يتعرَّض الإيرانيون لضغوط متزايدة يومياً في ظل اقتصاد منهار، وأزمة طاقة، وإفلاس مائي، وتلوّث قاتل.
اندلعت عدة احتجاجات في وسط طهران بعد أن أقدم أصحاب المحلات على إغلاق محلاتهم استجابةً لانهيار قيمة العملة الوطنية، ولا يبدو أي تحسّن في الأفق مع توالي الأزمات المتعددة.
أغلق أصحاب المحلات القريبة من مركزين رئيسيين لبيع الإلكترونيات والهواتف المحمولة في منطقة جمهوري بالعاصمة محلاتهم وهتفوا شعارات يوم الأحد، ثم سُجّلت حوادث إضافية يوم الاثنين بمشاركة أوسع من السكان المحليين. احتجووا عدد من أصحاب المحلات ودعوا الآخرين للانضمام.
أظهرت مقاطع فيديو متداولة تجمعات إضافية في المنطقة نفسها وأحياء مجاورة في وسط المدينة. وردد المتظاهرون هتاف: «لا تخافوا، نحن معاً».
انتشرت قوات مكافحة الشغب مزوّدة بمعداتها الكاملة في الشوارع، وتُظهر عدة لقطات استخدام الغاز المسيل للدموع وإجبار الناس على التفرق.
أُغلق عدد كبير من المتاجر في السوق الكبير بطهران ومحيطه أيضاً، وتبيّن في بعض المشاهد أن أصحاب المحلات يحثّون بعضهم على إغلاق محلاتهم كإجراء احتجاجي جماعي.
اعترفت وسائل الإعلام الرسمية بحدوث احتجاجات، لكنها سارعت إلى التأكيد على أن هموم التجار اقتصادية بامتياز وأنهم لا يسعون إلى تحدي النظام الثيوقراطي الذي يحكم منذ ثورة 1979 التي أطاحت بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة.
قالت وكالة أنباء الحكومة (إيرنا) إن بائعي الهواتف المحمولة عبّروا عن استيائهم بعدما تهدّدت تجارتهم بتآكل حاد نتيجة الهبوط المتسارع وغير المتحكم فيه للريال.
سجّل الريال مستوى قياسياً جديداً بتراجع تجاوزه 1.42 مليون مقابل الدولار الأمريكي يوم الاثنين قبل أن يستعيد بعضاً من قيمته لاحقاً.
لكن العملة ليست المشكلة الوحيدة. لسنوات، تعاني إيران أيضاً من أزمة طاقة تفاقمتت، ساهمت دورياً في موجات تلوّث هوائي قاتلة تحصد عشرات الآلاف من الأرواح سنوياً.
تظل معظم السدود التي تغذي طهران والعديد من المدن الكبرى عند مستويات شبه فارغة في ظل أزمة مائية مستمرة. كما تمتلك إيران أحد أكثر أنظمة الإنترنت انغلاقاً في العالم.
يأتي تراجع القدرة الشرائية لحوالى 90 مليون إيراني في ظل تصاعد الضغوط من الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما الأوروبيين بسبب البرنامج النووي الإيراني.
شنت إسرائيل والولايات المتحدة هجوماً على إيران في يونيو في إطار مواجهة امتدت 12 يوماً وأسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص، بينهم مدنِيّون وعشرات القادة العسكريين والاستخباراتيين والعلماء النوويين.
وألحقت الهجمات أضراراً جسيمة أو دمرت معظم المنشآت النووية الإيرانية التي كانت خاضعة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ ومنذ ذلك الحين مُنعت الوكالة من دخول المواقع المُدمَّرة، ولم يطرأ أي اختراق دبلوماسي يلوح في الأفق بينما يواصل الغرب تشديد الضغوط.
شهدت البلاد موجات احتجاجات واسعة في 2022 و2023، بعدما توفيت الشابة مهسا أميني (22 عاماً) أثناء احتجازها لدى الشرطة، بزعم مخالفتها القواعد الصارمة بشأن الحجاب. شارك آلاف الناس في المظاهرات التي تلت الحادثة، وأسفرت عن مئات القتلى واعتقال أكثر من 20 ألف شخص، ونفّذت أحكام إعدام بحق عدد من المتورطين قبل أن تخبو الاحتجاجات. وألقت السلطات بالمسؤولية على تأثيرات أجنبية و«مخربين» يسعون لزعزعة الاستقرار، كما فعلوا في جولات احتجاجية سابقة.
في البرلمان، يوم الأحد، دافع الرئيس مسعود بيزشكيان عن مشروع موازنة أثار جدلاً واسعاً ورسم صورة قاتمة للوضع الاقتصادي. يقترح مشروع الموازنة المتشدد زيادة في الأجور بنسبة 20 في المئة في وقت يبلغ فيه التضخّم حوالى 50 في المئة، ويُخطّط لرفع الضرائب بنسبة 62 في المئة.
قال بيزشكيان للنواب: «يقولون لي إنكم تفرِضون ضرائب كثيرة، ويطالبون بزيادة الأجور. فليقل لي أحدهم، من أين أتي بالمال؟»