تقرير: الدائرة المقربة من الأسد تُدبّر انتفاضات سورية من منفاه الروسي — أخبار حرب سوريا

تحقيق رويتزر: أموال بملايين الدولارات تُسوّق لمقاتلين محتملين بهدف إشعال تمردات ضد الحكومة الوليدة في سوريا

كشف تحقيق أجراه مكتب رويترز بالاستناد إلى مقابلات مع 48 شخصًا ووثائق مالية أن موالين سابقين للرئيس المخلوع بشار الأسد يحوّلون ملايين الدولارات إلى عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين في محاولة لإثارة انتفاضات ضد السلطة الجديدة.

تأتي هذه المخططات بينما تحتفل سوريا بمرور عام على سقوط الأسد، وتترسّخ شرعية الحكومة الجديدة بقيادة احمد الشراع على الصعيد الدولي. تهدّد هذه التحركات بإشعال أعمال عنف طائفية جديدة في لحظة حسّاسة من انتقال البلاد الهش.

المسؤولان اللذان كانا أقرب إلى الأسد هما اللواء كمال حسن، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، وابن عمه الملياردير رامي مخلوف. يُشير التحقيق إلى أنهما يتنافسان من منفاهما في موسكو لبناء مليشيات داخل الأقلية العلوية، الطائفة التي ارتبطت تاريخيًا بنظام الأسد. بمشاركة فصائل أخرى، يمولان أكثر من 50 ألف مقاتل على أمل كسب ولائهم.

يُذكر أن حسن، الذي أدار منظومة الاعتقال العسكري المشهورة بقسوتها، يطلق اتصالات متواصلة ويرسل رسائل صوتية إلى قادة ميدانيين من فيلته في موسكو، حسب أقربائه الذين التقاهم المحققون. يعبر عن غضب عميق لفقدانه النفوذ ويعرض رؤًى طموحة لحكم الساحل السوري، معقل العلويين وقاعدة سلطة الأسد السابقة.

في رسالة مُراجعة على واتساب قال حسن: «اصبروا يا أهلنا ولا تسلموا أسلحتكم. أنا من سيعيد كرامتكم».

أما مخلوف، الذي استخدم إمبراطوريته الاقتصادية لتمويل النظام خلال الحرب الأهلية، ثم دخل في خلافات مع أقاربه الأقوى وقضى سنوات تحت الإقامة الجبرية، فيقدّم الآن نفسه في محادثاته كشخصية مخلّصة ستعود إلى السلطة بعد معركة نهائية منقذة، حسب ما أورد التحقيق.

ويُطمح كل منهما للسيطرة على شبكة تضم 14 غرفة قيادة تحت الأرض في سواحل البلاد أنشئت قرب نهاية حكم الأسد، بالإضافة إلى مخازن أسلحة، حيث تظهر صور اطلعت عليها الوكالة غرفًا مزودة ببنادق هجومية وذخائر وقنابل يدوية وحواسيب ومعدات اتصالات.

يقرأ  ألمانيا تعزز صلاحيات الشرطة لمواجهة الطائرات المسيرة بعد رصدها

تقدّم حسن نفسه على أنه يسيطر على 12 ألف مقاتل وأنفق 1.5 مليون دولار منذ مارس، بينما يدّعي مخلوف أنه يقود ما لا يقل عن 54 ألف مقاتل وأنفق على الرواتب ما لا يقل عن 6 ملايين دولار، وفقًا لوثائق داخلية وسجلات مالية راجعها التحقيق. ومع ذلك، أفاد قادة ميدانيون أن المقاتلين يتقاضون مبالغ زهيدة—بين 20 و30 دولارًا شهريًا—ويقبلون أموالًا من طرفي النزاع.

رغم هذه المؤامرات، تبدو فرص نجاح انتفاضة واسعة ضئيلة: المنفيان متصارعان بشدة، وروسيا امتنعَت عن دعم واضح، وكثير من العلويين لا يثقون بهما، بحسب تحقيق رويترز. ولدى موسكو، التي منحت الأسد اللجوء، أولويات عسكرية واقتصادية للحفاظ على قواعدها البحرية في طرطوس، فقلبت جزءًا من سياستها نحو التقارب مع حكومة الشراع لحماية مصالحها هناك، وهي المنطقة نفسها التي يطمح الممولان للسيطرة عليها.

تعمل الحكومة الجديدة على تفعيل استراتيجية مضادة عبر شخصية علويّة مقربة من الشارع الداخلي، خالد الأحمد، الذي انتقل إلى صفوف السلطة منتصف الحرب، ومهمته إقناع العسكريين والمدنيين بأن مستقبلهم مرتبط بسوريا الجديدة. كما أكد أحمد الشامي، محافظ طرطوس، أن السلطات السورية مطّلعَة على المخططات ومستعدة لمواجهتها، مشيرًا إلى أن الفاعلين لا يملكون أدوات قوية على الأرض.

تأتي هذه الأسرار في وقت تواجه فيه سوريا تحديات عدّة بعد عام على الإطاحة بالأسد، منها توغّلات عسكرية إسرائيلية متتالية ومطالب بتطويق جغرافي عند الحدود، وتصاعد توترات طائفية أدت إلى مواجهات دموية في آذار وتموز الماضيين. وزيارة وفد مجلس الأمن للأمم المتحدة هذا الأسبوع إلى دمشق، الأولى من نوعها، كانت إشارة إلى تزايد مكانة حكومة الشراع دوليًا وسعيها لتثبيت استقرار بلد ممزق.

أضف تعليق