ترامب يقترح قواعد جديدة لحظر الرعاية التأكيدية للشباب المتحولين جنسياً

إجراءات إدارة ترامب تقترح حرمان المشافي من تقديم رعاية تؤكد الهوية الجنسية للقاصرين

قدمت إدارة الرئيس دونالد ترامب حزمة قواعد جديدة تقضي بمنع المستشفيات في أنحاء الولايات المتحدة من تقديم الرعاية الطبية الموثقة لهويات المتحولين جنسياً لمن هم دون سنّ 18 عاماً.

أعلنت مراكز الرعاية الطبية وبرامج ميديكير وميديكيد (CMS) يوم الخميس أن أحد القواعد المقترحة سيمنع المستشفيات والعيادات التي تختار الاستمرار في تقديم الرعاية الموثقة من الوصول إلى برامجها. وقاعدة ثانية تقضي بحظر توجيه أموال ميديكيد الفدرالية نحو إجراءات تؤكد الهوية الجنسية.

ميديكير وميديكيد نظامان تأمينيان حكوميان يستهدفان فئات معرضة للخطر؛ فميديكيد يخدم أساساً الأسر ذات الدخل المنخفض، بينما يوفر ميديكير تغطية لكبار السن وذوي الإعاقات. وفي بيان، أشارت الإدارة إلى أن الغالبية العظمى من مقدمي الرعاية الصحية يعملون مع برنامجي ميديكير وميديكيد لتأمين التغطية لمرضاهم، وبذلك فإن تطبيق القاعدة سيكون بمثابة حظر عملي على الرعاية الموثقة.

وجاء في بيان CMS: «تقريباً جميع مستشفيات الولايات المتحدة تشارك في ميديكير وميديكيد. هذا الإجراء مُصمَّم لضمان أن الحكومة الفدرالية لن تكون متعاونة مع منظمات تتسبب، عن قصد أو عن غير قصد، في أذى دائم للأطفال.»

إضافةً إلى القاعدتين المقترحتين، وقع وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت ف. كينيدي جونيور يوم الخميس إعلاناً يرفض الرعاية الموثقة بوصفها ضارة بالشباب. وبأمر منه أصدرت إدارة الغذاء والدواء (FDA) أيضاً إخطارات إلى 12 مصنعاً لأدوات شد الصدر (binders) — التي تُسَطِّح الصدر — محذرةً من أن تسويق هذه المنتجات للمراهقين المتحولين سيُعتبر غير قانوني في ظل هذه الإدارة.

ابتعاد عن الإجماع الطبي

مثّل هذا السيل من القرارات هجمة جديدة من إدارة ترامب على رعاية المتحولين جنسياً، على الرغم من تحذيرات متكررة من جمعيات طبية رفيعة تُبيّن أن حظر هذه العلاجات قد يترتب عليه آثار مدمّرة وطويلة الأمد.

يقرأ  طائرات مسيّرة تُرى فوق قواعد عسكرية دنماركية في أحدث اضطراب جوي

وفي مؤتمر صحفي يوم الخميس، شنّ كينيدي، الذي لا يحمل مؤهلات طبية رسمية، هجوماً لاذعاً على بعض الجمعيات الطبية الكبرى متّهماً إياها بانتهاك واجباتها المهنية. قال: «جمعية الطب الأمريكية والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال روّجتا للكذبة القائلة إن الإجراءات الكيميائية والجراحية التي ترفض الجنس يمكن أن تكون مفيدة للأطفال الذين يعانون من اضطراب الهوية الجنسية. لقد خانوا قسم أبقراط بعدم التسبب في الضرر. ما يُسمى بالرعاية الموثقة ألحق أذى جسدياً ونفسياً دائماً بفئات شبابية هشة. هذا ليس طباً، هذا سوء ممارسة.»

كما اتهم مدير CMS محمد أوز الممارسين الصحيين بإساءة استغلال ثقة المرضى عبر وصف علاجات تؤكد الهوية الجنسية بدافع الربح لا صحة المريض. وقال: «الطبيب لا يستطيع أن ينظر إليهم في العين ويعاملهم كطفل محتار وضائع يحتاج مساعدة؛ بل يصبحون فرصة، وفي النهاية ضحية. الاعتراضات المعقولة المبنية على أدلة بأن ارتباك الطفل قد يزول مع الوقت قد تم تجاهلها، رغم أنها مسألة بدت منطقية.»

سياسات راديكالية واستثناء الهوية

اتخذت إدارة ترامب موقفاً متشدداً إنكاريّاً تجاه المجتمع المتحول جنسياً، بحيث أعلن الرئيس فور توليه المنصب في 20 يناير أمراً تنفيذياً يقضي بأن الحكومة الفدرالية ستعترف بمفهوم الجنس البيولوجي فقط لا بهوية الجنس، وأن تصنف الأشخاص ذكوراً أو إناثاً بحسب شهادة الميلاد، ورفض الأمر التنفيذي أيضاً فكرة الهوية المتحولة بوصفها «مفهوماً زائفاً».

وبعد ثمانية أيام، أصدر ترامب أمراً تنفيذياً ثانياً في 28 يناير يوجّه وزارة الصحة والخدمات الإنسانية بإنهاء ممارسات وصفها بأنها «التشويه الكيميائي والجراحي للأطفال». واستندت المقترحات والإعلانات الأخيرة إلى ذلك الأمر التنفيذي.

الإجماع الطبي يرى فائدة الرعاية الموثقة

مع ذلك، ثمة إجماع واسع في المجتمع الطبي على أن الرعاية التي تؤكد الهوية يمكن أن تحسّن صحة الشباب المتحولين، بما في ذلك خفض معدلات الانتحار والقلق وإيذاء النفس والاكتئاب. والرعاية الموثقة تتراوح بين علاجات تحفظية مثل مانعات البلوغ — التي تُعتبر آمنة وقابلة للعكس للأطفال الذين يسعون لتأجيل البلوغ — إلى إجراءات جراحية، وإن كانت الجراحة نادرة جداً لدى القاصرين.

يقرأ  فلسطينيون يرون أن عودة هدم المنازل في قرى الضفة الغربية تشكل «نكبة جديدة» — الصراع الفلسطيني‑الإسرائيلي

أظهرت دراسة لكِتابٍ من هارفارد عام 2024 أن من بين كل 100,000 مراهق تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً، تلجأ في المتوسط 2.1 حالة إلى جراحة تؤكد الهوية، وفق مطالبات شركات التأمين الطبي لعام 2019؛ أما متوسط الحالات فتراجع إلى 0.1 للمراهقين بين 13 و14 سنة، ولم تُسجَّل حالات تحت سن 12. وعلّق دانّي داي، أحد الباحثين في الدراسة، بأن النتائج تشير إلى أن التشريعات التي تحظر الرعاية الموثقة بين الشباب المتحولين لا تهدف إلى حماية الاطفال بل تنبع من تحيّز ووصم. وأضاف أن هذه الإجراءات الحكومية تسعى «لمعالجة مشكلة مفترضة لا وجود لها فعلياً».

دعوات للمجتمع للتعليق وخطوات تشريعية

بعد إعلانات الخميس حثّت جماعات مثل حملة حقوق الإنسان الجمهور على إبداء رأيه خلال فترة التعليق العام التي تمتد 60 يوماً، مؤكدة أن عدد التعليقات الكبير يمكن أن يبطئ الإجراءات أو يؤدي إلى تعديلات أو يؤسس لرفع دعاوى مستقبلية.

على صعيد الولايات، هناك 27 ولاية تحظر بالفعل الرعاية الموثقة للقاصرين، بما في ذلك تكساس وأوهايو وفلوريدا، ما يجعل بحسب حملة حقوق الإنسان نحو 40% من 300,000 شاب متحوّل في الولايات المتحدة يعيشون في ولايات لا تتاح لهم فيها هذه الرعاية. وعلى المستوى الفدرالي، أيدت المحكمة العليا بأغلبية محافظة في يونيو حظراً تينيسي على الرعاية الموثقة للقاصرين بقرار 6-3. وفي تطور حديث، أقرّ مجلس النواب الأميركي يوم الأربعاء مشروع قانون يجرّم تقديم رعاية تؤكد الهوية لمن هم دون 18 عاماً. صوّت 216 نائبا، بينهم عدد من الديمقراطيين، لصالح إحالة مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ، حيث تبدو فرصه غير مؤكدة.

مشروع قانون آخر في مجلس النواب، يهدف إلى قطع مزايا برنامج ميديكيد عن الشباب المتحولين جنسياً الذين يطلبون رعاية تأكيد الهوية الجنسانية، من المقرر أن يُعرض للتصويت يوم الخميس.

يقرأ  بافل دوروف، المدير التنفيذي لتيليغرام:ينتقد فرنسا لتوقيف «عبثي» ويُحصَر في حلقة تقاريرٍ كل 14 يوماً

بينما يخشى مؤيدو القيود أن يتخذ القاصرون قرارات طبية قد يندمون عليها لاحقاً، يؤكد المدافعون أن بعض علاجات تأكيد الجنس، بما في ذلك محبطات البلوغ، قابلة للانعكاس وأنها قد تحمي المراهقين من أذى جسدي ونفسي.

واقفَةً على درجات الكنغرس، قالت النائبة سارة ماكبرايد، أول عضو معلن عن هويته المتحوّلة جنسياً في مجلس النواب، إنها ترى وجود فجوة في فهم الجمهور للعلاجات التي تؤكد الهوية.

«أفهم أن فهم هذه الرعاية وضروريتها أمرٌ صعب»، قالت ماكبرايد للصحفيين. «لكنّ من الأمور التي تضيع في هذا النقاش أن البالغين المتحوّلين اليوم كانوا يوماً أطفالاً. أنا كنت طفلةً ذات مرة».

«أكبر ندم في حياتي»، أضافت، «أنني لم أحظَ بطفولة خالية من ذلك الألم».

صوتت ضد التشريع ونددت بـ«الكراهية» التي شعرت أنها الدافع وراءه. وكتبت لاحقاً على وسائل التواصل الاجتماعي أنها ترى في تدخل السياسيين بالتقررات الصحية الشخصية أمراً مرفوضاً، يشمل ذلك الأمريكيين المتحولين جنسياً.

من جهته، قال كينيدي للصحفيين إنه يتوقع أن تُرفع دعاوى قانونية للطعن في التغييرات المقترحة من إدارة ترامب.

«أظن أن ذلك سيحصل. عدد الدعاوى التي تحمل اسمي حالياً يكاد يتجاوز ما يمكن عدَّه»، قال.

وأضاف أن إدارة ترامب واثقة من أنها ستنتصر في أي دعاوى، واستدرك قائلاً: «إنه لعار على المؤسسة الطبية أن سمحت بامتداد هذا الوضع لفترة طويلة».

أضف تعليق