تدقيق الحقائق — ترامب: الولايات المتحدة أمّنت استثمارات بقيمة 20 تريليون دولار هذا العام

ادّعى رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب مراراً منذ تولّيه المنصب في يناير أنّ الولايات المتحدة حصلت على تعهدات استثمارية بقيم متعددة تريليونات الدولارات، مع تباين في الأرقام التي يذكرها.

خلاصة التسلسل الزمني: في اليوم الثاني من رئاسته، 21 يناير، قال إنّ الولايات المتحدة «أمنت بالفعل ما يقارب 3 تريليون دولار» من الاستثمارات. بحلول 8 مايو ارتفعت تصريحاته إلى «قرابة 10 تريليونات دولار». في 29 أكتوبر قال خلال لقاء مع رئيس وزراء كوريا الجنوبية إنّه يتوقع «أن نصل إلى 21 أو 22 تريليون دولار» بنهاية فترته الأولى. منذ ذلك الحين كرّر أرقاماً متغيّرة: أواخر نوفمبر ومطلع ديسمبر تحدث عن نحو 20 تريليون، وأوائل ديسمبر استعمل رقم 18 تريليون الذي كان قد ذكره أول مرة في 10 أكتوبر. أحياناً يصوّرها كالتزامات تقارب رقماً معيناً وأحياناً يقول إنّها قد تحققت فعلاً.

مقابلاً لهذه الادعاءات، توثّق موقع البيت الأبيض قائمة بالاستثمارات التي أعلن عنها خلال فترة رئاسته الثانية، وقد سجّل الموقع إجماليّاً يناهز 9.6 تريليون دولار. استخدام أرشيف شبكة الإنترنت (Wayback Machine) أظهر أن الأرقام التي استشهد بها ترامب كانت غالباً تساوي أو تزيد بما لا يقل عن ضعف المبالغ المعلنة على الموقع. في مايو قيّم فريق التحقق تصريح ترامب عن «قرابة 10 تريليونات» بأنه زائف، لأنّ البيت الأبيض لم يوثق نحو 4.9 تريليون من ما ادّعاه الرئيس. لاحقاً ظلّ الرقم الذي يدّعيه ترامب يتراوح بين 18 و22 تريليون، بينما ظلّ موقع البيت الأبيض عند 9.6 تريليون.

ماذا يشمل رقم البيت الأبيض؟ الموقع يجمع بين التزامات متعددة السنوات وأهداف طموحة وعدداً من اتفاقات شراء منتجات مستقبلية، وليس جميعها استثمارات رأسمالية مباشرة. تحليلاً من بلومبرغ أوضح أنه من بين 9.6 تريليون المسجلة في أواخر نوفمبر، يمكن اعتبار نحو 7 تريليون «تعهدات استثمارية حقيقية»، بينما الباقي (حوالي 2.6 تريليون) يتضمّن اتفاقات شراء مثل الغاز الطبيعي أو توسيع التبادل التجاري—بنوداً وصفتها التحليلات أحياناً بأنّها «غامضة». كما أنّ أكثر من 80% من الاستثمارات المعلنة من القطاع الخاص مرتبطة بإنفاق متعلق بالذكاء الاصطناعي. وأضافت بلومبرغ أن كثيراً من الالتزامات جزء من مشاريع متعددة الشركات متداخلة، ما يجعل احتمال احتساب بعضها أكثر من مرة وارداً.

يقرأ  دعم الوقود الأحفوري وسياسات متقلبة تُعيق نمو الطاقة النظيفة في آسيا

أهم عشرة عناصر كبيرة وردت في توثيق البيت الأبيض (أرقام تقريبية):
1. الإمارات العربية المتحدة: 1.4 ترليون دولار — استثمارات مذكورة في البنى التحتية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، أشباه الموصلات، الطاقة، الحوسبة الكمومية، والتصنيع. من غير الواضح كم منها استثمارات جديدة. ناتج الإمارات 2024 كان نحو 537 مليار دولار، فيعادل هذا الالتزام نحو ثلاث سنوات من ناتجها المحلي.
2. قطر: 1.2 ترليون دولار — وُصفت على أنها «تبادل اقتصادي» يتضمّن صفقات تجارية واتفاقات شراء ونوايا استثمارية، وليست تدفقاً أحادياً مبنياً فقط على رأس المال. ناتج قطر 2024 نحو 218 مليار دولار، مما يجعل التعهد يقارب ستّ سنوات من اقتصادها.
3. اليابان: 1 تريليون دولار — البيت الأبيض قال إن اليابان تتحرك نحو 1 تريليون بعد اتفاق أولي بـ550 مليار دولار في قطاعات مثل أشباه الموصلات والبحرية والطاقة والدواء والمعادن. اليابان وأطراف يابانية أوضحت أن الرقم يشمل استثمارات وقروض وضمانات قروض، وليس نقداً يُرسل إلى الولايات المتحدة.
4. ميتا (فيسبوك سابقاً): 600 مليار دولار — مرتبطة بتوسيع بنية تحتية للذكاء الاصطناعي وتوسيع القوى العاملة حتى 2028.
5. آبل: 600 مليار دولار — الرقم يجمع بين التزامات سابقة وتسريع جديد، مع إعلان عن دفع إضافي قدره 100 مليار دولار.
6. السعودية: 600 مليار دولار — ذكر أنّها ستشمل قطاعات الطاقة والمعادن الاستراتيجية والدفاع؛ ومقدار هذا يعادل نحو نصف الناتج المحلي للسعودية لعام 2024.
7. شركات الاتحاد الأوروبي: 600 مليار دولار — أُعلن في أغسطس على أن الشركات الأوروبية «متوقعة» أن تستثمر هذا المبلغ، لكن البيان إطار طموحي أكثر منه التزاماً ملزماً.
8. «ستارجيت» (تحالف SoftBank وOpenAI وOracle): 500 مليار دولار — أعلن التحالف عن استثمار فوري 100 مليار ونيّة للوصول إلى 500 مليار خلال أربع سنوات، مع خطط مبدئية تفصيلية من بعض الأطراف تقرّب المبلغ إلى أكثر من 400 مليار استثمار قصير الأمد.
9. نفيديا: 500 مليار دولار — التزام ببناء بنية تحتية خوادم ذكاء اصطناعي في الولايات المتحدة على مدى أربع سنوات، لكن الرقم يُطرح كهدف طموح.
10. الهند: 500 مليار دولار — إطار «مهمة 500» يهدف إلى 500 مليار دولار تجارة سنوية ثنائية بحلول 2030؛ هذا هدف تجاري وليس تعهداً استثمارياً مباشرًا، ومرأته تسمح بأن تُحتسب مشتريات أمريكية من الهند ضمنه.

يقرأ  شركة كورتيس-رايت تحصل على عقد بقيمة ٢٫٩ مليون دولار لتحديث أنظمة التحكم في إعادة تدوير مياه التغذية بمحطة نووية تجارية في اليابان

المحلّلون والخبراء حذروا من أن بعض هذه التعهدات قد لا تتحقق. كما قال رومان يامبولسكي من جامعة لويفيل إن الإعلانات الكبيرة غالباً ما تفرط في الوعد وتقصّر في التنفيذ، ولها بعد أداء سياسي إلى جانب البعد الاقتصادي. التاريخ الحديث يوضح أنّ المسؤولين أحياناً يستندون إلى أرقام مبنية على إعلانات شركات أو نوايا، وهو ما يختلف عن أموال مُصَرَّفَة بالفعل — مثلاً ادّعاء سابق للرئيس جو بايدن عن جذب 640 مليار دولار بموجب قانون CHIPS كان مبنياً على إعلانات شركات، لا على مصروفات محققة.

حكمنا النهائي: ادّعاء ترامب بأنّ الولايات المتحدة تلقّت تعهدات استثمارية إجمالية تتراوح بين 18 تريليون و22 تريليون منذ بداية ولايته مبالغ فيه ويصنّف على أنه زائف. الرقم الذي يستشهد به ترامب يقارب ضعف ما يوثّقه البيت الأبيض، وحتى رقم الموقع (9.6 تريليون) ينبغي التعامل معه بحذر لأنه يضم أهدافاً طموحة واتفاقات شراء مستقبلية وبنوداً غامضة قد لا تتحوّل إلى استثمارات رأسمالية فعلية. الخبراء يقول إن جزءاً كبيراً من الالتزامات قد لا يتحقق وأن بعضها كان ليحدث بصرف النظر عن من بيد السلطة.

أضف تعليق