ألكسندر نيمينوف/أ.ف.ب
أقرّ فلاديمير بوتين في حوار تلفزيوني ماراثوني استمر قرابة أربع ساعات ونصف بأن روسيا لن تخوض حروباً إضافية بعد أوكرانيا «إذا عاملتمونا باحترام»، مؤكِّداً أن الادعاءات القائلة إن موسكو تخطط لمهاجمة دول أوروبية «هراء». في اللقاء، الذي جمع أسئلة الجمهور والصحفيين من أنحاء روسيا بينما كان الرئيس يجلس تحت خريطة ضخمة تضمّ مناطق احتلالية في أوكرانيا بما في ذلك القرم، كرّر بوتين مطلباته الأساسية وشروطه لوقف القتال، من دون تقديم تنازلات واضحة.
سُئل من قبل مراسل بي بي سي ستيف روزنبرغ عما إذا كانت ستكون هناك «عمليات عسكرية خاصة» جديدة — التعبير الذي يستخدمه الكرملين للإشارة إلى الحرب الشاملة — فأجاب أن «لن تكون هناك عمليات إذا أحترمتمونا، إذا احترمتم مصالحنا كما حاولنا دائماً احترام مصالحكم». وأضاف شرطاً قائلاً: «إذا لم تغدروا بنا كما غدرتم معنا بتوسع الناتو شرقاً».
استعاد بوتين الاتهام المتكرر بأن الغرب تراجع عن وعد مزعوم قُدم لغورباتشوف في أوائل التسعينيات، على الرغم من إنكار غورباتشوف لاحقاً أن مثل هذا الوعد قد سُجل. وادّعى الرئيس أن القوات الروسية تحقق تقدّماً على خط الجبهة في أوكرانيا، مستهجناً زيارة فولوديمير زيلينسكي إلى خط القتال في كوبْيانسك الأسبوع الماضي، التي خيّبت ادعاءات موسكو بشأن سيطرتها على المدينة.
على صعيد تسوية محتملة، كرّر بوتين شروطه التي طرحها في خطاب يونيو 2024: انسحاب القوات الأوكرانية من أربعة أقاليم جزئياً تحت احتلال روسيا، وتوقّف كييف عن السعي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. ومن أبرز مطالب موسكو السيطرة الكاملة على دونباس الشرقية، بما في ذلك نحو 23% من منطقة دونيتسك التي لم تستطع روسيا احتلالها بالكامل.
اقتصادياً، تناول بوتين تبعات تراجع النمو وارتفاع الأسعار، مع زيادة ضريبة القيمة المضافة من 20 إلى 22% اعتباراً من الأول من يناير. وردّ على شكوى مواطن طالبه بوقف «الارتفاع الجنوني في الأسعار»، في حين أعلنت مصارف روسيا المركزية أثناء حديثه عن خفض سعر الفائدة إلى 16%. أشار بوتين إلى أن فريقه سيفحص مصادر طاقة بديلة وأنه «سيبقي ياكوتيا في الحسبان» رداً على شكوى من صحافية من ياكوتيا بشأن ارتفاع تكاليف الطاقة. (ملاحظة: لفظ اقتصادي ورد هنا مع خطأ مطبعي شائع — الاقتضاد.)
ادّعت قناة التلفزيون الحكومي أن أكثر من ثلاثة ملايين سؤال وردت إلى الحدث، الذي غلب عليه الطابع المُنسّق. مع ذلك، عُرضت على الشاشة تعليقات نقدية من الجمهور وصحفيين، من بينها وصف الحدث بأنه «سيرك»، وشكاوى من انقطاع الإنترنت، وانتقادات لجودة مياه الصنابير. قال المسؤولون إن انقطاعات الإنترنت المحمول نُسِبت إلى هجمات بطائرات مسيّرة أوكرانية.
في ملف الأمن والطاقة، أعلنت خدمة الأمن الأوكرانية (SBU) أنها ضربت للمرة الأولى ناقلة نفط تعمل ضمن «الأسطول الظلي» الروسي في البحر المتوسط؛ وأكد بوتين أن الضربة لن تفضي إلى النتيجة التي تصبو إليها كييف ولن تعرقل صادرات روسيا.
أما المشهد الدبلوماسي، فشمل إشارات إلى محادثات جارية في ميامي بين وفد أوكراني وموفد ترامب ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر، بحضور مسؤولين ألمان وفرنسيين وبريطانيين بعدما التقوا بمسؤولين أميركيين في برلين. وتوقع بعض التقارير وصول مبعوث الكرملين كيريل ديميترييف إلى ميامي خلال عطلة نهاية الأسبوع. بوتين قال للبي بي سي إنه مستعد للعمل مع الغرب «كأنداد» وبـ«احترام متبادل»، وإن روسيا مستعدة لوقف الأعمال القتالية فور ضمان أمنها متوسط وطويل الأمد، مقترحاً كذلك أن يتوقف القصف أثناء إجراء انتخابات مقترحة في أوكرانيا، وهي بند طالب به أيضاً مشروع سلام قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
في مواجهة أسئلة غربية، أثنى بوتين على «جهود ترمب الصادقة» لوقف الحرب، ووجّه مسؤولية عرقلة الاتفاق إلى «خصومنا الغربيين»، وخصوصاً قادة النظام في كييف ورعاتهم الأوروبيين. من جانبه قال ترمب إن اتفاقاً ممكناً بات أقرب من أي وقت سابق، معرباً عن أمله في أن «تتحرك أوكرانيا بسرعة لأن روسيا موجودة هناك».
خلال الفقرة الموجزة في ختام الماراثون التلفزيوني، تناول بوتين موضوعات اجتماعية وشخصية — من دعم المحاربين القدامى وتشجيع المشاريع المحلية وأسعار الأسماك إلى قضايا الصداقة والدين — وأجاب عن سلسلة أسئلة سريعة بينها الإيمان بالحب من النظرة الأولى، حيث قال إنه يؤمن بذلك وأفصح أنه «محبّ» من دون الخوض في تفاصيل إضافية.
في المقابل، حذّرت أجهزة استخبارات أوروبية من أن روسيا قد تكون على بعد سنوات قليلة فقط من القدرة على شن هجوم على حلف الناتو، وسط تحذيرات لقادة الغرب بضرورة الاستعداد لتصاعد الحملة السرية التي تخوضها موسكو.