دبي — قبل يوم من المواجهة المرتقبة بين الهند وباكستان في كأس آسيا 2025، تبدو القصة كحكاية فريقين على طرفَي نقيض من مقياس الضجيج الإعلامي والسياسي، حيث غدا الحدث محاطًا بهالة سياسية طاغية جعلت لعبة الكريكيت وكأنها مجرد فاصل ثانوي.
التغطية الإعلامية المكثفة حوّلت المباراة إلى ساحة لتبادل الرسائل الرمزية أكثر من كونها محفلًا رياضيًا محضًا.
جمهورية الهند: الاحتراف في وجه العواطف
أُرسل ريان تن دوسخات، مساعد مدرب الهند، ليتعرّض لسيل من الأسئلة في المؤتمر الصحفي الذي سبق المواجهة. اللاعب الدولي السابق عن هولندا وجد نفسه مطالبًا بتفسير مدى تأثر اللاعبين بالمنسوب العالي من المشاعر الشعبية بعد التوترات التي أعقبت الصراع الذي استمر أربعة أيام في مايو، والذي أوصل العلاقات بين البلدين إلى حافة التصعيد.
على عكس مؤتمر ما قبل البطولة الذي طُلب فيه من الصحفيين تجنُّب الأسئلة السياسية، كان مؤتمر السبت أثقل في ثيماته السياسية وأخف في زواياه الفنية. تن دوسخات، المنتدب للتحدث باسم الطاقم التدريبي الهندي، طُلب منه أن يوضّح حالة عقلية اللاعبين وما إذا كانت الأجواء المتشنجة في الوطن ستترك أثرًا على أدائهم.
قال: «سيلمس ذلك عقول اللاعبين، الذين يتقاسمون مشاعر التعاطف نفسها مع الجمهور الهندي»، لكنه حرَص على التأكيد: «عليهم أن يجعلوا المشاعر خلف ظهورهم حين يدخُلون الملعب». وأضاف أن هذا الموضوع نوقش بوضوح داخل غرفة الملابس وفي اجتماعات الفريق: «نحن نعرف مشاعر المشجعين، لكن اللاعبين مضطرون أن يلعبوا لبلادهم، فسيكونو محترفين ومركّزين قدر الإمكان في ظل الظروف».
ورغم أن الحديث انحرف بين الحين والآخر إلى تشكيلة الهند وخطة التعامل مع فريق باكستان المتجدد، ظل جزء من الإعلام يحاول ربط الرياضة بالاحتجاجات وموضوع حماية اللاعبين من الضجيج الخارجي. تعامُل تن دوسخات مع الأسئلة الدقيقة كان حذرًا، لكنه لم يغلق الباب أمام الاستفسارات المتواصلة، بل نقل أيضًا رسالة غوتام جامبهير إلى غرفة الملابس: «التركيز على الاحتراف، لا تضيّع الوقت في الأمور خارج نطاق سيطرتنا، ونسعى لأن نتعامل مع الجانب الفني بلا عواطف».
خلال اختتامه، لفت: أسلوب أداء المنتخب يوم المباراة سيعكس كيف يشعر اللاعبون تجاه وطنهم.
باكستان: التهوين والتعبير عن براغماتية
ذهب المنتخب الباكستاني في اتجاه معاكس في تعامله مع الإعلام، فاختار إرسال سايم أيوب، الشاب الهادئ، لتلقّي الأسئلة الحادة والتي حاولت أن تلبس طابعًا سياسيًا. أيوب ردّ على رواسب الخيبات الأخيرة بعبارة ترددت على ألسنة الرياضيين: «الماضي انتهى».
لم تستطع باكستان أن تهزم الهند منذ أكتوبر 2021 في جميع الصيغ، حين قاد بابر أعظم ومحمد رضوان الفوز بفارق عشر ويكيتات. أيوب، الذي لم يلعب من قبل ضد الهند وهو لم يملك ذكريات تذكِّره بمقاعد الاحتياط في مباراة كأس العالم T20 2024، اكتفى بمزحة سريعة: «كان يمكنني أن أجيب أفضل لو سألتموني العام الماضي».
كأحد الافتتاحيين، يعاني أيوب من تذبذب في الأداء منذ عودته من الإصابة هذا العام؛ ففي 15 خرجة له في مباريات T20 الدولية منذ مايو، سجل أربع مرات 40 نقطة أو أكثر، كان واحدة منها فقط في سلسلة ثلاثية الأطراف بالإمارات. تعامله مع النقد جاء بابتسامة واستخلاص منطقي: «لا يمكن أن يُتوقَّع من لاعب واحد أن يفوز في كل مباراة. الفريق مكوَّن من 11 لاعبًا، ونحاول أن يقف كل لاعب في يومه. كل ما نستطيع أن نقدمه هو أقصى ما عندنا ونأمل أن تبتسم النتائج لنا».
وعند سؤالِه عن حجم الضجيج قبل المواجهة وهل يمكن أن يولِّد توترًا على أرض الملعب، وصفها بـ«مجرد مباراة كريكيت أخرى»: «قد تكون حدثًا كبيرًا بالنسبة للبعض، لكنّها بالنسبة إلينا مباراة أخرى نحتاج أن نحسّن فيها أداءنا».
الخلاصة والرهان
فريقان يأتوان ــ أحدهما يتكئ على خطاب ضبط النفس والاحتراف، والآخر على التقليل من رمزية الحدث والتأكيد على الروتين الرياضي. باكستان بقيادة جديدة على القبضة والقيادة الفنية تسعى لكسر النمط الهزائمي، والهند تسعى لاكتساب الفوز الذي لا يرضي اللوحة الفنية فحسب بل يهدّئ أيضًا الشغف المتأجج لجماهيرها في الوطن.
لمعتمدون في باكستان على خبرة شاهين شاه أفريدي أمام الهند ليكون عاملًا مؤثرًا يوم الأحد.