خمس استنتاجات رئيسية من إحاطة نهاية العام لوزير الخارجية الأمريكي روبيو أخبار السياسة

كشف كبير الدبلوماسيين، ماركو روبيو، عن أولويات السياسة الخارجية في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، قائلاً إن التركيز ينصب على تعزيز مصالح واشنطن في أنحاء العالم. وفي إحاطة استمرت ساعتين مع الصحفيين يوم الجمعة، أعاد وزير الخارجية التأكيد على موقف ترامب الصارم تجاه فنزويلا ودافع عن خفض برامج المعونة الخارجية.

روبيو — الابن المولود لعائلة مهاجرة من كوبا — عبّر أيضاً عن استيائه من «الهجرة الجماعية» نحو الولايات المتحدة، مجدداً الخطاب نفسه الذي يتبناه ترامب. إلى جانب مهامه الدبلوماسية، يتولى روبيو منصب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ورئيس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (التي تقلصت صلاحياتها الآن).

ملاحظات رئيسية من الإحاطة الإعلامية
1) مادورو لا يُعتمد عليه
روبيو قال إن أي مفاوضات إضافية مع فنزويلا ستكون بلا جدوى لأن الرئيس نيكولاس مادورو «لا يلتزم بالاتفاقات السابقة»، مما يجعل الثقة في التوصل إلى اتفاق مستقبلي أمراً صعباً. وواصل توجيه الاتهامات بأن النظام الفنزويلي استُخدم لقيادة حملات للاتجار بالمخدرات و«الإرهاب»، مظهراً ارتباطات مزعومة مع عناصر إجرامية وإرهابية، بينها اتهامات بوجود تعاون مع حزب الله وإيران — اتهامات لم تقدم واشنطن أدلة قاطعة تدعمها أمام الجمهور، وفق تقارير الاستخبارات الأمريكية.

أشار روبيو إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع حكومات نصف الكرة الغربي لضمان الاستقرار في منطقة الكاريبي، لكن فنزويلا تُعد حالة شاذة لا تتعاون، بل تتعاون علناً مع عناصر إجرامية وإرهابية، حسب قوله. كما لفت إلى تعزيز الانتشار العسكري والوجود الأمريكي قرب فنزويلا والإعلان عن حصار نفطي على كاراكاس، في ظل تصريحات متكررة من مساعدي ترامب بأن نفط فنزويلا «ينتمي» للولايات المتحدة.

2) أوكرانيا «ليست حربنا»
تناول روبيو الحرب المستمرة في أوكرانيا فقال إن الإدارة تحاول استشراف ما يمكن لروسيا وأوكرانيا تقبّله بهدف دفع طرفي النزاع إلى تسوية، لكنه شدد أن هذا الصراع «ليس حربنا» بالمعنى الأولوي، لأنه يدور في قارة أخرى. مع ذلك اعتبر أن الولايات المتحدة قادرة على لعب دور محوري في دفع الطرفين نحو تسوية. وأضاف أن مصالح نصف الكرة الغربي قد تستأثر بأولوية أعلى مقارنةً بأزمات تقع في قارّات بعيدة.

يقرأ  من المتوقع أن يوسع ترامب نطاق الوصول إلى القنب في تحول جذري في سياسة المخدرات

اللافت أن ترامب خلال حملته الانتخابية تعهّد بإنهاء النزاع في أوكرانيا في غضون 24 ساعة من عودته إلى السلطة، ثم تراجع لاحقاً عن هذا الوعد لكنه ظل ناشطاً في جهود الوساطة، بما في ذلك لقاؤه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا هذا الصيف.

3) الضغط لإنهاء «المرحلة الأولى» في غزة
أوضح روبيو أن واشنطن تدفع لإتمام المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة ليفسح ذلك المجال أمام المرحلة الثانية. العناصر الثلاثة الأساسية التي ركز عليها هي: تشكيل لجنة تقنية فلسطينية لإدارة غزة مؤقتاً، إنشاء «مجلس سلام» بقيادة دولية، ونشر قوة شرطة دولية في القطاع. وصف هذه الخطوات بأنها محور تركيز أمريكي «بمثل دقة الليزر».

كما أدان استمرار الوضع الإنساني المتردي في غزة، مشيراً إلى مقتل مئات المدنيين منذ وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الإدارة الأمريكية في أكتوبر، وذكر وقوع هجمات إسرائيلية على تجمعات مدنية مثل حفلات الزفاف، بالإضافة إلى عرقلة دخول مساعدات ومساكن مؤقتة رغم ظروف الشتاء القاسية وتكدس الخيام بين النازحين.

رداً على أسئلة حول انتهاكات إسرائيل، تجنّب روبيو الدخول في تفاصيل الاتهامات، مكرراً أن العمل الدبلوماسي لصنع السلام ما يزال جارياً وأن المرحلة الأولى يجب أن تُستكمل سريعاً لضمان دخول المانحين وإطلاق جهود إعادة الإعمار والمرحلتين التاليتين.

قضايا أخرى
– روبيو جدّد دفاعه عن تقليص المساعدات الخارجية بوصفه خياراً يخدم أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.
– كرر تحفّظه حيال المهاجرين ووصف تدفقهم بـ«المشكلة»، مسوّغاً سياسات أكثر تشدداً على الحدود.
– قال إن الولايات المتحدة «تحتفظ بالحق» في استعمال كل عناصر القوة الوطنية للدفاع عن مصالحها، مضيفاً أن كل دولة في العالم تملك خيارات مماثلة لكن الولايات المتحدة تمتلك إمكانات أكبر.

يقرأ  تغيّر الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل يفرض تكيّف السياسة الأميركية— الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

ملاحظات ختامية
في مجموع إفاداته بدا روبيو حريصاً على إبراز أنّ إدارة ترامب تتبنى مقاربة صريحة ومباشرة في حماية المصالح الأمريكية، مع تشديد على أن التدخلات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية كلها أدوات متاحة — وتُستخدم عند الحاجة — لمواجهة تحديات إقليمية ودولية يرى أنها تمس الأمن القومي للولايات المتحدة. بسسب هذا المزيج من الضغوط الدبلوماسية والتهديدات العسكرية والفرضيات الاقتصادية، تبدو الساحة الإقليمية والعالمية أمام مرحلة من إعادة ترتيب الأولويات والديناميات. «صنع السلام ليس مجرد توقيع ورقة؛ بل هو الامتثال لها»، قال. «والامتثال غالباً، وفي معظم الحالات، يتطلّب متابعة يومية مستمرة ورعاية».

التعاون مع الصين

بصفته عضواً في مجلس الشيوخ، كان ماركو روبيو من الصقور حيال الصين. إلا أنه يوم الجمعة تبنّى نبرة أكثر ليونة حين تناول العلاقات مع بكين، مشدِّداً على ضرورة التعاون رغم التوترات الثنائية المتصاعدة.

قال مازحاً: «أعتقد أنني كنت لطيفاً مع الصين». وأضاف أن الولايات المتحدة أحرزت «تقدماً جيداً» مع بكين.

«إذا كان هناك تحدٍّ عالمي يمكن للصين والولايات المتحدة العمل معاً على حله، فيمكننا أن ننجز ذلك»، قال للصحفيين. «وسيظل هناك نقاط توتّر. وندرك أن مهمتنا هي موازنة هذين السببين. أظن أن كلا الطرفين يفهم ذلك».

بعد حرب تجارية تصاعدت في بداية الولاية الثانية لترامب، توصلت الولايات المتحدة والصين في نوفمبر إلى اتفاق لمدة عام لتجميد الرسوم الجمركية وتسوية قضايا أخرى.

لمدّة تقارب العقد، وصف مسؤولون أميركيون المنافسة العالمية مع بكين بأنها القضية الأكثر إلحاحاً في السياسة الخارجية الأميركية. لكن في الأشهر الأخيرة، حمّل ترامب مزيداً من الاهتمام لقارة أمريكا، ما بدا وكأنه تقليص لأولويته للتنافس مع الصين.

الالتزام بالناتو

إلى جانب الهجوم الذي شنّته إدارة ترامب على أوروبا وقادتها بسبب سياسات الهجرة واللوائح الأوروبية، أعاد روبيو يوم الجمعة التأكيد على إلتزام الولايات المتحدة بتحالف الناتو العسكري.

يقرأ  مع اقتراب ترامب وشي من إبرام صفقة... قليلون يتوقعون تهدئة التنافس المحتدم بين الولايات المتحدة والصينأخبار التجارة الدولية

أشار إلى أن الدفاع المشترك للناتو، كما ورد في المادة الخامسة من معاهدة الحلف، يشكل رادعاً لأي حملة عسكرية روسية تتجاوز حدود أوكرانيا.

«لهذا السبب نظل في الناتو»، قال. «لهذا دخلنا هذا الحلف، ولهذا تكمن أهمية المادة الخامسة في حلف الناتو».

أما الطلب الوحيد الذي تطرحه الولايات المتحدة على حلفائها في الناتو، فأوضح روبيو، فهو زيادة الإنفاق العسكري.

سعى ترامب إلى رفع الحدّ الأدنى للإنفاق الدفاعي لأعضاء الحلف إلى خمسة أمثال ما نسبته خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة، لكن بعض الدول، وعلى رأسها إسبانيا، نادت بمنح مزيد من المرونة في ميزانياتها العسكرية.

وأعرب الحلفاء الأوروبيون في الناتو أيضاً عن قلقهم بشأن التزام ترامب بالحلف العسكري، مستندين إلى تصريحات غامضة أدلى بها سابقاً حول المادة الخامسة. لكن روبيو حاول طمأنتهم وتلافي تلك المخاوف.

«نحن ملتزمون بالحلف. والتزامنا ليس مجرد خطاب»، قال روبيو. «التزامنا عمل ملموس: في القوات المنتشرة، والأموال التي صُرفت، والقدرات الموجودة في إطار التعاون».

أضف تعليق