أعلنت قيادة هونغ كونغ عن إقامة لجنة مستقلة برئاسة قاضٍ للتحقيق في أسباب أسوأ حريق تشهده المدينة منذ عقود، الحادث الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 151 شخصًا وأصاب نحو 80 آخرين بجروح.
وقال جون لي، الرئيس التنفيذي للمنطقة الإدارية الخاضعة للحكم الصيني، يوم الثلاثاء إنّه سيجري تجاوز المصالح الخاصة وملاحقة المسؤلية عن الحادث الذي اجتاح سبعة برجي سكن في مجمّع وانغ فوك كورت حيث يعيش أكثر من 4,600 نسمة في منطقة تاي بو. وأضاف: «علينا كشف الحقيقة، وضمان محاسبة المسؤولين، وإراحة موتانا، ومواسـاة الناجين».
ورداً على سؤال صحافي عن سبب بقاءه في منصبه بعد هذا الكارثـة، اعتبر لي أنّ الإصلاح ضروري، وأنه تم تحديد إخفاقات في مراحل متعدّدة، «ولذلك علينا العمل بجد لسدّ الثغرات ومحاسبة المسؤولين». وأكد عزم السلطات على معالجة أوجه القصور وإصلاح نظام تجديد المباني بأكمله لمنع تكرار مثل هذه الكوارث.
انطلقت النيران بعد ظهر الأربعاء الماضي بموضع قرب سقالات كانت مركّبة لأعمال الصيانة في الأبراج. وتشير تقديرات السلطات إلى أن رياحًا قويةً ومواد بلاستيكية شبكية ورغوة عزل منخفضة المواصفات استُخدمت أثناء التجديد أدت إلى انتشار الحريق بسرعة تفوق قدرة فرق الإطفاء على مكافحته. كما أشار المسؤولون إلى أن عمال التجديد خلطوا شبكًا رديئًا مع شبك مرخّص «للتغلب على التفتيش»، وأن أجهزة الإنذار في المجمع لم تكن تعمل بصورة سليمة.
أكمل المحققون تفتيشهم وفحصهم لمعظم الأبراج السبعة المتضرّرة، باستثناء برجَين، حيث عُثر على جثث عالقة في السلالم وعلى الأسطح بعد محاولات هروب من النيران؛ ولا يزال حوالي 30 شخصًا مفقودين. واعتقلت شرطة هونغ كونغ 13 شخصًا بموجب تحقيق جنائي يتصاعد حول شبهات التسبب بالوفاة، بينما أجرت هيئة مكافحة الفساد تحقيقات وأوقفت 12 شخصًا في شأن الصلة بالمأساة.
وكان سكان وانغ فوك كورت قد أبلغوا العام الماضي من قِبل السلطات بأنهم يواجهون «مخاطر حريق نسبياً منخفضة» بعد شكاواهم من مخاطر ناجمة عن أعمال التجديد، بحسب إدارة العمل في المدينة، ومنها مخاوف بشأن قابلية الاشتعال للشبك الذي غطّت به شركات المقاولات السقالات. وأظهرت اختبارات لعَيّنات من شبك أخضر كان ملفوفًا حول السقالات البامبو أثناء الحريق أنه لا يفي بمعايير مقاومة الحريق، حسبما صرّح قادة التحقيق في مؤتمر صحافي.
قال إيريك تشان، سكرتير الإدارة العليا في المدينة، إن المقاولين استخدموا مواد دون المستوى المطلوب في مناطق يصعب الوصول إليها لإخفائها عن المفتشين. ومع تدفّق مشاعر الحزن والمطالب بالمحاسبة في المدينة، أوردت وسائل إعلام محليّة توقيف عدة أشخاص كانوا يطالبون بتحقيق مستقل، من بينهم طالب يُدعى مايلز كوان (24 عاماً) اعتُقل بتهمة «التحريض» بعد توزيع منشورات تطالب بمراجعة الرقابة على البناء؛ ثم أُفرج عنه لاحقًاٍ بحسب التقارير، كما نُقل عن توقيف شخصين آخرين من بينهم مستشار منطقة سابق.
أعربت منظّمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، عن قلقها من توقيف مَن يطالبون بالمساءلة، وحثّت السلطات على فتح تحقيق شفاف في أسباب الحريق بدلاً من إسكات المطالبين بإجابات. من جهتها أصدرت غرفة الأمن القومي الصينية بيانًا تحذيريًا لمن وصفهم بـ«المخربين المناهضين للصين» من استغلال المأساة لإعادة هونغ كونغ إلى حالة الفوضى التي شهدتها عام 2019، مشدّدة على أنّ كلّ من يحاول ذلك «سيحاسب ويعاقب بشدة».