رسائل إبستين الإلكترونية إلى الكاتب وولف تثير تساؤلات حول أخلاقيات العمل الصحفي — خبراء

دفعة رسائل إلكترونية جديدة صادرة حديثًا تتعلق بالمُجرِم الجنسي المدان جيفري إبستين أثارت تكهّنات متجددة حول علاقة الممول الراحل بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن خبراء يؤكدون أن دلالتها تمتد إلى ما وراء البيت الأبيض.

الرسائل الإلكترونية التي لم تُنشر من قبل زادت من الضغوط على إدارة ترامبب للإفصاح عن الملفات المتعلقة بإبستين والمتاحة لدى جهات حكومية أميركية، ويتوقع أن يجرِي تصويت في الكونغرس قريبًا — ربما الأسبوع المقبل. ونفى ترامب وجود ما يخفيه، مؤكدًا أنه عرف إبستين لكنه قطع العلاقات معه في أوائل العقد الأول من الألفية.

قصص موصى بها

إلى جانب ما يتعلق بالروابط مع البيت الأبيض، تثير الرسائل الجديدة أسئلة أخلاقية حول دور الكاتب الشهير مايكل وولف، الذي بدا وكأنه يزوّد إبستين بنصائح حول كيفية التعامل مع علاقته بترامبب.

في المراسلات التي نشرها الديمقراطيون في لجنة الرقابة في مجلس النواب، بدا وولف — المعروف بكتبه التي كشفت خفايا إدارة ترامب الأولى — وكأنه يبادل معلومات حسّاسة قبل مناظرة رئاسية على شبكة CNN في ديسمبر 2015، موجِّهًا نصائح لإبستين عن كيفية استثمار صلته بترامب.

كتب وولف: «أسمع أن CNN تخطط لسؤال ترامب الليلة عن علاقتك — إما على الهواء أو في الاندفاع بعدها». فأجاب إبستين: «لو صغنا له جوابًا، ما رأيك أن يكون؟» فرد وولف: «أظنّ أنه يجب أن تتركه يعلّق نفسه. إن قال إنه لم يركب الطائرة أو لم يزر المنزل، فذلك يمنحك رصيدًا إعلاميًا وسياسيًا ذا قيمة». وأضاف وولف: «يمكنك أن تشنقه بطريقة تدرُّ عليك منفعة، أو إن بدا أنه قد يفوز حقًا فتنقذه فتخلق له دينًا عليك. ومن الممكن أيضًا أنه عند السؤال سيقول إن جيفري إنسان رائع وتعرّض لمعاملة ظلم، وضحية لـ’الصواب السياسي’، وهو ما يجب أن يُلغى في نظام ترامب».

يقرأ  الكاتب الكندي روبرت مونش يحصل على موافقة للموت الرحيم

تواصلت الجزيرة مع وولف للتعليق لكنه لم يرد. وفي لقاء عبر بودكاست مع موقع The Daily Beast، قال وولف إنه كان يسعى في ذلك الوقت إلى بناء علاقة مع إبستين لفهم ترامب بشكل أفضل، لكنه أقرّ بأن تعليقاته قد تبدو «محرجة» بأثر رجعي.

يُعرف وولف، البالغ من العمر 72 عامًا، بكتبه الأربعة التي تكشف آليات داخلية في إدارة ترامب الأولى، ومنها “نار وغضب: داخل البيت الأبيض لترامب”.

الأخلاقيات المهنية ودور الكاتب

قالت جين كيرتلي، أستاذة أخلاقيات الإعلام والقانون بجامعة مينيسوتا، إن تقييم سلوك مثل سلوك وولف عند تعامله مع إبستين يعتمد على كيفية فهم دور الكاتب. «هناك من هم مراسلون، وهناك معلقون، وهناك كتّاب كتب، وتختلف طرق عمل كل فئة»، قالت لكاتب هذه الصحيفة. «إن رغبت في أن تكون شخصًا للعلاقات العامة أو وكيلاً، فهذه خيارات مهنية مشروعة، لكنها للأسف غير متوافقة مع مهنة الصحافة لأن الجمهور يحق له أن يفترض بأنك تعمل باستقلالية». وأضافت: «لا يمكن للمرء أن يخدم سيدين؛ إما أن تكون مصروفك مصلحة الجمهور أو تخدم مصالح أخرى».

التغطية من الداخل

يشير خبراء إلى أن الصحفيين غالبًا ما يواجهون معضلات أخلاقية ومهنية أثناء بناء علاقات مع مصادر، لا سيما في مجالات تُقدَّر فيها معلومات المطلعين عاليًا، كما في أبحاث وولف حول علاقات شخصيات في إدارة ترامب الأولى. لكن سعيهم لكسب ثقة مصادر نافذة قد يثير تساؤلات عن قربهم من مراكز السلطة التي يفترض بهم مراقبتها.

قال إدوارد واسرمان، أستاذ الصحافة بجامعة كاليفورنيا (بيركلي)، إن مثل هذه العلاقات يجب أن تحافظ على حدود وأن توازن بين فائدتها المعلوماتية والالتزامات الأخلاقية تجاه الجمهور. «أعتقد أن الجمهور يحق له أن يكون متشككًا إزاء هذه العلاقة الحميمة مع المصادر»، قال واسرمان. «لكن جواب الصحفي هو أن هذا يصب في مصلحة الجمهور، فهناك بُعد تكفيري لهذا الأمر؛ إذ يمكّن العلاقات التي تدفع الأشخاص للاعتماد على الصحفي لتبادل معلومات يمكن مشاركتها مع الجمهور».

يقرأ  لن يُعقد اجتماع خاص بشأن مشاركة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن للأغنية

ومع ذلك، قد تنقلب العلاقة على نحو مقلق إذا ما أغرى الصحفي نفسه بتقديم معاملة تفضيلية لمصدر على أمل مقابل معلومات.

مثال آخر في الوثائق هو مراسلات لاندون توماس الابن، المراسل المالي السابق في صحيفة نيويورك تايمز، والتي أظهرت ودًّا ملموسًا مع إبستين، إذ أخبره عن كاتب يُدعى جون كونولي كان يجري بحثًا عنه. في رسالة مؤرخة الأول من يونيو 2016 كتب توماس: «يستمر ذلك الرجل بالاتصال — جون كونولي. يبدو مهتمًا بعلاقتك مع وسائل الإعلام. قلت له إنك رجل رائع :)» وفي رسالة أخرى تمهيدًا في 27 سبتمبر 2017 أضاف: «يبدو أنه يحفر من جديد. أظن أنه يبحث في أمور متعلقة بترامب أيضًا. على أي حال، للأمانة…»

أفادت محطة NPR أن توماس لم يعد يعمل لدى التايمز بحلول يناير 2019، وأنه تبين أنه طلب من إبستين تبرعًا بقيمة 30 ألف دولار لمركز ثقافي في نيويورك. واعتبرت النيويورك تايمز أن هذا السلوك انتهاك واضح لسياسات أخلاقياتها واتخذت إجراءً فور معرفتها بالأمر.

شكوك في القدرة على الإبلاغ الموضوعي

لفت واسرمان إلى أن مشاركة وولف المباشرة في قضايا تربط ترامب وإبستين ووسائل الإعلام تثير شكوكًا حول قدرة الكاتب على التغطية بموضوعية ومصداقية. «المشكلة أن وولف كان يقدم نصائح حول كيفية تهيئة المشهد لصالح إبستين، والمشكلة بالنسبة لي هي أنه سيحتفظ بعد ذلك — على ما يبدو — بحق تقرير النتائج»، قال.

ولا يزال من غير الواضح إن كانت علاقة وولف مع إبستين قد أدت إلى كشف علني جوهري يبرر مثل هذه القرابة مع المصادر، خصوصًا بأن هذه الرسائل لا تضيف توضيحًا للحَسْرَة الأساسية: هل كان ترامب مشاركًا جنسيًا في ما جرى مع إبستين والنساء الشابات؟ أشار واسرمان إلى أن «ليس هناك ما يُظهر أن وولف سأَل عن ذلك أصلًا».

يقرأ  المبعوث الأمريكي يختصر زيارته إلى لبنان وسط احتجاجات وغضب على تصريحات صحفية — أخبار حزب الله

أضف تعليق