تحليل — هجمات داعش قد تقوض التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وسوريا

في 13 ديسمبر، تعرضت دورية مشتركة بين القوات الأميركية والسورية إلى كمين نفذه عنصر من قوات الأمن السورية قرب تدمر، المدينة في وسط سوريا التي سيطرت عليها جماعة داعش سابقًا.

قُتل جنديان أميركيان ومترجم واحد، وأُصيب أربعة أشخاص قبل أن تقتل القوات السورية المسلح. في أعقاب الهجوم ربطت الولايات المتحدة وسلطات دمشق المهاجم بتنظيم داعش، وأعربتا عن نيتهما الرد بالمثل.

تؤكد الحادثة تصاعد التعاون بين واشنطن ودمشق ضد التنظيم، لا سيما بعد انضمام دمشق في نوفمبر إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمواجهة داعش. رغم ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الفاعل عضواً في التنظيم أو ينتمي إلى مجموعة أخرى معارضة للتقارب الأميركي–السوري، لكن المحللين يرون أن مستوى التعاون بين البلدين قوي ويتزايد.

روب جيست بينفولد، باحث في الأمن الدولي بكلية كينغز في لندن، قال للجزيرة إن الحكومة السورية «تتجاوب بقوة ضد قتال داعش بناءً على طلبات الولايات المتحدة»، وأضاف أن هيئة تحرير الشام، قبل أن تدخل الحكومة، كانت تتبع سياسة طويلة المدى في محاربة التنظيم. «لقد فعلت ذلك في إدلب وقمعت المقاتلين والخلايا، وهذا يمثل استمرارية في تلك السياسة»، بحسب قوله. وقد أشار المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا لفضائية الإخبارية إلى أنه لا توجد علاقة قيادة مباشرة بين المسلح وقوات الأمن الداخلية، وأنه لم يكن جزءًا من القوة المكلفة بمرافقة القوات الأميركية، وأن التحقيقات جارية لمعرفة ما إذا كانت له صلات مباشرة بداعش أو تبنى أيديولوجية عنيفة.

انخفاض هجمات داعش

استولى تنظيم داعش على تدمر في مايو 2015. تشتهر المدينة بآثارها اليونانية-الرومانية، وانتقلت سيطرتها ذهابًا وإيابًا بين قوات النظام والتنظيم حتى طُرد الأخير عام 2017. وفي مايو 2017 أجبرت قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة التنظيم أيضًا على الخروج من الرقة، التي أعلنها عاصمة «خلافته» قبل ثلاث سنوات.

يقرأ  لمّ شمل زوجين بريطانيين مع ابنتهما بعد أشهر من احتجازها على يد طالبان

احتُجز كثير من عناصر التنظيم الناجين في مخيميّ الهول وروج بشمال شرق سوريا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، بينما فر آخرون إلى الصحراء السورية حول تدمر حيث شنوا هجمات متفرقة من وقت لآخر. بعد سقوط نظام الرئيس بشار الاسد في 8 ديسمبر 2024، قال محللون إن مقاتلي داعش استغلوا الفوضى للتمدد في مدن مختلفة، وفي يونيو شن التنظيم هجومًا على كنيسة في دمشق أسفر عن مقتل 25 شخصًا على الأقل.

قدر سامي عاكيل من معهد التحرير عدد مقاتلي داعش في العراق وسوريا بين 3000 و5000 مقاتل. ومع ذلك، أفاد خبراء للجزيرة أن التنسيق بين دمشق وواشنطن تحسّن خلال العام الماضي، مشيرين إلى أن قوات الأمن السورية أحبطت عدة هجمات للتنظيم بفضل استخبارات قدمتها الولايات المتحدة. آرون لند، زميل بحثي في مركز سينشري إنترناشونال المتخصص بسوريا، قال إن «حكومة أحمد الشراع الجديدة ملتزمة بمحاربة التنظيم، وعلى عكس حقبة الأسد، تتلقى حكومته تنبيهات منتظمة من الاستخبارات الأميركية وربما أشكال دعم أخرى. هذا مزيج قوي».

وبحسب تقرير لشركة الاستشارات كرم شaar أدفايزوري، تراجعت الهجمات التي يشنها التنظيم في سوريا؛ إذ كان متوسطها 63 هجمة شهريًا في 2024، فهبط إلى 10 هجمات شهريًا في 2025. وقال جيروم دريفون، محلل أول في مجموعة الأزمة الدولية، إن «التعاون مع الولايات المتحدة أصبح أسهل منذ وصول هيئة تحرير الشام إلى دمشق».

ثغرات هيكلية

بعد سقوط نظام الاسد طرح تساؤلات حول كيفية فرض الأمن. الألوف القليلة من أعضاء هيئة تحرير الشام الذين كانوا يسيطرون سابقًا على إدلب لم يكن كافيًا لحماية كل البلاد، فشرعت قوات الأمن السورية في حملة تجنيد ضخمة استقطبت عشرات الآلاف من المجندين الجدد، وأُدمجت العديد من كتائب المعارضة السابقة ضمن الجهاز الأمني الجديد للدولة.

يقرأ  استوديو إيدجتأسيس ممارسة تصميم متجذرة في التعاون والثقة

مع هذا الحجم الكبير من التجنيد، كان التدقيق الأمني مهمة صعبة. نانار حواش، محلل سوري في مجموعة الأزمة الدولية، قال للجزيرة إن «هجوم تدمر يشير إلى ثغرات هيكلية أكثر من كونه حادثة منعزلة. إن دمج مقاتلي الفصائل السابقة والتجنيد السريع أحدثا تدقيقًا وإشرافًا متباينين، وازداد الأمر سوءًا في بيئة متساهلة مع الأفكار المتطرفة، مما سمح بتمدد الاختراقات». وأضاف أن هذه العوامل معًا تغمّض إشارات الإنذار المبكر وتخلق مساحة لتهديدات خفية، ما يزيد خطر تكرار الهجمات.

يتوقع المحللون أن تحسّن قوات الأمن السورية آليات التدقيق مع مرور الوقت، لكنهم لا يستبعدون تكرار هجوم مماثل قد يضعف ثقة الولايات المتحدة في قدرة حكومة الشراع على توفير الأمن. دريفون قال: «قد يحدث ذلك مرة أخرى بسبب الأعداد الهائلة من المجندين الجدد، لكن الحكومة ستتحسن مع الزمن وتصبح أكثر صرامة لمنع تكراره لأن لذلك تبعات». وأضاف: «ينبغي الحذر من التعميم استنادًا إلى هجوم واحد، فقد يكون حدثًا معزولًا، لكن لو تكرر فسيغير الإدراك العام تجاه الحكومة السورية».

ماذا يريد داعش؟

قال محللون إن أولويات التنظيم تغيرت بعد سقوط الاسد. سامي عاكيل أشار إلى أن «داعش الآن يحاول اختبار الحدود وتنفيذ هجمات مع علمه أنه لا يستطيع استعادة السيطرة الإقليمية». هدف التنظيم، وفق المحللين، هو زعزعة الاستقرار والحفاظ على وجود ذي صلة إعلاميًا وسياسيًا.

نانار حواش أكد أن «قوته لا تكمن في الاحتفاظ بالمدن أو إسقاط الحكومات، بل في القدرة على إحداث عدم استقرار». وأوضحت حادثة تدمر أن عنصرًا واحدًا لديه الوصول المناسب يمكن أن يقتل ثلاثة عناصر أميركيين ويهز علاقة ثنائية. يرى المحللون أن التنظيم قد يستهدف قوات الأمن الحكومية، أو الأقليات الدينية كما فعل في هجوم الكنيسة بدمشق، أو أي أجنبي على الأراضي السورية — من جنود أميركيين إلى عمال منظمات إنسانية أو موظفي الأمم المتحدة. قد تسعى الجماعة أيضاً إلى استثمار التوترات بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق، لا سيما الخلاف على آلية إدماج الأولى في أجهزة الأمن التابعة للدولة.

يقرأ  مطار باريس — توقيف مشتبهين واعتقال ثالث أثناء محاولته الفرار

تدير قسد كذلك مخيمي الهول وروج للاعتقال في شمال شرق سوريا، حيث محتجزون كثيرون من أشدّ مقاتلي وقادة “الدولة الإسلامية” خبرة، ما يجعل هذه المواقع هدفاً استراتيجياً محتملاً للتنظيم.

قد يبرز ذلك هدفاً محورياً للتنطيم في سوريا.

«داعش يزدهر في تلك الفراغات»، قال حواش. «انه تمرد عصابي، وليس خلافة؛ وفي دولة هشة، هذا وحده يكفي لإحداث أضرار بالغة.»

أضف تعليق