بؤر استيطانية إسرائيلية تخنق الحياة الفلسطينية في قرى الضفة الغربية — الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

في يوم صيفي ساحق، امتلأت بيوت أهالي رأس عين العوجا برائحة تعفن تلوّنت بين الغرف. قال السكان إن مستوطنين قطعوا، وليس للمرة الأولى، خطوط الكهرباء التي تربط منازلهم بشبكات كهرباء خارج الشبكة بنوها بمساعدة منظمات إنسانية، ففسدت المواد الغذائية في ثلاجاتهم.

لطالما منعت السلطات الإسرائيلية هذه الجماعة الفلسطينية وغيرها في المنطقة (ج) من الوصول إلى خدمات أساسية مثل الماء والكهرباء والصرف الصحي، وتواجه معظم هذه التجمعات أوامر هدم متزايدة. عادة ما تبرر إسرائيل تلك الأوامر باتهامات البناء دون تراخيص، مع أن الحصول على تراخيص يصبح شبه مستحيل.

الجيش الإسرائيلي لم يرد على طلب التعليق المتعلق بهذا التقرير.

بحسب الغوانمة، يقوم مستوطنون من ثلاثة بؤر محيطة — أقيمت جميعها خلال العامين الماضيين — بقطع منظومات الكهرباء خارج الشبكة «خمس أو ست مرات في الأسبوع».

في العام الماضي، حرم المستوطنون البدو من الوصول إلى عين العوجا، التي يعتمد عليها السكان لرعاية قطعانهم ولأغراض الشرب. وتشير تقارير السكان المحلية إلى أن القوات الإسرائيلية سمحت للمستوطنين بمنع الوصول إلى العين.

الآن، أُغلقت كل الأراضي التي كان يرعى فيها السكان مواشيهم، مما اضطرهم إلى إبقاء قطعانهم محبوسة داخل الحظائر.

إبراهيم كعابنة، في الخامسة والثلاثين من عمره، لم يبقَ لديه سوى أربعون من الأغنام والماعز بعد أن كان يملك حوالى 250؛ قال إنه اضطر لبيع معظم قطيعه بعدما تعرّضا هو وأقرباؤه لهجوم من المستوطنين العام الماضي وسُرقت مواشي أقاربه.

«احتجت إلى مال لأطعم ما تبقى من القطيع قبل أن يموت أو يسرقه المستوطنون»، قال ذلك داخل منزله العائلي القاصر الأثاث بينما ينظر أطفاله بهدوء تحت لهيب الصيف.

مع تعرضهم لهجمات إذا أخرجوا قطعانهم للرعي، وحرمانهم من الوصول إلى العين وكذلك من شبكات المياه المتصلة بالمستوطَنات الإسرائيلية، بات كعابنة يدفع نحو ٢٠٠ شيقل يومياً على العلف لدوابه، ويضطر لشراء صهاريج مياه كل يومين.

يقرأ  الشرطة تستأنف قرار محكمة الصلح بالسماح لأوريتش بلقاء رئيس الوزراء

«حتى المواشي التي ما زالت لدينا لا نشعر أنها لنا»، قال. «في أي لحظة قد تُسرق، وفي أي لحظة قد تتعرض لهجوم».

يعيش كعابنة على بُعد نحو 200 متر من بؤرة استيطانية ثانية أقيمت قبل عام؛ تضمّ هذه البؤرة حظيرة من الصفيح يُزعم أنها نُقلت من مجتمع بدوي طُرد سابقاً، وتظهر كمعاينة لما ستكون عليه البؤرة الأحدث مع توسعها، وفق السكان.

البؤرة التي أُنشئت في أغسطس أقرب حتى إلى البدو المقيمين هنا، ما زاد من مخاوف المجتمع الذي يشعر بأنه «مُخنوق» بتقدم المستوطنين. منذ اندلاع الحرب في غزة، أحرق مستوطنون منازل في التجمع وتُوَجّهت لهم اتهامات بالاعتداء على السكان، من بينهم عم كعابنة الذي قيل إنه صدم بجرافة. ويشير الفلسطينيون أيضاً إلى أن المستوطنين يأتون إلى القرية بملابس غير لائقة أو تحت تأثير الخمر.

يقول كعابنة إنه يعاني من الأرق ويخشَى مغادرة منزله حتى لاقتناء الحاجات الأساسية خوفاً على أسرته؛ والنساء والأطفال يتجنبون مغادرة منازلهم لأكثر من ساعة أو ساعتين في المرة الواحدة.

طريق وصول إلى التجمع — بُني بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية كما يفيد لوح إعلاني — أُغلقت مداخلته بسلسلة من الكتل الخرسانية المرسومة عليها أعلام إسرائيل، ويواجه السكان مضايقات مستمرة حتى لإتمام أبسط المهمات اليومية.

«حين نخرج من البيت، نشعر أننا نرتكب خطأ أو ارتكبنا مخالفة»، شرح الغوانمة. «الأطفال والنساء وكل شخص هنا في خوف دائم وفي خطر مستمر عند أي خروج مهما كان السبب ضرورياً».

«ما نعيشه الآن كارثة»، تابع. «التحول من الوصول إلى نحو 20 ألف دونم من الأرض إلى لا شيء، ومن وجود مصدر ماء مجاني إلى فقدانه تماماً، أمر مُنهك ويُقوّض معيشة الناس».

يقرأ  إسبانيا تفرض حظراً على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل

أضف تعليق