«حزب الآباء» — ترامب يشيد بإرشادات حكومية لتوسيع الوصول إلى علاجات الإخصاب في المختبر

وعد انتخابي وتحرك حكومي

كان وعدًا بارزًا خلال الأشهر الأخيرة من حملة دونالد ترامب الانتخابية لعام 2024: إذ تعهّد الزعيم الجمهوري، في حال إعادة انتخابه، بتحمّل تكاليف التلقيح الصناعي (IVF) مجانًا لمن يسعون للحمل. وقال ترامب لشبكة NBC العام الماضي: «تحت إدارة ترامب سنقوم بدفع ثمن هذا العلاج»، مؤكِّدًا أن خطته ستشمل «جميع الأميركيين الذين يخضعون له، جميع الأميركيين الذين يحتاجونه».

في خطوة عملية باتجاه تسهيل الوصول إلى العلاج، أعلن ترامب من البيت الأبيض عن تعاون مع شركة EMD Serono، التابعة لعملاق الأدوية ميرك، لتوفير أدوية خصوبة بأسعار مخفّضة على سوقٍ للوصفات الطبية يخطط لإطلاقه تحت اسم TrumpRx.

توسيع مشروع TrumpRx

يُعدُّ هذا الإعلان ثالثَ اتفاقية كبيرة مع شركات أدوية تُنشر على TrumpRx، الموقع الذي يُفترض أن يبدأ العمل في 2026. وجاء ذلك بعد تهديدات من ترامب في سبتمبر بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على منتجات شركات الأدوية ما لم تعِد بناء مرافق تصنيع داخل الولايات المتحدة. لكن هذا التعرض الضريبي تراجع بعد أن أعلنت شركات كبرى، بينها فايزر وأسترازينيكا، عن اتفاقيات مع TrumpRx في أواخر سبتمبر وأكتوبر على التوالي.

وأعاد ترامب الفضل في تلك الاتفاقات إلى تهديدات الرسوم الجمركية، قائلاً إن الشركات «ستعيد جزءًا كبيرًا من تصنيع أدويةها إلى الولايات المتحدة»، «لأسباب كثيرة، ولكن بالأساس نتيجة نتيجة الانتخابات في 5 نوفمبر، وربما الأهم بسبب الرسوم الجمركية».

التأمين التكميلي وتفاوت التغطية

إلى جانب التخفيضات المتوقعة على أدوية EMD Serono، ألمح ترامب إلى أنه سيحث شركات التأمين على توسيع تغطية علاجات التلقيح الصناعي، معلنًا كذلك إتاحة خطط تأمين تكميلي مخصّصة للخصوبة «كما يحصلون على تأمين للرؤية والأسنان». لكن هذه الخطط عادة ما تُقَدَّم مقابل قيمة إضافية فوق أقساط التأمين الصحي العادي، ما يطرح سؤالًا عن مدى فعالية الإجراء في تخفيف العبء المالي فعليًا.

يقرأ  سيمبكورب تستحوذ على أعمال «رينيو» في الطاقة الشمسية بقيمة ١٩٠ مليون دولار

وفقًا لبيانات التعداد، هناك أكثر من 26 مليون أميركي — نحو 8% من السكان — بلا تأمين صحي. كما تُقدّر جمعيات مهنية أن أكثر من 22% من البالغين في الولايات المتحدة لم يكن لديهم تغطية للأسنان في 2021. واعترف ترامب بوجود ثغرات في التغطية، لكنه قال إن الإرشادات الحكومية الجديدة ستمنح بعض البالغين طريقًا نحو الأبوّة: «سيحصلون على تأمين للخصوبة للمرة الأولى»، وأضاف: «لا أعرف إلى أي مدى ستكون هذه الأمور مغطّاة جيدًا».

قضية محكمة الاباما وتأثيرها

كانت محكمة في ولاية الاباما قد أثارت مخاوف واسعة عندما حكمت بأنه يمكن اعتبار الأجنة المولَّدة عبر التلقيح الصناعي «أطفالًا» بموجب قانون الولاية، ما يجعل تدمير تلك الأجنة عملًا قد يرقى إلى جريمة. دفعت هذه القرار مؤسسات التلقيح الصناعي في الولاية إلى تعليق الخدمات مؤقتًا، بينما تدخلت الهيئة التشريعية لاحقًا لحماية مقدمي هذه الخدمة من الملاحقة الجنائية. وروّج ترامب للحكم على أنه «قرار سيئ» وأنه ساعده في التركيز على مسألة التلقيح الصناعي، قائلاً إنه لم يكن على دراية كبيرة بها لكنه «أصبح نوعًا ما الأب» في هذا السياق.

ردود فعل سياسية

ثمنت السناتور كايتي بريت جهود ترامب ودعت إلى اعتبار الجمهورية الآن «حزب الآباء»، بينما اعتبرت ديمقراطية بارزة أنها وعود غير متحققة؛ فسناتور إليزابيث وارن انتقدت التعهدات وقالت إنه «كذب» عندما وعد بأن يجعل التلقيح الصناعي متاحًا لكل عائلة مجانًا واصفةً ذلك بأنه «وعد مُخِل».

المحاولة لمعالجة معدّل الولادت

قدّم ترامب، الذي وصف نفسه سابقًا بـ«رئيس التلقيح»، الإجراءات الجديدة كخطوة نحو رفع معدّل الولادات في الولايات المتحدة. أبلغت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية أن الخصوبة بقيت عند مستوى منخفض تاريخيًا، مع ارتفاع طفيف إلى 1.6 ولادة لكل امرأة في 2024. وقد غذّى هذا الرقم دعوات داخل الحزب الجمهوري لتحفيز «طفرة مواليد»، مع أصوات من اليمين تطلق تحذيرات من أن انخفاض معدلات الولادة يمثل تهديدًا حضاريًا.

يقرأ  المحكمة اللبنانية تأمر بالإفراج عن نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بكفالة قدرها ١١ مليون دولار

في المؤتمر الصحفي تكرّر قلق المسؤولين الحكوميين من بعد الاستبدال الديموغرافي: قال روبرت كينيدي الابن إن «الولايات المتحدة الآن تحت مستوى الاستبدال، وهذا تهديد للأمن القومي». أما مدير خدمات الميديكيد، محمد أوز، فبسط النظرة التفاؤلية بالقول إن التوجيهات الجديدة بدايةُ انعطاف في الاتجاه النزولي: «سيكون هناك الكثير من أطفال ترامب»، وأضاف مازحًا أن صنع الأطفال هو القوة الإبداعية الأساسية في المجتمع.

الفاعلون الأساسيون والواقع العملي

تبقى مسألة تطبيق الإرشادات معتمدة على تجاوب شركات التأمين وأرباب العمل، إذ يحصل معظم الأميركيين على تأمينهم عبر مزايا العمل. ورأى البعض أن توجيهات البيت الأبيض تضع أصحاب العمل «في مقعد القيادة» ليحددوا كيف يغطّون أسباب العقم، مثل السمنة واضطرابات الأيض، بدلاً من تدخل حكومي مباشر. لكن الديمقراطيين اعتبروا أن هذه التوجيهات لا ترقى إلى مستوى الوعد الذي أُطلق أثناء الحملة الانتخابية، ولا تحجب حقيقة أن جزءًا كبيرًا من السكان سيظل دون تغطية كافية للعلاجات المكلفة.