تقدّم روسي في أوكرانيا بينما يروّج زيلينسكي لصفقة أسلحة أمريكية «هائلة» — آخر أخبار الحرب الروسية الأوكرانية

تصاعد التوتر بين روسيا وأوروبا وتجليات الحرب على الأرض

بينما تتصاعد حدة التوترات بين روسيا والدول الأوروبية، تحاول موسكوو رسم صورةٍ عن حرب برية في أوكرانيا لا يمكن إيقافها. زعمت تقارير الأسبوع الماضي أن القوات الروسية تسيطر على ثلثي الأبنية في مدينة كوبيانسك الواقعة بشمال إقليم خاركيف الأوكراني.

الخلفية الميدانية
قالت وزارة الدفاع الروسية إن «القوات الروسية حاصرت مجموعة كبيرة من العدو من الجهتين الشمالية والغربية، وأحاطت بها بنصف حلقة». طوال العام الحالي كانت موسكو تسعى لاحتلال كوبيانسك باعتبارها بوابة شمالية قد تتيح لها التوغل نحو إقليم دونيتسك، الذي تُعدّ السيطرة الكاملة عليه أولوية رسمية.

أوضحت الوزارة أن «السيطرة على كوبيانسك ستمكّن القوات الروسية من التقدّم باتجاه تجمّع سلفيانسك–كراماتورسك»، في إشارة إلى أبرز المدن المحصّنة في دونيتسك. على الأرض، كررت المسؤولات الروسية منذ مارس ادّعاءاتها بأنها على وشك الاستيلاء على كوبيانسك، بينما قدّر مراقب عسكري أوكراني، قنسطنطين ماشوفِتس، أن روسيا تحتاج إلى فرقتين أو فرقة إضافية واحدة لتحقيق ذلك.

تضخيم الادعاءات ومساحة السيطرة
في 25 سبتمبر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها استولت على 4,714 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الأوكرانية هذا العام، لكن معهد دراسة الحرب في واشنطن قدّر الرقم الحقيقي أقرب إلى 3,434 كيلومتراً مربعاً. وذهب المعهد إلى أن روسيا «تواصل تضخيم ادعاءاتها بالزحف في أوكرانيا لدعم السردية المزوّرة للكرملين حول حتمية الانتصار الروسي».

بين 25 و29 سبتمبر، ادّعت موسكو احتلال عدة مواقع في إقليمي دنيبروبتروفسك ودونيتسك، بينها كالينوفسكوِيه وستيبوفوي في دنيبروبتروفسك، ودرِيلوفو ومايسكويي وساندريغولوفو وكيروفسك في دونيتسك.

تحوّل ترامب نحو أوكرانيا
على الساحة الدبلوماسية، فسّرت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نيويورك على أنها انعطاف عن سياساتٍ اتّبعها خلال الأشهر الثمانية الأولى من ولايته. ففي مقابلة سابقة كان وزير الدفاع الأمريكي قد استبعد عودة أوكرانيا إلى حدود ما قبل 2014 بوصفها «هدفاً غير واقعي». وفي فبراير قدّم ترامب استقبالاً قاسياً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، مع إلقاء اللائمة على روسيا في اندلاع الحرب.

يقرأ  تضرعتُ ألا يولدَ الطفل

لكن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر، أشاد ترامب بصمود الدفاع الأوكراني ووصفه بأنه «مذهل»، ثم ألمح لاحقاً إلى إمكانية تحقيق أوكرانيا نصرًا عسكرياً «بمرور الوقت وبالصبر وبالدعم المالي من أوروبا ومن حلف شمال الأطلسي». وفي منصة تروث سوشيال كتب أن «العودة إلى الحدود التي بدأت منها هذه الحرب تبقى خياراً مطروحاً جداً».

تصعيد الضربات على منشآت الطاقة الروسية
جاءت هذه المواقف بينما شنت أوكرانيا ضربات متتالية على مصافٍ ومجمعات بتروكيماوية روسية، ما خلق نقصاً في الوقود داخل الأراضي الروسية — نقطة أشار إليها ترامب مباشرةً. في 24 سبتمبر استهدفت طائرات مسيّرة مصفاة سلفات في جمهورية باشكورتوستان، وضربت وحدة تقطير تُشكّل نحو 60% من طاقة المصنَع السنوية البالغة 10 ملايين طن. بعد ذلك استهدفت الطائرات المسيّرة مصفاة أفِيبسكي في كراسنودار، كما أصابت ضربات لاحقة منشأة تفريغ نفطية في توابس على البحر الأسود ألحقت أضراراً ومخلّفات متفجرة، وفي الأول من أكتوبر استهدفت أوكرانيا إحدى أكبر مصافٍ في ياروسلافل.

أقرّ حاكم القرم الذي تسيطر عليه روسيا بنقص الوقود في المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية، وفي منشور على تروث سوشيال كتب ترامب: «من شبه المستحيل عليهم الحصول على البنزين».

صفقة أسلحة ضخمة محتملة
قد يكون من بين العوامل التي أثّرت في موقف ترامب احتمال إبرام صفقة أسلحة تُقدّر بنحو 90 مليار دولار — انعطاف آخر عن سياسة سابقة قلّصت تدفق الأسلحة الأمريكية إلى كييف. زيلينسكي يصف محاولاته بأنها «صفقة ضخمة» تتضمن اتفاقاً على طائرات مسيّرة حديثة من الولايات المتحدة. الفكرة طرحت علناً في أبريل بعدما بدا واضحاً أن إدارة ترامب ليست راغبة في مواصلة نهج سلفه في دعم الحرب بأدوات مماثلة.

يقرأ  إسرائيل: مقتل أبو عبيدة الناطق باسم حماس في غزة

تقترح المقترحات الأوكرانية أيضاً شراء صواريخ توماهوك الأمريكية بمدى 1,600 كيلومتر، وفق تقارير إعلامية. وأشار مبعوث ترامب الخاص لأوكرانيا إلى احتمال ميل الإدارة لتقديم مثل هذه القدرات، مع نقاشات حول رفع القيود عن الضربات بعيدة المدى داخل الأراضي الروسية. وفي كلمة له قال: «استخدِموا القدرة على الضرب عميقاً. لا توجد مناطق ملاذ».

ردود روسية وتصعيد كلامي
ردّت روسيا بغضب على هذه التقارير؛ حيث قال المتحدث باسم الرئاسة إن موسكو ستحرّي ما إذا كانت المساعدة الأمريكية في الاستهداف متورطة، وأعلن رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الروسي أن بلاده قد تستهدف شخصياً مسؤولين أمريكيين ساعدوا في مثل هذه المهام.

ثبات جزئي في الموقف الأمريكي
في جانبٍ واحد لم يتغيّر موقف ترامب: لا يزال يرفض المشاركة المالية المباشرة في دفاع أوكرانيا، مطلقاً الضغوط على أوروبا لتتحمّل الأعباء، وفي الوقت نفسه يسعى إلى تعويضات من أوكرانيا بقيمة 500 مليار دولار على شكل معادن نادرة مقابل مساعداتٍ عسكرية سابقة.

توتر أمني متزايد في أوروبا
على الجبهة الأوروبية، أعلن حلف شمال الأطلسي أن مقاتلتي غريبن مجريتين أقلعتا من قاعدة في ليتوانيا لاعتراض طائرات مقاتلة روسية من طراز Su-30 وSu-35 وMiG-31 كانت «تطير قرب المجال الجوي اللاتفي». وفي الدنمارك رُصدت طائرات مسيّرة فوق عدة منشآت عسكرية، من بينها قاعدة سكريدستراب الجوية وقاعدة للجيش في هولستيبرو.

الخلاصة
التطوّرات الميدانية والدبلوماسية واللوجستية الأخيرة تظهر حرب نفوذٍ مستمرة تتجاوز الميدان إلى شبكات الإمداد والطاقة والسياسة الدولية، مع مخاطر تصعيدٍ إضافي إذا ما توسّعت صفقة الأسلحة وآلت الضربات بعيدة المدى إلى تغيير قواعد اللعبة. في اليوم ذاته، أفادت ليتوانيا بأن طائراتٍ بدون طيار أعاقت حركة المرور فوق مطار فيلنيوس، فيما قالت فلندا إنها رصدت طائراتٍ مسيَّرة فوق محطة توليد الكهرباء في فالاجاسكوسكي.

يقرأ  انضمام سنغافورة لإسقاطات المساعدات فوق غزةوالجيش الإسرائيلي يغلق نفقًا إرهابيًا بطول ٧ كيلومترات في بيت حانون

وَتُعَدُّ هذه أحدث محاولات التوغّل المشتبه بها لروسيا في أجواء حلف الناتو منذ العاشر من سبتمبر، حين اضطرت الدفاعات الجوية إلى إسقاط نحو أربع وعشرين طائرةٍ مسيَّرة روسية في الأجواء البولندية.

وقالت إستونيا إن ثلاث مقاتلات ميغ روسية انتهكت أجواءها في 19 سبتمبر، وزُعِم أن طائرةَ استطلاع إيليوشن‑20 إم روسية دخلت المجال الجوي الألماني في 21 سبتمبر.

وأكدت بولندا أنها ستقوم بإسقاط أي طائرات روسية تنتهك مجالها الجوي مستقبلاً.

وسأل الصحافيون ترامب على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة إن كان يعتقد أن على دول الناتو إسقاط الطائرات الروسية إذا دخلت أجواءها. فأجاب: «نعم، أعتقد ذلك.»

وعندما سُئل عما إذا كانت الولايات المتحدة ستساند حلفاء الناتو في مثل هذا الموقف، قال: «يعتمد ذلك على الملابسات، لكننا، كما تعلمون، قويون جداً تجاه الناتو.»

وقال أمين عام الناتو مارك روتي الأسبوع الماضي: «أوافق تماماً هنا مع الرئيس ترامب: إذا كان ذلك ضرورياً.»

وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مؤتمر صحفي بدوسلدورف يوم الأحد، رداً على سؤال عمّا إذا كانت أوروبا في حالة حرب مع روسيا: «لسنا في حالة حرب، لكننا لم نعد في حالة سلام أيضاً.»

ورفضت روسيا مخاوف أوروبا ووصفتها بأنها بلا أساس. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف يوم الجمعة: «التصريحات حول إسقاط الطائرات الروسية، حسناً، هي على أقل تقدير متهورة وغير مسؤولة. وطبعاً خطيرة في عواقبها.»

أضف تعليق