رئيس وزراء فرنسا يعلّق إصلاح المعاشات المثير لجدل ماكرون

أجل رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو الإصلاح المثير للجدل لمعاشات التقاعد المرتبط برئيس الجمهورية امانويل ماكرون، مؤجِّلاً رفع سن التقاعد إلى 64 سنة حتى يناير 2028، كخطوة تصالحية مع المعارضة لمحاولة إنهاء الجمود السياسي الراهن.

وقال ليكورنو في بيان حكومي أمام نواب الجمعية الوطنية في باريس يوم الثلاثاء: “هذا التعليق يهدف إلى إرساء الثقة اللازمة لتطوير حلول جديدة.”

وفي ظل تهديد لا يقل عن اقتراعي حجب ثقة، واجه ليكورنو البرلمان في محاولة حاسمة للحصول على دعم لميزانية مخففة لعام 2026.

فاعلَة الإعلان زادت من فرص بقاء رئيس الوزراء المعاد تعيينه أمام اقتراعي حجب الثقة المقرَّرين يوم الخميس، واللذين قدّما من تحالفات يسارية ويمينية على حد سواء.

وعلّق زعيم الكتلة الاشتراكية بوريس فالّو لاحقاً بأن حزبه لن يصوّت ضد الحكومة، لكنه أشار إلى أن نتائج التصويت تبقى غير مضمونة لأنها لا تُخضع النواب لالتزام حزبي صارم.

اعتماد ليكورنو على المعارضة

بما أن المعسكر الحكومي لا يملك أغلبية في الجمعية الوطنية، يعتمد ليكورنو على دعم أو تسامح أحزاب لا تشارك في حكومته، وإلا فإن حكومته الوسطى – اليمينية تواجه خطر السقوط بعد أيام قليلة من تشكيلها.

وكان الاشتراكيون قد اشترطوا تعليق إصلاح التقاعد كشرط للتسامح مع الحكومة الجديدة.

قال فالّو موضحاً موقف الاشتراكيين: “ليس لدينا سوى بوصلة واحدة، مصالح البلاد ومصالح الشعب الفرنسي.” وأضاف: “أدرك تكلفة هذه المخاطرة علينا. نحن نغامر بمغامرة شديدة الخطورة، ولن يكشف المستقبل سوى نتيجتها.”

كما حذّر فالّو من أن إسقاط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة قد يؤدي إلى مكاسب كبيرة لليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان، مما يعرّض الديمقراطية وسيادة القانون في فرنسا للخطر.

رغم تغيير مسار رئيس الوزراء، تظل الأزمة السياسية في فرنسا بعيدة عن الحل.

يقرأ  بوليفيا تستعد لانتخابأول رئيسٍ غير يساري منذ عقدين

منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة في يونيو–يوليو 2024، انقسمت الجمعية الوطنية إلى أقطاب سياسية متنافسة متعددة، لا يملك أي منها أغلبية حاكمة قادرة على تشكيل تحالفات مستدامة، وكل منها يعيق الآخر.

تُعد حكومة ليكورنو الجديدة رابعة حكومة منذ تلك الانتخابات.

الإصلاح أثار احتجاجات واسعة

تم تمرير إصلاح التقاعد الذي اعتُبر محورياً للرئيس ماكرون عبر البرلمان دون تصويت في مارس 2023، مما أثار احتجاجات شعبية امتدت شهوراً في أنحاء البلاد. ودافعت الحكومة عن الإجراءات باعتبارها ضرورة للحد من عجز النظام التقاعدي المتنامي.

ودعا ليكورنو الآن إلى إعادة النقاش حول إصلاح منظومة التقاعد، مؤكداً أن النظام يجب أن يبقى متوازناً على المدى الطويل وأن لا يزيد العجز الكبير للدولة الفرنسية. وأضاف أنه “يجب أن يكون التووازن المالي محفوظاً أيضاً عبر إجراءات توفير.”

وأوضح أن تكلفة نظام التقاعد تُقدّر بنحو 400 مليون يورو (حوالي 463 مليون دولار) في 2026 وبنحو 1.8 مليار يورو في 2027، وأن تعليق الرفع سيفيد في النهاية نحو 3.5 مليون فرنسي، شرط أن يُصاغ ذلك في إطار مالي متوازن.

واقترح ليكورنو تنظيم مؤتمر حول التقاعد والعمل بالتشاور مع الشركاء الاجتماعيين، وإذا أثمر ذلك عن نتائج فستقوم الحكومة بتطبيق الاتفاق بقوة القانون، ويبت البرلمان في مسألة التنفيذ.

وقال: “وإلا فالمهمّة تبقى لمرشحي الرئاسة لعرض اقتراحاتهم، وللشعب الفرنسي أن يبت فيها.”

ليكورنو يعرض ميزانية تقشفية

قدمت مسودة الميزانية في أول اجتماع لمجلس الوزراء للحكومة الجديدة الثلاثاء، وتهدف بحسب الناطقة باسم الحكومة مود بريجيون إلى خفض العجز من المتوقع أن يبلغ 5.4% هذا العام إلى أقل من 5% في العام المقبل.

بلغ عجز فرنسا 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، متجاوزاً بكثير حد 3% الذي فرضته معاهدة الاستقرار الأوروبية، وقد أطلقت المفوضية إجراءات لفرض مراقبة عجز فرنسا في يوليو 2024.

يقرأ  رئيس وزراء نيبال المؤقت يتعهّد بتسليم السلطة خلال ستة أشهر

وحذّر ماكرون خلال اجتماع مجلس الوزراء من أن الاقتراحات لحجب الثقة قد تدفعه إلى حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات جديدة، ونقلت بريجيون عنه القول إنه أخبر الوزراء أن بعض السياسيين المعارضين يسعون ليس للنقاش بل للحلّ.

أضف تعليق