شنت روسيا حملة مكثفة من الضربات الصاروخية والطائرات من دون طيار استهدفت بنية الطاقة التحتية في اوكرانيا، ما أدى إلى انقطاع التيار في مناطق واسعة من البلاد وإدخال تحويلات انقطاع طارئة على مستوى شبه كامل للولايات الأوكرانية.
ستكون هذه الشتوات الرابعة على التوالي التي تشهد انقطاعات كهربائية في اوكرانيا منذ إطلاق روسيا حملتها الشاملة في شباط/فبراير 2022. وأفادت وزارة الطاقة بأن جميع الأقاليم باستثناء اثنين تضررت؛ المنطقة الشرقية في دونيتسك، المتقدمة في جبهة القتال، استثنيت من الإجراء، بينما تعاني منطقة تشيرنيهيف الشمالية انقطاعات متكررة على أساس ساعي.
وبجانب استهداف شبكة الكهرباء، كثفت روسيا ضرباتها للسكك الحديدية الأوكرانية؛ وفي المقابل كثفت أوكرانيا هجماتها على مصافي النفط الروسية داخل المناطق الحدودية وخارجها. اشتعل مخزون نفطي في شبه جزيرة القرم — التي ضمّتها موسكو بصورة غير قانونية عام 2014 — لثلاثة أيام متواصلة بعد هجوم درونين أوكرانيين خلال أسبوع على ما يبدو. محطة النفط البحرية في فيدوسياا هي الأكبر في القرم وتُعد حلقة لوجستية مهمة للقوات الروسية العاملة في اوكرانيا.
نشرَت قنوات أوكرانية على تيليغرام صوراً للحريق، وقال ركن الأركان العام للقوات المسلحة الأوكرانية يوم الأربعاء إن 16 خزان وقود تَضَرَّرَت وما زال حريق واسع النطاق مستمراً. وأدى تصاعد الهجمات بطائرات مسيرة على المصافي والأنابيب إلى نقص في الوقود وارتفاع في الأسعار في أجزاء من روسيا — تطور يأمل القادة الأوكرانيون أن يضع ضغطاً على جهود الحرب الروسية ويدفع الكرملين نحو طاولة المفاوضات.
ووفق أرقام وكالة الطاقة الدولية، خفّضت الضربات صادرات الوقود الروسية إلى أدنى مستوى منذ بدء الحرب. وقالت وزارة الطاقة الأوكرانية إن قيوداً طارئة فُرِضت “بسبب الوضع المعقّد”، مؤكدة أن أعمال صيانة وإصلاح طارئة جارية في جميع المناطق المتضررة. وطالبت شركة تشغيل الشبكة “أوكرينيرغو” المستهلكين الذين لا تزال لديهم كهرباء بأن يقتصدوا في استخدامها.
ومن المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة في أجزاء من اوكرانيا إلى نحو 3 درجات مئوية خلال الليلة التي تمتد إلى يوم الخميس، وقالت شركة الكهرباء في ليفيف إن حالة الطوارئ حالت دون إمكانية تحذير المستهلكين مسبقاً عن انقطاع التيار.
تقول موسكو إن هجماتها على البنية التحتية للطاقة تهدف إلى أهداف عسكرية، لكن ملايين المدنيين تضرروا فعلاً من الانقطاعات خلال الأسابيع الأخيرة. ففي ليلة واحدة فقط، في 9–10 تشرين الأول/أكتوبر، تسببت هجمات صاروخية وبدرونات مجتمعة في انقطاع التيار في تسع مناطق امتدت من خاركيف وسومي في الشمال إلى أوديسا في الجنوب.
اتهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي موسكو بمحاولة “إحداث فوضى وممارسة ضغوط نفسية على السكان عبر ضرب المنشآت الطاقية والسكك الحديدية”. وطالبت كييف منذ زمن طويل بتزويدها بأسلحة طويلة المدى تتيح لها ضرب أهداف داخل روسيا، وتعهد زيلينسكي هذا الأسبوع بأن تُستخدم الأسلحة بعيدة المدى على أهداف عسكرية فقط لا استهداف المدنيين.
وقد تريث حلفاء الغرب في تقديم أسلحة بعيدة المدى خشية أن يُفضي ذلك إلى تصعيد النزاع. وجددت موسكو تحذيرها بأنها ستعتبر استخدام أسلحة غربية لضرب روسيا “مشاركة مباشرة” لدول الناتو في الحرب، مع أن “الخطوط الحمراء” التي حدّدت للخضوض بهذه الصلاحيات قد تم تجاوزها بالفعل من دون عواقب واضحة.
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعرب مراراً عن نفاد صبره تجاه تقاعس روسيا عن إنهاء الحرب، إنه يدرس تزويد كييف بصواريخ توماهوك، ومن المقرر أن يلتقي بزيلينسكي في الولايات المتحدة يوم الجمعة. وفي قمة للناتو يوم الأربعاء قال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسِث إن الولايات المتحدة وحلفاءها “سيفرضون كلفة على روسيا لعدوانها المستمر” إذا لم يتوقف الحرب في أوكرانيا، مؤكداً أن واشنطن مستعدة للقيام بدورها “بطرق لا تستطيع دول أخرى القيام بها”، داعياً دول الحلف إلى المساهمة في برنامج قائمة المتطلبات ذات الأولوية لأوكرانيا (PURL) الذي يشترى من خلاله الحلفاء أسلحة أمريكية تُرسل بعد ذلك إلى كييف.
وأعلنت عدة دول بالفعل مشاركتها في البرنامج: قالت ألمانيا يوم الأربعاء إنها ستنفق 500 مليون دولار على تسليح لأوكرانيا، بينما تعهدت هولندا والدول الإسكندنافية مجتمعة بمليار دولار. ولا تزال كييف تعتمد على تبرعات الأسلحة الغربية لدفع القوات الروسية إلى التراجع، رغم أنها طوّرت صناعة دفاع محلية متنامية.
وأظهر بحث نشره معهد كايل في ألمانيا هذا الأسبوع أن المساعدات العسكرية المرسلة إلى اوكرانيا انخفضت بنسبة 43% مقارنة بالنصف الأول من العام.