، برفض هذه الاتهامات على أساس أن إسرائيل ليست طرفاً في نظام روما الأساسي، غير أن المحكمة أكّدت اختصاصها لأن الجرائم المزعومة حصلت في «دولة فلسطين» التي انضوت إلى المحكمة في 2015.
ووصف تورك تأكيد الولايات المتحدة بموقفها بأنه يفتح الباب أمام المزيد من الإفلات من المساءلة، مضيفاً أن مثل هذه الهجمات على منظمات تعمل على تعزيز احترام حقوق الإنسان تتعارض مباشرة مع مبادئ سيادة القانون. وفي ردود فعل مدنية، أصدرت تحالفات منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية—including بتسيلم—بيان تضامن مع المنظمات المستهدفة، مؤكدة وقوفها الكامل مع زملائها المدافعين عن الحقوق الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، خصوصاً في مواجهة «الإبادة» التي تُرتكب، حسب تعبير البيان، في غزة.