في جلسة أسئلة وأجوبة سنوية مُنظمة بعناية في موسكو، جدد الرئيس فلاديمير بوتين موقف الكرملين المتشدد بشأن مفاوضات السلام، مؤكداً أن نظيره الأوكراني — الذي أشار إليه بأنه غير مستعد للتنازل عن أراضٍ — يرفض بحث قضايا الحدود والتنازلات الإقليمية.
جاءت تصريحات بوتين خلال فعالية «نتائج العام» حيث تناول موضوعات متعددة أمام ملايين المواطنين، من ملفات داخلية إلى مجريات الحرب في أكرانيا، في جلسة اتسمت بعنصر العرض الممنهج والإعداد الإعلامي المكثف.
تُعد هذه التصريحات استمراراً لخطّ روسي أقرب إلى المطالب القصوى منذ اندلاع العمليات العسكرية قبل نحو أربع سنوات، في وقت يكثف الرئيس الأميركي جهود دبلوماسية لوساطة هدنة أو تسوية بين موسكو وكييف.
قضية الأراضي — ما مُستولى عليه وما خُسر وما قد يُتنازل عنه أو يُرفض التنازل بشأنه — تظل جوهر الخلاف وأحد أكثر نقاط الخلاف احتداماً في مفاوضات إنهاء الحرب.
قال بوتين أمام الحضور: «نعلم من تصريحات زيلينسكي أنه غير مُستعد لمناقشة مسائل الأراضي»، مع الإشارة إلى أن دستور أكرانيا يُحظر التنازل عن أراضي الدولة، مما يضييق هامش المناورة التفاوضي أمام كييف.
مطالب الكرملين تتضمن تنازل أوكراني شامل عن أراضٍ في أربع محافظات رئيسية احتلتها القوات الروسية، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضُمّت عام 2014، وهو موقف ترفضه أوكرانيا رفضاً قاطعاً.
كما طالب بسحب القوات الأوكرانية من أجزاء من شرق البلاد، لا سيما مناطق في دونيتسك لا تزال خاضعة لعمليات قتالية متواصلة، وهو مطلب واجهته كييف بالرفض التام.
على المستوى العسكري، ادّعى بوتين أن القوات الروسية «استعادت المبادرة الاستراتيجية بالكامل» وأنها ستتمكن من تحقيق مكاسب إضافية قبل نهاية العام، في إفادة تهدف إلى ترسيخ صورة التقدّم أمام الرأي العام الروسي.
تقريراً غربيّاً أشار إلى أن الجيش الروسي أحرز تقدماً ثابتاً خلال الأشهر الأخيرة بمعدلات تُقدّر بين 12 و17 كيلومتراً مربعاً يومياً خلال عام 2025، وفق تقييمات استخباراتية غربية.
وانتقد الرئيس الروسي معالجة الغرب للأصول الروسية المجمدة، واصفاً خطط استخدامها لصالح أوكرانيا بأنها «سطو» أكثر منها مجرد سرقة، لأنه يتم علناً، وتعهد بملاحقة هذه الخطط قانونياً أمام محاكم وصفها بأنها «مستقلة عن القرارات السياسية».
في بُعد أوروبي، اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على تقديم قرض فخم بقيمة 105 مليارات دولار دون فوائد لدعم احتياجات أوكرانيا العسكرية والاقتصادية على مدى عامين، وفضلوا، بحسب دبلوماسيين، تمويل هذه المساهمة عن طريق الاقتراض من أسواق رأس المال بدلاً من استخدام الأصول الروسية المجمدة.
تُذكر أن الفعالية السنوية لبوتين التي تُقام بصيغ مختلفة منذ 2001 استقبلت نحو ثلاثة ملايين سؤال من الروس عبر الهاتف والرسائل والمنصات الرقمية، ونُفّذت معالجة أولية للمواضيع عبر نظام ذكاء اصطناعي لتحديد القضايا الأكثر تداولاً.
تصريحات بوتين تراقبها العواصم الغربية عن كثب لمعرفة كيف سيُعيد رسم صورة الميدان أمام الجمهور الروسي، في وقت يواصل فيه ترامب دفع مبادرة دبلوماسية واسعة لوقف القتال، لكن المفاوضات تُواجه شللًا ناجماً عن تضارب المطالب بين الطرفين.
تقدر مسؤوليات أميركية أن الخسائر البشرية بين روسيا وأكرانيا تجاوزت مليوني ضحية منذ انطلاق الغزو في فبراير 2022، مع ملاحظة أن كلا الطرفين لا يعلنان أرقام خسائر يُعتدّ بها بدقة.