بعد محادثات سلام بين إسرائيل وسوريا: لماذا شنت إسرائيل هجومًا على سوريا؟ — تقرير توضيحي

نُشِر في 10 سبتمبر 2025

اتهمت الحكومة السورية إسرائيل بشن سلسلة هجمات على مواقع متفرقة في أنحاء البلاد.

الهجمات التي وقعت فجر الثلاثاء استهدفت مواقع داخل مدينة حمص وحولها في غرب سوريا، إضافةً إلى مواقع في مدينة اللاذقية الساحلية. واعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين هذه الغارات «انتهاكًا صارخًا لسيادة الجمهورية العربية السورية».

خلال السنوات الماضية شنت اسرائيل مئات الهجمات على الأراضي السورية منذ سقوط نظام رئيس الجمهورية بشار الأسد في 8 ديسمبر، وشرعت أيضًا في مصادرة أراضٍ في هضبة الجولان في الساعات الفوضوية التي أعقبت فرار الأسد إلى موسكو. وكان لإسرائيل حملة قصف جوي سرية استهدفت البنية العسكرية السورية، لكن وتيرة الهجمات تصاعدت بشكل واضح منذ اندلاع الحرب على غزة قبل نحو عامين وأكثر بعد سقوط الأسد.

في الأيام الأولى لمرحلة ما بعد سقوط النظام شنّت إسرائيل سلسلة هجمات مدمرة أخلّت ببنية كبيرة من المنشآت العسكرية السورية في محاولة لخلق «منطقة عقيمة» في الجنوب السوري. وفي الأشهر الأخيرة جرت محادثات مباشرة بين دمشق وتل أبيب، وسَعَتْ دمشق، والتي يوصف رئيسها بالأحمد الشراء، إلى استبعاد تطبيع العلاقات، لكن المحادثات تهدف إلى وقف الإجراءات العدائية الإسرائيلية والتوصل إلى اتفاق أمني.

لماذا عادت إسرائيل إلى التصعيد؟ فيما يلي أبرز ما تحتاج لمعرفته:

ما الذي حدث تحديدًا؟
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره المملكة المتحدة، بأن طائرات إسرائيلية استهدفت قاعدة للقوات الجوية في حمص أدت إلى انفجارات هائلة، ولم ترد تقارير مؤكدة عن خسائر بشرية. كما استهدفت مقاتلات إسرائيلية ثكنات عسكرية في اللاذقية دون أن تورد تقارير عن إصابات هناك.

تأتي هذه الضربات بعد هجمات إسرائيلية قرب دمشق أواخر أغسطس أودت بحياة ستة عناصر من الجيش السوري. وأفادت قناة العربية السعودية أن الموقع المستهدف في حمص كان يضم صواريخ وأنظمة دفاع جوي تركية الصنع. وقد باتت تركيا أحد أكبر حلفاء الحكومة السورية الجديدة، وتحدثت تقارير عن اتفاق لتزويد سوريا بأنظمة أسلحة وإمكانات لوجستية تم توقيعه منتصف أغسطس.

يقرأ  مئات النساء حاملات المكانس يشاركن في الاحتجاجات بينما يسافر برابوو إلى الصين

إلى جانب التحسن في العلاقات التركية-السورية، تصاعدت التوترات بين أنقرة وتل أبيب. ومع استمرار إسرائيل حربها على غزة، التي وصفها باحثون دوليون بأنها إبادة جماعية، أغلقت تركيا مجالها الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية ومنعت دخول السفن الإسرائيلية إلى موانئها احتجاجًا على الحرب.

ما الذي يجري بين تركيا وإسرائيل؟
التقارب التركي مع دمشق أثار رد فعل إسرائيليًا. ووجهت لإسرائيل اتهامات بمحاولة تقويض استقرار سوريا عبر إبداء دعم لتطلعات الحكم الذاتي لدى الأكراد والدروز. وقد تحولت العلاقة إلى حرب كلامية متصاعدة، ونعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه «العقبة الأكبر أمام السلام الإقليمي» في حزيران، بعد هجوم إسرائيلي استهدف إيران. وذكرت صحف إقليمية أن نتنياهو يعقد اجتماعات أمنية خشية ازدياد النفوذ التركي في سوريا ويضغط على وسائل الإعلام الإسرائيلية لتصوير مواجهة محتملة مع أنقرة كأمر حتمي.

ماذا تقول دمشق؟
ونقلت الوكالة السورية الرسمية عن وزارة الخارجية وصفها للهجمات بأنها «تهديد مباشر» للأمن السوري والاستقرار الإقليمي. وأكدت الوزارة أن الهجمات الإسرائيلية المستمرة وغير المبررة تشكل «سلسلة من التصعيدات العدائية تجاه الأراضي السورية» وأن الحكومة ترفض أي محاولة للمس بسيادتها أو المس بامنها القومي. ودعت الوزارة الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف واضح وحاسم لوضع حد لهذه الهجمات، واعتبرتها انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي.

وأين موقف إسرائيل؟
لم تُبدِ إسرائيل تعليقًا رسميًا حتى الآن. وفي المقابل استمرت قواتها في توسيع نطاق عملياتها لتشمل سوريا وقطر وغزة ولبنان، كما شنت غارات في الضفة الغربية المحتلة، وسُجّل أيضاً هجوم على أحد قوارب أسطول «الصمود» المتجه نحو غزة قبالة سواحل تونس يشتبه متطوعو القارب بأن إسرائيل تقف وراءه.

هل دفنت محادثات السلام بين سوريا وإسرائيل؟
ليس بالضرورة. كرر مسؤولون سوريون أنهم لا يرغبون في حرب مع إسرائيل. لدى سوريا مشكلات داخلية متعددة على طول الساحل وفي الجنوب وفي الشمال الشرقي مع قوات سوريا الديمقراطية، ناهيك عن اشتباكات متقطعة على الحدود مع لبنان. وتدرك السلطات السورية محدودية قدراتها مقارنة بالقوة التكنولوجية والعسكرية الإسرائيلية، والدعم الدولي القوي الذي تحظى به إسرائيل خصوصًا من الولايات المتحدة، والتي كان لها دور محوري في رفع العقوبات عن سوريا ومنحها فرصة لإحياء اقتصادها.

يقرأ  ظهور قوات الحرس الوطني في واشنطن العاصمة بعدما رفض العمدة «الاندفاع نحو الاستبداد»

أما عند النظر إلى سلوك إسرائيل، فالتجارب السابقة تُظهر أن اتفاقيات وقف إطلاق النار أو التفاهمات المماثلة لم تمنعها دائماً من تنفيذ عمليات عسكرية ضد دول أخرى.

أضف تعليق