شهدت مدن بلغاريا احتجاجات واسعة — الأكبر منذ عقود — بعد عرض مشروع ميزانية 2026 المثير للجدل، ما دفع الحكومة إلى الإعلان عن سحب المشروع عقب مسيرات ضخمة ليل الاثنين في العاصمة صوفيا ومدن أخرى في أنحاء البلاد.
انضم عشرات الآلاف إلى الاحتجاجات معبرين عن رفضهم لمسودة الميزانية التي اعتبروها محاولة للتغطية على انتشار الفساد في مؤسسات الدولة. اندلعت اشتباكات مع الشرطة عندما هاجم عدد من المحتجين المقنعين مقرات حزب الجِرِب الحاكم ومكاتب حزب DPS في صوفيا.
أفادت الحكومة يوم الثلاثاء بأنها ستتخلى عن الخطة، التي كانت تتضمن أيضاً زيادات ضريبية، وذلك بعد احتجاجات مماثلة اندلعت الأسبوع الماضي عند عرض المسودة الأولى على البرلمان. وستكون ميزانية العام المقبل أول ميزانية تُعتمد باليورو، حيث تنضم بلغاريا إلى منطقة اليورو في الأول من يناير، فيما تباينت آراء الجمهور بشأن تبنّي العملة الأوروبية وسط مخاوف من موجة تضخمية حادة في واحدة من أفقر دول الاتحاد الأوروبي.
تكررت المظاهرات المناهضة للفساد في بلغاريا التي شهدت منذ 2020 حكومات قصيرة الأمد، بعد احتجاجات أطاحت بتحالف آخر بزعامة حزب الجِرِب. وأظهرت لقطات جوية حشداً كبيراً أمام البرلمان في صوفيا، في تظاهرة تعتبر الأكبر في العاصمة منذ سنوات، حيث امتلأت ساحة واسعة أمام مبنى البرلمان بمحتجين يحملون لافتات تطالب بتغيير قيادات البلاد. وشهدت مدن أخرى مثل بلوفديف و فارنا وبورغاس و بلاقويفغراد احتجاجات بارزة أيضاً.
وانتقد المعارضون مسودة الميزانية لأنها كانت تنص على رفع مساهمات الضمان الاجتماعي وزيادة ضريبة الأرباح الموزعة (الدفندند) لتمويل نفقات أعلى، إضافة إلى تساؤلات عن الفساد في الدولة. قالت فينتسيلافا فاسيليفا، طالبة تبلغ من العمر 21 عاماً لوكالة فرانس برس: “نحن هنا لنحتج من أجل مستقبلنا. نريد أن نكون دولة أوروبية، لا أن تُحكم بالفساد والمافيا”.
أُوقف أكثر من سبعين شخصاً بعد هجوم بعض المحتجين المقنعين على مقرات الأحزاب السياسية، حسبما صرح وزير الداخلية ليوبومير نيكولوف. وأظهرت مشاهد احتراق حاويات قمامة وكسر نوافذ واحتكاك مع قوات الأمن المدججة بمعدات الشغب.
دعا الرئيس رومن راديف إلى وقف العنف ووصَفه بأنه “استفزاز من المافيا”، وحث الجميع على احترام القانون. وقال قبل سحب الميزانية: “الاستفزازات لا تغيّر الواقع: الشعب البلغاري قال لا لهذه الحكومة. لا مخرج إلاّ الأستقالة والانتخابات المبكرة.” ويشغل راديف منصب رئيس الدولة بسلطات رمزية في الغالب.
تقود الحكومة حالياً رئيسة الحكومة روزن زيليزكوف، الذي شكّل ائتلافاً أقلَويّاً في يناير 2025 بعد فوز حزب الجِرِب في انتخابات أكتوبر 2024 بلا أغلبية واضحة. كان لجنة برلمانية قد أقَرّت مسودة الميزانية في 18 نوفمبر، لكن زيليزكوف أعلن لاحقاً تأجيلها لإفساح المجال لمزيد من التشاور مع أحزاب المعارضة والنقابات وأرباب العمل.
بعد احتجاجات الاثنين، أصدرَت حكومة زيليزكوف بياناً مقتضباً أعلنت فيه سحب المسودة وبدء إجراء ميزاني جديد. وطالبت أحزاب المعارضة الحكومة بالاستقالة، قائلة إن سحب المسودة لا يكفي، وفقاً لتقارير إعلامية محلية.