تصويت متقارب في النرويج: البقاء مع حزب العمال أم التحول إلى اليمين؟

تحتدم المنافسة في النرويج قبل انتخابات الأحد والاثنين، مع سباق ضيق يقرر ما إذا كانت البلاد ستمضي في طريق حكومة يقودها حزب العمال برئاسة يوناس غار ستوره أم ستتحوّل إلى تحالف يميني وسطي. النقاشات التلفزيونية وفي مقدمتها مهرجان أريندال السياسي أكّدت أن الانقضاض على القضايا المحلية بات أكثر حضوراً من الملفات الجيوسياسية.

ظهرت قضايا القدرة الشرائية وتكلفة المعيشة وتفاقم الفوارق الاجتماعية في مقدمة هموم الناخبين، إلى جانب مطالبات بزيادة الإنفاق العام على التعليم والبنى التحتية والطرق والسكك الحديدية. مواطنون مثل أندرياس — أب لطفل صغير — يضعون هذه الأولويات في صلب قرارهم الانتخابي.

واحدة من أكثر قضايا الحملة سخونة هي ضريبة الثروة بنسبة 1% على الممتلكات التي تتجاوز 1.76 مليون كرونة نرويجية، مع استثناءات تغطي ثلاثة أرباع قيمة المسكن الرئيسي. هروب مئات من أثرياء النرويج الى سويسرا خلال السنوات الماضية غذّى نقاشات حول إلغاء الضريبة أو تعديلها: سيلفي ليستهاوغ تطالب بإلغائها تماماً، وحزب هويَر الذي تقوده إيرنا سولبرغ يريد استبعاد “رأس المال العامل” مثل الأسهم، في حين يرفض حزب العمال هذا المسار لكنه يعِد بمراجعة شاملة للمنظومة الضريبية بقيادة وزير المالية السابق ينس ستولتنبرغ الذي يحذّر من خلق نظام تُتهرَب فيه الطبقات الأغنى من المسؤولية الضريبية.

الاستطلاعات الأخيرة تعطي أفضلية لحزب العمال، وهو ما عُزِي جزئياً إلى ما يسميه المحللون “تأثير ستولتنبرغ”. غير أنّ انتصاراً لتحالف الوسط-اليمين يفتح سؤالاً سياسياً رئيسياً: من سيترأس الحكومة، سولبرغ أم خصمتها الشعبوية؟ سولبرغ، التي شغلت منصب رئيسة الوزراء لثماني سنوات، لم تقبل حتى الآن بفكرة أن يتفوّق عليها منافسها الشعبوي حسب حساباتها الانتخابية.

على صعيد السياسة الخارجية، أثّرت الحرب في غزة وأوكرانيا وتوتّر العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة في مجريات الحملة. قرار صندوق الثروة السيادية النرويجي — الأكبر في العالم — بسحب استثماراته من نحو نصف الشركات الإسرائيلية التي كانت ضمن محفظته لأسباب تتعلق بانتهاكات حقوقية، وضع الصندوق وقيادته في مركز عاصفة سياسية؛ مديره التنفيذي نيكولاي تانغن وصف القرارات الأخيرة بأنها “أسوأ أزمة” واجهها.

يقرأ  سبيس إكس تلغي إطلاق «ستارشيب» في انتكاسة جديدة لإيلون ماسك

نرويجياً، البلد عضو في حلف الناتو لكنه ليس عضواً في الاتحاد الأوروبي؛ يملك وصولاً إلى السوق الأوروبية المشتركة عبر المنطقة الاقتصادية الأوروبية وهو جزء من منطقة شنغن الحدودية. مسألة الانضمام الى الاتحاد الأوروبي تظلّ موضع نقاش هام لكنْ غير حاضر بقوة في الحملة الانتخابية خوفاً من استقطاب الناخبين.

يعمل المشهد السياسي النرويجي وفق نظام تمثيل نسبي مقسّم إلى 19 دائرة انتخابية؛ البرلمان المؤلّف من 169 مقعداً يحتاج إلى 85 مقعداً لتكوين أغلبية واضحة، وغالباً ما تسود الحكومات الأقلية أو ائتلافات متعددة الأحزاب. ائتلاف حزب العمال مع حزب الوسط انهار مطلع العام على خلفية خلاف حول سياسات الطاقة المتعلقة بالاتحاد الأوروبي، والتحالف اليميني أيضاً يواجه انقسامات داخلية، ما يجعل احتمال فراغ أغلبية حقيقية ممكناً عند فرز الأصوات مساء الاثنين.

أضف تعليق