المدنيون في محلية بارا يواجهوون «انتهاكات مستمرة» على أيدي قوات الدعم السريع، حسب شبكة أطباء السودان
أفادت شبكة أطباء السودان بأن أكثر من 4,500 شخص فرّوا من ولاية شمال كردفان، بعدما صعدت قوات الدعم السريع هجماتها العنيفة ضد المدنيين في بارا وفي مدينة الفاشر المجاورة في شمال دارفور. وأوضحت التقارير الميدانية—التي نشرت حديثًا—أن نحو ألفي نازح نجحوا في الانتقال من محلية بارا، التي استعادتها قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي، إلى مدينة الابيض على بُعد نحو 60 كيلومترًا إلى الجنوب.
بقية النازحين لا تزال «في الطريق» تحت ظروف قاسية، يعانون نقصًا حادًا في الغذاء والماء والمأوى، وفق بيان الشبكة، التي حذّرت من تدهور الوضع الأمني في الولاية.
بارا أصبحت محورًا رئيسيًا للقتال بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية لأشهر. في يوليو الماضي شنّت قوات الدعم السريع هجمات على قرى في شمال كردفان أودت بحياة ما يقرب من 300 شخص، بينهم أطفال ونساء حوامل. القوات المسلحة استرجعت السيطرة على بارا منتصف سبتمبر، لكن الموقع عاد أخيرًا إلى يد الدعم السريع الأسبوع الماضي.
التصعيد في الفاشر والفظائع المروعة
تزامن هذا النزوح مع موجة من الفظائع التي ارتُكبت في الفاشر، عاصمة شمال دارفور، حيث وثّقت تقارير مقتل أكثر من 1,500 شخص، بالإضافة إلى عمليات إعدام ميدانية واغتصاب جماعي. رغم محاولات أكثر من 36,000 مدني الفرار من الفاشر، لا يزال معظم السكان محاصرين داخل المدينة، ونجوا ممن خرجوا يروون مشاهد قتل أطفال أمام آبائهم وجثث متناثرة في الشوارع.
قنوات إعلامية ومنظمات حقوقية تحققت من مقاطع مصوّرة تُظهر عناصر من الدعم السريع واقفين فوق أكوام من الجثث ومنفذين لإعدامات جماعية لشبان أعزل.
اتساع رقعة النزاع
يحذر خبراء من أن سيطرة الدعم السريع على الفاشر—بعد قطع الإمدادات الغذائية والطبية عن المدينة لمدّة تقارب 18 شهرًا—قد تشجّعهم على تكرار الفظائع نفسها في شمال كردفان. بكري الجاك، أستاذ السياسات العامة وخبير السودان وجنوب السودان في جامعة لونغ آيلند—بروكلين، قال لقناة الجزيرة إن «قوات الدعم السريع خارجة عن السيطرة» وإنه، كما ظهر مرارًا، «ثمة حاجة ملحّة إلى ضبط الجنود».
زعيم الدعم السريع محمد حمدان «حميدتي» أعلن أنه سيشكّل لجنة تحقيق في «الانتهاكات» المرتكبة من عناصره في الفاشر، واعتبر محللون هذا الإعلان مزعومًا ولا يشي بجدية. قال الجاك: «إذا لم نتخذ خطوات، فلن تنتهي الجرائم عند الفاشر، بل قد تمتدّ إلى شمال كردفان. لا ضمانة أن ما وقع في الفاشر لن يتكرر في أماكن أخرى».
خلفية الأزمة وتأثيرها الإنساني
اندلع الصراع الأهلي المدمر في 2023 بعد صراع على السلطة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة، ما أدى إلى معارك في الخرطوم ومناطق أخرى. ومنذ ذلك الحين سيطرت قوات الدعم السريع على أكثر من ثلث البلاد في نزاع أودى بحياة عشرات الآلاف وشرد نحو 12 مليون شخص—أي ما يقرب من ربع السكان—مما أصبح أكبر أزمة إنسانية عالمية بحسب الأمم المتحدة.
في جلسة طارئة لمجلس الأمن، وصفت مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا، مارثا بوبّي، سيطرة الدعم السريع على الفاشر بأنها «تغير مهم في ديناميات الأمن» في المنطقة، مشيرة إلى تصاعد القتال في شمال كردفان، ومضيفة أن «نطاق النزاع الإقليمي يتسع».
