بماذا تختلف المناورات الحربية الصينية الجديدة حول تايوان عن التدريبات السابقة؟ أخبار عسكرية

مهمة العدالة 2025 — ملخّص الأحداث والتداعيات

أجرت الصين تدريبات عسكرية استمرت يومين تحت اسم “مهمة العدالة 2025” قرب سواحل تايوان، في سادس جولة من مناورات واسعة النطاق منذ زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي آنذاك نانسي بيلوسي إلى الجزيرة عام 2022. شملت الحملة خلال يومها الثاني عشر ساعة من تدريبات إطلاق نار حي، وركّزت على محاكاة تطويق الجزيرة وفرض حصار على موانئها الرئيسية.

سير المناورات
أعلن متحدث قيادة المسرح الشرقي للشعبية جي شيي أن المناورات انطلقت من مياه ومجال جوي شمالي وجنوبي غربي وجنوبي شرقي وشرقي للجزيرة الرئيسية. شاركت في التدريبات فرقاطات ومدمرات بحرية، وطائرات مقاتلة وقاذفات، وطائرات مسيرة، وصواريخ بعيدة المدى، في سيناريوهات تهدف إلى اقتناص السيطرة على المجال الجوي لتايوان، وحصار موانئها، وتوجيه ضربات إلى بنى تحتية حيوية، وأهداف برية متحركة وأهداف بحرية.

كما شملت التمارين محاكاة حصار موانئ كيلونغ وكاوهسيونغ. أما عمليات إطلاق النار الحي فجرِت في خمس مناطق حول الجزيرة بين الساعة 8 صباحاً و6 مساءً بالتوقيت المحلي (00:00–10:00 بتوقيت غرينتش)، وأظهرت لقطات عسكرية على وسائل التواصل إطلاق صواريخ بعيدة المدى نحو المياه المحيطة بالجزيرة. وذكرت خفر السواحل التايواني أن سبع صواريخ أُطلقت في منطقتي تدريب محيطيتين.

وصرّح وزراة الدفاع التايوانية أنها راقبت 130 طلعة جوية لطائرات صينية و14 سفينة بحرية وثماني “سفن رسمية” خلال الفترة من الساعة 6 صباح الاثنين حتى 6 صباح الثلاثاء. واجتازت 90 من تلك الطلعات منطقة تعريف الدفاع الجوي لتايوان، في ثاني أكبر اختراق من نوعه منذ 2022.

مبررات ونمطية التدريبات
وصف باحث في مركز تايوان لدراسات الأمن، خاييمي أوكون، مناورات “مهمة العدالة 2025” بأنها الأكبر منذ 2022 من حيث المساحة التي غطتها. أشار إلى أن المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية المحيطة بالجزيرة كانت واسعة جداً وخرقت فعلياً المياه الإقليمية ضمن نطاق 12 ميلاً بحرياً، ما يمثل تصعيداً ملحوظاً مقارنة بالتدريبات السابقة. كما اختلفت هذه الجولة بوضوح في تركيزها على فرض الحصار، رسالة موجهة إلى تايبه وحلفائها غير الرسميين، وخاصة الولايات المتحدة واليابان.

يقرأ  رئيس وزراء نيبال مُجبر على الاستقالةوالبرلمان يُضرم فيه النار وسط احتجاجات داميةأخبار الاحتجاجات

وشرح المحللون أن الهدف العملي من إظهار قدرة بكين على تنفيذ استراتيجية منع وتقييد الوصول (A2/AD) هو إظهار القدرة على قطع تايوان عن العالم وجعل تدخل أطراف ثالثة مثل اليابان والفلبين أو الولايات المتحدة صعباً أو مستحيلاً. ولهذا الحصار تبعات مباشرة على تسليم أنظمة السلاح وعلى واردات حيوية مثل الغاز الطبيعي والفحم التي تعتمد عليها الجزيرة في تلبية احتياجاتها الطاقية، كما يعرّض ممرات الشحن العالمية عبر مضيق تايوان للتعطيل.

تداعيات دبلوماسية وزيادة التوتّر
جاءت مناورات “مهمة العدالة 2025” بعد أيام فقط من موافقة واشنطن على صفقة أسلحة قياسية بقيمة 11.1 مليار دولار لتايوان. ووصفت وزارة الخارجية الصينية التدريبات بأنها إجراء عقابي وردعي ضد “قوى الانفصال” المدعومة عسكرياً، وضروري لحماية سيادة الصين وسلامة أراضيها، كما فرضت بكين عقوبات على 30 شركة وفرداً أمريكياً على خلفية صفقة الأسلحة.

وربط خبراء هذه المناورات أيضاً بتصعيد دبلوماسي منفصل مع اليابان عقب تصريحات لرئيسة الوزراء اليابانية سناي تاكايشي، اعتبرت فيها أن هجوماً على تايوان سيكون تهديداً لبقاء اليابان ويبرّر تفعيل “الحق في الدفاع الجماعي” والنشر العسكري الياباني، مما أثار حفيظة بكين.

رد تايوان والآثار المدنية
أدى التحليق المكثف وإغلاق مناطق تدريب إلى إلغاء أكثر من 80 رحلة داخلية وتحذير من تأخر أو إعادة توجيه أكثر من 300 رحلة دولية بسبب تغييرات مسارات الطيران أثناء تدريبات الإطلاق الحي. وقالت وزارة الدفاع التايوانية إن خفر السواحل راقب التدريبات حول الجزر النائية، كما تم نشر عدد غير معلَن من الوحدات البحرية بالقرب من المناطق المتأثرة.

خلاصة
تجسد مناورات “مهمة العدالة 2025” تصعيداً نوعياً في نطاقها ومحتواها، مع تركيز خاص على قدرات الحصار ومنع التدخل الخارجي، وتأتي في سياق توتر إقليمي أعقبه تصعيد دبلوماسي وعسكري مرتبطان بمبيعات الأسلحة والحوارات الدولية حول مستقبل تايوان. المنقطة والاستراتيجية لهذه التدريبات تشير إلى مزيد من التعقيد في الموازين الأمنية الإقليمية. تابعت تايبه أيضاً جميع التعديات على منطقة الدفاع الجوي المعلنة لديها، بما في ذلك مضيق تايوان وأجزاء من السواحل الصينية والمياه المحيطة بتايوان.

يقرأ  أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي يبحثون عن مخرج من الإغلاق خلال جلسة نادرة في عطلة نهاية الأسبوع — أخبار

في بيان يوم الثلاثاء، قال وزير الدفاع ويلينغتون كو: «الأفعال الاستفزازية الشديدة التي تقوم بها بكين تقوض السلام والاستقرار الإقليميين بصورة كبيرة، وتمثل كذلك خطراً أمنياً ملموساً وتعطُّلاً لمسارات السفن والأنشطة التجارية ومسارات الرحلات الجوية».

ووصف كوّ التدريبات بأنها شكل من أشكال “الحرب المعرفية” التي تهدف إلى استنزاف القدرات القتالية لتايوان عبر مزيج من الوسائل العسكرية وغير العسكرية، وإلى خلق انقسام وصراع داخل المجتمع التايواني من خلال استراتيجية نشر الفتنة.

كيف ردّت الولايات المتحدة على المناورات؟

حتى الآن ظلّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متحفظاً، قائلاً للصحفيين يوم الاثنين إنه “غير قلق”. وأضاف: «لدي علاقة جيدة مع الرئيس شي، ولم يُخبرني بأي شيء بخصوص ذلك»، وتابع: «لا أعتقد أنه سيفعل ذلك»، في إشارة على ما يبدو إلى احتمال شن عمل عسكري فعلي ضد تايوان.

قال وليام يانغ، المحلل البارز لشؤون شمال شرق آسيا في مجموعة الأزمات الدولية، للجزيرة إن ترامب قد يتجنّب الإدلاء بتصريحات واسعة حول مناورات “مهمة العدالة 2025” لأنه يأمل لقاء الرئيس شي جين بينغ في أبريل لمناقشة صفقة تجارية بين الولايات المتحدة والصين. وأضاف يانغ: «إنها استراتيجية دبلوماسية لضمان أن الرد الأمريكي لن يزعزع فورياً الهدنة التجارية المؤقتة بين البلدين».

«أعتقد أن ذلك يتوافق إلى حد كبير مع الأسلوب الذي يتعامل به هو شخصياً وإدارته مع قضية تايوان، من خلال محاولة تقليل الأولوية للبيانات العلنية»، ختم يانغ.

أضف تعليق