في حقل كرة قدم تحيط به جبال ضبابية، ارتفعت أصوات الخطب الحماسية بينما يحتج مجتمع من السكان الأصليين على مشروع سد ضخم مخطط له، في أحدث تحرّك من الهند في سياق تنافسها مع الصين على مياه الهيمالايا.
تقول نيودلهي إن البناء المقترح قد يوازن بين مشروع صيني قيد الإنشاء في التبت، عبر احتجاز مياه هائلة والحدّ من مخاطر فيضانات مفاجئة قد تُستخدم كسلاح. بالنسبة لسكان أحد المواقع المحتملة للسدّ الأكبر في الهند، يبدو المشروع كحكم بالإعدام.
«سنجاهد حتى نهاية الزمان»، قال تابير جاموه، من قرية ريو الرفيعة القشّ، وهو يرفع قوساً وسهماً مسموماً في إيماءة تحدٍ للسلطات. «لن نسمح ببناء السدّ.»
أرض جاموه تنتمي إلى شعب الأدي في أقصى شمال شرق الهند، مفصولة عن التبت وميانمار بقمم شاهقة مكسوة بالثلج. تُظهر المخططات المقترحة أن نيودلهي تنظر في موقع ضمن ولاية أروناتشال براديش لإنشاء خزان ضخم يعادل أربعة ملايين حوض سباحة أولمبي، خلف سد يبلغ ارتفاعه نحو 280 متراً (918 قدماً).
المشروع يأتي بينما تواصل الصين دفع مشروع «ياكسيا» بقيمة 167 مليار دولار على النهر المعروف في الهند باسم سيانغ، وفي التبت باسم يارلونغ تسانغبو. يتضمن مخطط بكين خمس محطات لتوليد الكهرباء قد تنتج ثلاثة أضعاف ما ينتجه سدّ الخوانق الثلاثة، مع بقاء تفاصيل أخرى قليلة متاحة. وتصرّ بكين على أن المشروع لن يترك «تأثيراً سلبياً» على المصب.
«الصين لم تَكن قط، ولن تكون، لديها نية لاستخدام مشاريع الكهرباء الكهرومائية العابرة للحدود لإلحاق الضرر بمصالح دول المصب أو ابتزازها»، نقلت وزارة الخارجية الصينية إلى وكالة الأنباء.
تحيط بقرية ريو مواقع مدرجة ضمن القائمة المختصرة لسدّ الردّ الهندي، وهو المشروع الذي يشعر أهل المنطقة أنه الخطر الأكثر إلحاحاً عليهم. «إذا جُرّ النهر إلى السد، سنختفي أيضاً»، قال جاموه (69 عاماً). «فمن سيانغ نستمد هويتنا وثقافتنا.»
رغم تحسّن العلاقات نسبياً بين نيودلهي وبكين، تظل الدولتان الأكثر سكاناً في العالم على خلافات حدودية عدة تحرسها عشرات الآلاف من القوات، ولم تُخفِ الهند قلقها. يُعد نهر سيانغ فرعاً للنهر العظيم براهمابوترا، ويخشى المسؤولون الهنود أن تستخدم الصين سدّها كصنبور تحكّم لخلق جفاف قاتل أو لإطلاق «قنبلة مائية» نحو المصب.
رفضت الصين ذلك ووصفت المبالغات حول مشروع ياكسيا باعتباره «قنبلة مائية» بأنها لا أساس لها وخبيثة.
قد ينتج سدّ الهند نحو 11,200–11,600 ميغاواط من الكهرباء الكهرمائية، ما يجعله الأكبر في البلاد ويسهم في تخفيف انبعاثات شبكة كهرباء تعتمد إلى حدّ كبير على الفحم. سيوفّر السدّ خزاناً عملاقاً بسعة تقارب 9.2 مليار متر مكعب، مع تفاوت مساحة الغمر بحسب الموقع النهائي للانشاء. سيبنى هذا الخزان ليكون مخزناً ضخماً للمياه ولحماية السواحل الداخلية من الفيضانات المفاجئة.
شعب الأدي، مثل جاموه، يعتبر النهر مقدّساً ويعتمد على مياهه في أرضهم الخضراء المُزدانة بأشجار البرتقال والجاك فروت. يخشون أن يغرق سلوكهم وموروثهم مع ارتفاع منسوب المياه. «نحن أبناء السيانغ»، قال جاموه، الذي كان رأس قرية ريو قبل أن تُجبره السلطات على الاستقالة إثر احتجاجه ضد السدّ.
المقيمون متيقنون أن السدّ سيغمر عشرات القرى. «إذا شُيّد سد ضخم، ستختفي جماعة الأدي من خريطة العالم»، قالت ليكينغ ليبانغ من يينكيونغ، المدينة التي يتوقع حتى المسؤولون أن يغمرها الماء تماماً. «سيُهجّر الأديون كليةً. لن نكون موجودين».
لم تُجب شركة NHPC، المرفق الهندي العام للكهرباء الكهرومائية، على طلبات وكالة الأنباء للتعليق.
تعتبر الخبيرة في حوكمة المياه العابرة للحدود أناميكا باروا من معهد التكنولوجيا الهندي غواهاتي أن سياسة «سدّ مقابل سدّ» قد تكون تناقضية وذات أثر مرتجع. «الحوار الدبلوماسي، واتفاقات شفافة لتقاسم المياه، والاستثمار في إدارة أحواض الأنهار التعاونية ستأتي بنتائج أكثر استدامة وعدلاً من بناء بنى تحتية ردّية»، قالت باروا. كما أن إقامة سدود ضخمة في منطقة عرضة للزلازل مثل أروناتشال براديش محفوف بالمخاطر.
إلا أن حملة البناء الهندية لسدود عملاقة تشير إلى أن المشروع سيستمر رغم المعارضة؛ فمشروعان كبيران آخران تجاوزا مقاومة محلية سابقة.
«إذا كان لا بد من بناء السدّ، فأتمنى أن أموت قبل أن يأتي ذلك اليوم»، قال جاموه وهو لا يزال ممسكاً بقوسه وسهامه، مصدراً تهديداً ومعبراً عن يأس عميق.