الاتهام الصادم وتأثيره على عالم المراهنات الرياضية
قضية الاتهام التي أدت إلى توقيف أكثر من 30 شخصاً، من بينهم حارس ميامي هيت تيري روزيير وشخصيات بارزة في كرة السلة، بتهم تتعلق بالمراهنات الرياضية غير القانونية، أعادت تسليط الضوء على ازدهار قطاع المراهنات الاحترافية في الولايات المتحدة.
انتشار المراهنة بعد الإضفاء القانوني
منذ تبيّن طريق الشرعية الواسعة، أصبح من السهل جداً وضع رِهانات على كل شيء تقريباً — من نتيجة المباريات إلى نتيجة لعبة مفردة — عبر هاتف محمول. بات من شبه المستحيل حضور مباراة كرة سلة أو كرة قدم أو بيسبول اليوم أو متابعتها على شاشة التلفزيون دون مواجهة إعلانات متواصلة للمراهنات الرياضية. المشجعون يراهنون من مقاعدهم في الملاعب، وشريط عناوين «Bet» يمرّ خلال بثّ المباريات، والنجوم الرياضيون كثيراً ما يتصدّرون حملات الترويج لهذه الصناعة.
تفاصيل الاتهامات
في لائحة الاتهام الصادرة يوم الخميس، اتهم المحققون الفدراليون روزيير ومدعى عليهم آخرين باستغلال معلومات خاصة باللاعبين للفوز برهانات على مباريات الـNBA. محامي روزيير، جيم تراستي، قال إن موكله «ليس مقامراً» ويتطلع إلى «كسب هذه المعركة».
قضية منفصلة تتهم مدرّب بورتلاند تريل بليزرز تشونسي بيليبس وآخرين بالتآمر للتلاعب في ألعاب ورقية عالية الرهانات. محامو بيليبس نفوا الاتهامات واصفين موكلهم بأنه «رجل ذو نزاهة».
حظر واسع في الهند
في أغسطس مرّ البرلمان الهندي بقانون شامل يحظر المقامرة عبر الإنترنت بعد أن أظهرت بيانات رسمية أن شركات تقاضت نحو 2.3 مليار دولار سنوياً من 450 مليون شخص. شمل الحظر منصات ألعاب الورق والبوكر والرياضات الخيالية، بما في ذلك تطبيقات لعبة الكريكيت الخيالية المحلية الشهيرة، وكانت أبرزها Dream11 التي كانت ترعى منتخب الهند الوطني للكريكيت حينذاك.
انفجار المراهنات المرخّصة في الولايات المتحدة
يمكن القول إن المراهنات الرياضية قديمة قدم الرياضة نفسها، لكن الانطلاقة القانونية الحقيقية في الولايات المتحدة كانت عام 2018، عندما أبطلت المحكمة العليا قانون حماية الرياضات المحترفة والهواة (PASPA) الذي كان يمنع المراهنة في معظم الولايات. بعدما كانت مسموحة سابقاً في نيفادا وحدها، أصبحت المراهنات الآن متاحة عبر الإنترنت أو في مواقع تجزئة في 38 ولاية ومقاطعة كولومبيا، ومن المقرر أن تصبح ميزوري الولاية 39 في الأول من ديسمبر.
القفزة الأكبر كانت عبر الهواتف الذكية ومنصات مثل DraftKings وFanDuel. حتى الربع الثالث من هذا العام ولدت المراهنات القانونية نحو 10 مليارات دولار إيرادات — بزيادة تقارب 19% عن العام السابق، وفقاً للجمعية الأمريكية للألعاب.
الحجج المؤيدة والتنبيه للمخاطر
تقول الصناعة إن المراهنة القانونية تدرّ أموالاً للولايات ويمكن أن تحدّ من السوق غير القانوني، وتشير مشغّلو الكبرى إلى التكنولوجيا التي يستخدمونها لمراقبة النشاطات المريبة. وقالت FanDuel إن أخبار الخميس تبرز «التباين الواضح بين أسواق المراهنة القانونية وغير القانونية».
من يستفيد؟
المبالغ ضخمة — للفائزين في الرهانات وللمنصات التي تيسّرها، ولرابطات الرياضة التي كوّنت مصادر دخل عبر شراكات مع كِتب الرهانات والإعلانات. الإحصاءات الحيّة التي توفّرها الرابطات ضرورية لذلك العالم؛ فعندما يستطيع المراهن التوقع بشأن الرمية التالية في مباراة بيسبول، فذلك لأن دوري البيسبول الكبير يبيع الارقام والبيانات للمنصات «بأثمان مرتفعة»، بحسب إسحاق روز-بيرمان، باحث يدرس المراهنات الرياضية.
لدى الـNBA شراكة لحقوق البيانات مع Sportradar، التي تزود بدورها كِتاب FanDuel بالإحصاءات الرسمية. وعند الإعلان عن الصفقة عام 2022 تناولتها Sportradar كفرصة «لتحقيق إيرادات من شراكتنا الطويلة مع الـNBA».
كيف تُنضَّم المراهنات الرياضية؟
كل ولاية لها تنظيماتها ونسب الضرائب الخاصة للمراهنات. بعض الولايات تقيّد مكان إتمام الرهان — فتسمح بالتطبيقات المحمولة لكن فقط إذا كان المستخدم داخل كازينو أو ضمن محيط مسموح قرب الملعب، مثلاً. ولايات أخرى تقيّد المنصات أو نوع الرهانات المسموح بها.
«الولايات فتحت علبَة ديدان إلى حدّ ما، والآن بعضها بدأ يدرك مدى جنون هذا العالم»، قال وين تايلور، أستاذ التسويق بجامعة ساذرن ميثوديست.
عامل حساس يصبح أكثر تعقيداً عندما يكون اللاعبون أو موظفو الفرق أو الرابطة مشاركين. الرابطة القومية لكرة القدم (NFL) والـNBA وMLB وNHL تمنع جميعاً الموظفين واللاعبين من المراهنة على مباريات بطولاتهم، رغم أن بعض أنواع المراهنات في مجالات منفصلة مسموح بها.
للشرعية مزايا أمنية: الأنماط غير العادية في الرهانات — مثل رهانات كبيرة على أداء لاعب معين — يمكن تمييزها فوراً. وفي حالات أزال بعض كُتب الرهانات احتمالات على أحداث معيّنة لحماية السوق من التلاعب. ومع ذلك، يشير خبراء مثل تايلور إلى أن المصالح المالية للشركات قد تثير شكوكاً، وأن كثرة اللاعبين واحتمالات الرهانات الجزئية تجعل التلاعب «أسهل في الإخفاء».
ما هي رهانات الـ«prop»؟
الـ«prop» أو الرهان التنبّؤي يسمح للمراهنين بالرهان على ما إذا كان لاعب ما سيتجاوز رقماً إحصائياً معيناً — مثلاً إن أنهى لاعب كرة سلة بمجموع نقاط أو متابعات أو تمريرات حاسمة أعلى أو أقل من رقم متوقع.
هذه الأنواع من الرهانات هي محور التحقيق الذي أعلن الخميس. أشار المحققون إلى مباراة في 23 مارس 2023 شارك فيها روزيير مع شارلوت هورنتس، إذ لعب الدقائق التسع الأولى و36 ثانية فقط من المواجهة — وبعد ذلك لم يعد للعب في تلك الليلة بسبب ما وصفه بمشكلة في القدم، كما أنه لم يلعب مجدداً في ذلك الموسم. سجّل خمسة نقاط وأربع متابعات وتمريرتين حاسمتين — افتتاحية منتجة، لكنها أقل بكثير من معدله في مباراة كاملة. في حينه، لجأ كثير من المراهنين إلى وسائل التواصل الاجتماعي للقول إن ثمة أمراً مريباً حصل يتعلق برهانات prop على إحصائياته لذلك الليل.
الآثار الاجتماعية والمخاطر
تواجه المراهنات الرياضية انتقادات لفتحها باب الإدمان. «طبيعتها العادية، والإعلانات العدوانية، وتوافرها على مدار الساعة، والرهانات الجزئية — كل ذلك يجتمع ليزيد الاستخدام بشكل هائل»، قال تايلور مشيراً إلى الخوارزميات والحوافز التي تستخدمها المنصات لزيادة التفاعل.
يذكر روز-بيرمان أن المنصات تستثمر كثيراً في إعادة «أكبر الخاسرين»، وتشير أبحاث حديثة إلى أن الشبان في مجتمعات قليلة الدخل يتأثرون بشكل خاص بالعواقب المالية للمراهنة الرياضية. «إلى حدّ 90% من المراهنين الرياضيين لن يختبروا آثاراً سلبية كبيرة — لكن الضرر يتركز بشدة بين أولئك الخاسرين الكبار وسيكون مدمّراً بالنسبة إليهم»، كما قال.