الرباط، المغرب (أسوشيتد برس) — يفتتح الملك محمد السادس البرلمان يوم الجمعة بخطاب تبدو رهاناته أعلى بكثير مما كانت عليه في السنوات الأخيرة، في ظل موجة احتجاجات ضد الحكومة اجتاحت مدن البلاد وأثارت تساؤلات حول أولويات الإنفاق العام.
هو السلطة العليا في البلاد، لكن محمد السادس نادراً ما يخاطب الجمهور مباشرة، وغالباً ما يترك تمثيل المغرب إلى الوزراء أو أفراد العائلة المالكة في المحافل الدولية. قبل عقود لُقّب بـ«ملك الفقراء»، لكنه اليوم يواجه جماهيراً تعبر عن خيبة أمل من بطء التقدم واتساع الفجوات الاقتصادية.
منذ 27 سبتمبر، خرج المحتجون الى شوارع أكثر من عشر مدن مغربية، مندّدين بالمليارات المصروفة استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030.
حركة «جيل زد 212» المستاءة من المدارس والمستشفيات المهملة تربط مباشرة بين الملاعب الجديدة والخدمات العمومية المتجاهلة، موّحدةً حركة وطنية غير مسبوقة منذ الربيع العربي عام 2011. سُميت بالحِقْبة الدولية +212، ونظمت نفسها عبر منصات مثل تيك توك وديسكورد، مستلهمةً احتجاجات شبابية مماثلة في دول أخرى.
هتف المحتجون: «الشعب يريد تدخل الملك».
من المتوقع أن يعيد الملك في خطابه تناول موضوعات تحدث عنها في لحظات الاضطراب السابقة وفي كلمة ألقاها مطلع العام، عندما أكّد أنه لن يقبل «بلداً ذا سرعتين» تغشاه مظاهر الظلم الاجتماعي.
وقال في خطاب ألقاه في يوليو بتطوان، المدينة الساحلية التي يقضي فيها معظم فترات الصيف: «بغض النظر عن البنى التحتية المحققة ومستوى التنمية الاقتصادية، لا أرتضي إلا إذا كانت إنجازاتنا تساهم بصورة ملموسة في تحسين ظروف عيش المواطنين من كل الطبقات وفي كل المناطق».
يأتي الخطاب بعد أكثر من أسبوع على إرسال المحتجين رسالة مطالب مباشرة إلى القصر، دفعت بالملك إلى صدارة المشهد وكسرَ المسافة الحذِرة التي اعتاد الحفاظ عليها عن النقاش العام. طالبت الرسالة بـإقالة رئيس الحكومة عزيز أخنوش وحكومته، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإنشاء منتدى لمحاسبة الفاسدين — مطالبّ وصيغة واضحة تطالب بتحقيق محاسبة فعلية.
وكتب الشبان في الرسالة: «نحن شباب المغرب نلتمس من جلالتكم التدخل من أجل إصلاح عميق وعادل يستعيد الحقوق ويُقاضِي الفاسدين».
تُبرز الرسالة إيماناً ظاهراً بقدرة العاهل البالغ من العمر 62 عاماً على معالجة الأوضاع، وفي الوقت نفسه واقعية مفادها أن نقد الملك يعد أمراً محظوراً ويمسّ بتابوهات اجتماعية وقانونية.
بالتوجه المباشر إليه، أبدى المحتجون احتراما لكنه كسر تقليداً راسخاً يتمثل في إبقاء الملك فوق الصراعات السياسية — خطوة تطرح تساؤلات حول من سيتحمّل المسؤولية إذا لم تُستجب مطالبهم.
يقول عبدالسلام مغراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ديوك: «الناس يهتفون ‘عاش الملك’، لكنهم في الوقت نفسه يبيِّنون أنهم يعلمون أنه المسؤول وأن السلطة بيديه».
ذهب خطاب مجموعة من ستين مثقفاً ومعارضاً وناشطاً أكبر من مطالب «جيل زد 212» إذ وصف محمد السادس بأنه «المصدر الحقيقي للسلطة التنفيذية في المغرب»، ورأى أن تخفيف التوتر لا يمر بمجرد الإطاحة برئيس الحكومة بل عبر معالجة الأسباب العميقة والهيكلية للغضب الذي يهزّ البلاد.
في تظاهرات «جيل زد 212» مساء الخميس، قال كثيرون إنهم يترقبون خطاب محمد السادس آملين أن يستجيب لمطالبهم ويخفف من غضبهم تجاه سياسيين مثل عزيز أخنوش، الذين طالبوا باستقالته.
وقال سوفيان، طالب جامعي يبلغ من العمر 18 عاماً، في تصريح لوكالة الأسوشيتد برس خلال احتجاج في الدار البيضاء: «نأمل أن يكون خطاباً مباركاً لنا نحن شباب المغرب، ولكل المغاربة».
آكرام أوبشير ساهم بالتغطية من الدار البيضاء.