بعد مرور عشر سنوات على اتفاقية باريس للمناخ: أين نحن الآن؟

قبلَ عشرِ سنوات تقريبًا، اتَّفقت دولٌ كثيرة في مؤتمرٍ قرب باريس على هدفٍ واحد: كبحُ ارتفاع حرارةِ الكوكب لتفادي أسوأ عواقبه. الفكرةُ الأساسية كانت اعتمادَ التزامات وطنية طوعية لخفض الانبعاثات، مع توقُّع أسرع تقدم من الدول الغنية ومساعدتها للدول الفقيرة على التكيُّف والانتقال للطاقة النظيفة. ماذا تغيّر منذ ذلك الحين؟ إليكم عشرةُ أمورٍ بارزة.

1. الانبعاثات تراجعت، لكن الطريق طويل
خفضٌ ملحوظ في الانبعاثات جعل مسار ارتفاع الحرارة يتراجع بعض الشيء. إذا استمرّ الحال على السياسات الحالية، يُتوقَّع ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بين 2.5 و2.9 درجة مئوية بنهاية القرن، وهو تحسُّن مقارنةً بتوقّعات 2015 التي كانت تصل حتى 3.8 درجة. ومع ذلك، لم تفِ أكبرُ مصادر الانبعاثات — الصين، والولاات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والهند — بكل وعودها، وكلُّ درجة إضافية لها آثار ملموسة على الصحة والزراعة والأمن الغذائي.

2. العقد الماضي هو الأشدُّ حرارةً في السجلات
منذ بدء استخدام الفحم والنفط والغاز على نطاقٍ واسع قبل نحو 150 عامًا، تتصاعد درجات الحرارة. السنوات العشر الأخيرة سجَّلت أعلى درجات حرارةٍ منذ بدء القياسات، وكانت 2024 السنةَ الأكثر سخونةً، مع وفيات ناجمة عن موجات حرٍّ قصوى وإغلاقات مؤقتة لمعالم ونشاطات سياحية في بلدانٍ متعددة.

3. الطاقة الشمسية انتشرت أسرع مما توقّعنا
الطاقة الشمسيّة أصبحت المصدرَ الأكبر لإضافة قدرةٍ كهربائية جديدة لسنواتٍ متتالية، مع قيادةٍ واضحة من الصين في إنتاج الألواح والمكونات، ما أدّى إلى هبوطٍ حادّ في الأسعار. اليوم تراها على شرفات الشقق في ألمانيا وتغطي مساحات شاسعة في صحارى الشرق الأوسط، وتشكّل مع طاقة الرياح أرخص مصادر توليد جديدة في كثير من الأسواق.

4. السيارات الكهربائية صارت أمرًا اعتياديًا
في زمن باريس كانت المركبات الكهربائية الفاخرة نادرة، أما الآن فواحدٌ من كل خمسةِ سياراتٍ مبيعةٍ عالميًا كهربائي. الحافلات المدرسية الكهربائية تقلّ مئات آلاف الأطفال في الولايات المتحدة، والدراجات النارية الكهربائية تنقل الناس في كينيا، وشركات صينية تُنتج مركباتٍ كهربائية في مصانعٍ خارج وطنها.

يقرأ  ترامب يدفع بخطة سلام جديدة خلال محادثاته مع نتنياهو

5. مساهمات الدول الغنية المالية لم تكن كافية
اتُّفق على أن الدول الغنية تساعد الفقيرة ماليًا لتسريع الانتقال الطاقي والتكيُّف، وحددت الدراسات حاجةً عالمية بحجم تريليونات سنويًا. لكن ما قدّمته الدول المتقدمة لا يزال أقلّ بكثير من المطلوب، وتمثّل هذه الفجوة خطرًا على قدرة الدول الأضعف على التعافي من الكوارث المناخية.

6. موقف الفحم متقلب
تراجع استخدام الفحم في دولٍ غنية واضح، وبلدانٌ مثل بريطانيا أغلقت محطاتها الأخيرة، لكن الصين واصلت بناء محطات فحم بأرقامٍ قياسية. هذا التباين يجعل مصير الفحم معقّدًا: تراجع في مكانٍ ونموّ في مكانٍ آخر، مع انعكاسات كبيرة على خريطة الانبعاثات العالمية.

7. الغاز الطبيعي يصعد بدعمٍ أميركي
أصبحت الولايات المتحدة أكبرَ منتج ومصدِّر للغاز الطبيعي المسال خلال العقد الماضي، واستُخدم تصدير الغاز كأداةٍ دبلوماسية وتجارية. الغاز أنظف من الفحم عند الاحتراق لكنه قد يقيد العالم في اعتماد الوقود الأحفوري لسنواتٍ قادمة ويصعِّب الوصول لأهداف خفض الانبعاثات.

8. الغابات تفقدُ قدرتها على امتصاص الكربون
الحرائق، والجفاف، وإزالة الغابات من أجل الزراعة أدّت إلى تراجع قدرة الكثير من الغابات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون. أجزاءٌ من الأمازون اقتربت من نقطةٍ تحولٍ تصبح فيها مصدرًا صافياً للكربون، ومؤشراتٌ مشابهة ظهرت في مناطقٍ استوائية أخرى، ما يضع ضغطًا إضافيًا على جهود التخفيف.

9. تبيّيض الشعاب يتزايد
أصبحت ظواهر تبييض الشعاب متكررةً أكثر وبأحداثٍ عالمية ممتدة، نتيجة ارتفاع حرارة المحيطات. الشعاب مرجعيةٌ للتنوع الحيوي البحري ولسبل عيش ملايين البشر، وتضرّرها يعنِي خسارةً غذائية واقتصادية وبيئية واسعة، رغم أنّ بعض الأنواع تُظهر مقاومةً أكبر مما توقّع العلماء سابقًا.

10. الطلب على الكهرباء في الولايات المتحدة يتصاعد، ويعود جزئيًا للذكاء الاصطناعي
بعد عقودٍ من نموٍّ بطئ في الطلب، بدأ استهلاك الكهرباء الأميركي يرتفع مجددًا ويتوقّع أن يستمر لعقدٍ آخر. جزءٌ من الارتفاع يعود لتشغيل مراكز بيانات ضخمة للذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، ما يطرح تساؤلاتٍ حول أثر البنية التحتية الرقمية على انبعاثات الكوكب.

يقرأ  معاناة الروهينغا: هل نسيها العالم؟أنواع العروض

ماذا يعني كلُّ هذا لـ8 مليارات إنسان؟
الخسائرُ الاقتصادية السنوية الناتجة عن الأضرار المناخية تُقدَّر بتريليونات الدولارات، ويُجبر التغير المناخي شعوبًا ومجتمعاتٍ على التكيُّف—من توريق ملاعب المدارس لتوفير الظلال إلى تغيّر المحاصيل الزراعية وابتكارات محلية للتأقلم. المشكلة الكبرى تبقى شحُّ التمويل الدولي لمساعدة الدول الأكثر عرضةً، وتقلُّص بعض مصادر الدعم في السنوات الأخيرة، مما يزيد من هشاشة المجتمعات المعرضة.

الخلاصة: هناك تقدمٌ في بعض المجالات—كالطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية—لكن الانتصار على أزمة المناخ يتطلّب تسريع الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري، تمويلًا ملائمًا للدول الضعيفة، وتعزيز سياساتٍ عالمية فعّالة تلائم حجم التحدّي.

أضف تعليق