أحدث ملفات إبستين: ما ظهر وما حُجب
أفرجت وزارة العدل الأمريكية مؤخراً عن آلاف الصفحات المتعلقة بجرائم الاعتداء الجنسي التي ارتكبها الراحل جيفري إبستين، لكن إصدار هذه المستندات ترك كثيرين ممن انتظروا الوثائق بفارغ الصبر يشعرون بخيبة أمل. عملية الإفراج جاءت تنفيذًا لقانون أصدره الكونغرس يلزم وزارة العدل بنشر المواد المتعلقة بالقضية، إلا أن عدداً كبيراً من الصفحات شُطّبت جزئياً أو لم تُنشر على الإطلاق.
الطابع العام للمستندات وأسباب الحجب
أوضحت الوزارة أنها حذفت معلومات قد تكشف هوية أكثر من 1,200 ضحية أو أقاربهم، كما استبعدت مواد تظهر إساءات جنسية للأطفال أو عنفاً جسدياً، وأي سجلات قد تُعرّض تحقيقاً فيدرالياً قائماً للخطر أو وثائق مصنَّفة ذات علاقة بالدفاع الوطني أو السياسة الخارجية. وفي منشور على منصة X قالت الوزارة إنها «لا تحجب أسماء أي سياسيين» ما لم يكونوا من الضحايا، وأن الشطب نفّذ «وفقاً للقانون فحسب».
محتويات بارزة أُفصحت عنها
من بين ما نُشر صور لغيسلين ماكسويل أمام داونينغ ستريت، وثيقة تدّعي أن إبستين قدّم فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً إلى الرئيس دونالد ترامب في مار‑آ‑لاجو، وصور متعددة للرئيس الأسبق بيل كلينتون. كما تضمنت المجموعة صوراً لداخل منازل إبستين وسفراته إلى الخارج، وصوراً لعدد من المشاهير بينهم أندرو مونتباتن-وندسور، ميك جاغر، مايكل جاكسون، ديانا روس، وبيتر مانديلسون.
تنويه قانوني: الظهور في الملفات ليس إثباتاً للذنب
الوجود كاسم أو صورة في هذه المستندات لا يمثل دليلاً على ارتكاب جرم؛ كثيرون الذين ذُكروا أو ظهروا في تسريبات سابقة نفوا ارتكاب أي خطأ.
ردود الفعل السياسية والقانونية
نواب، بينهم الديمقراطي رو خانا والجمهوري توماس ماسي، عبّروا عن استيائهم واعتبروا الإصدار «ناقصاً»، وأشاروا إلى خيارات قانونية مثل المساءلة أو اتهامات ازدراء الكونغرس أو إحالة أمور للنيابة. كما طالبوا الوزارة بتقديم سجلات تفصيلية تبيّن أسباب كل عملية شطب، وهو ما ينص عليه القانون خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ النشر.
محامون ونشطاء الضحايا
أعرب بعض الخبراء القانونيين عن دهشتهم من كم المواد المشطوبة، محذرين من أن الشطب الواسع قد يغذي نظريات مؤامرة. قال جون داي، محامٍ للدفاع الجنائي، إن هذا «سيغذي النار» بين المؤمنين بالمؤامرات، وإن عدد الشطوبات فاق توقعات الجميع. وفي المقابل، أكدت رسائل من مدّعين فيدراليين أن حماية خصوصية الضحايا تبرر حتى شطب وجوه نساء في صور حين يصعُب تمييز من منهن ضحية ومن لست كذلك، وأن الإدارة فضّلت في الإطار الزمني المضغوط أن تميّل إلى جانب الحماية.
ضحايا يطالبون بالكشف الكامل
ناجيات من انتهاكات إبستين، منهن ليز ستاين، طالبن بالكشف الكامل عن الملفات واشتكين من ما وصفنه «تأجيلاً للإفصاح وتقديم معلومات ناقصة بلا سياق». أعربت بعض الناشطات عن خشية أن تكون الرغبة العامة في الكشف عن الأدلة مختلفة حين يطّلع المعنيون فعلاً على محتوى الملفات.
آراء دولية وشخصيات عامة
البارونة هيلينا كينيدي، محامية حقوق إنسان في المملكة المتحدة، قالت إن السلطات قلقة بطبيعتها من «تعريض الأشخاص لمزيد من التشويه العام»، وأوضحت أن بعض الناجيات ربما يُبدين حماساً لنشر المواد لكن شعورهن قد يتغير عند معرفتهن للمحتوى الدقيق.
موقف البيت الأبيض وبيان وزارة العدل
بعد الإصدار، وصف البيت الأبيض إدارة ترامب بأنها «الأكثر شفافية في التاريخ» وزعم أنها قامت «بالمزيد للضحايا مما فعل الديمقراطيون». من جهته، قال تود بلانش، نائب المدعي العام، إن الوزارة لن تحجب مستندات لمجرد تكرار اسم دونالد ترامب أو أي اسم آخر مثل بيل كلينتون أو ريد هوفمان، وأنه لا توجد «محاولة لعدم نشر شيء بسبب وجود اسم شخص مشهور». وأضاف أن الأسماء الشهيرة المرتبطة بإبستين لن تُحجب ما لم تكن تلك الأسماء لأشخاص ضحايا.
خلاصة
الإفراج عن آلاف الصفحات كشف جزءاً من شبكة علاقات وأدلة بصرية ووثائقية، لكنه ترك تساؤلات واسعة حول مدى اكتمال النشر وسبب الشطوبات المكثفة. الضحايا والمشرّعون والقانونيون يطالبون بمزيد من الشفافية، بينما تؤكد وزارة العدل أنها التزمت بالقانون في حماية الضحايا—وهو ما قد لا يطفئ الجدل أو يردّ على كل الأسئلة المعلقة.