شيماء خليل — مراسلة في اليابان
إيفيت تان — سنغافورة
اللحظة التي انتُخبت فيها سناء تكايتشي رئيسة للوزراء
انتخبت البرلمان الياباني سناء تاكايتشي رئيسة للحكومة، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد. وكانت المرشحة البالغة من العمر 64 عاماً قد حصدت أغلبية واضحة يوم الثلاثاء: 237 صوتاً في مجلس النواب القوي، و125 صوتاً إضافياً في مجلس الشيوخ، وذلك بصفته زعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم.
تاكايتشي معروفة بمواقفها المحافظة الصارمة وبإعجابها برئيسة الحكومة البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر. وتستلم القيادة في مرحلة اقتصادية دقيقة، إذ تواجه اليابان ارتفاع تكاليف المعيشة وغضباً شعبياً متزايداً. كما شهد اقتصادها، رابع أكبر اقتصاد في العالم، فترة من عدم الاستقرار: هي رابع رئيس حكومة خلال خمس سنوات، بعد أن قُصر عمر ولايات سابقيها بفعل تراجع التأييد واندلاع فضائح.
مسارها إلى المنصب لم يخلُ من العقبات؛ فعلى الرغم من فوزها في سباق قيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي مطلع أكتوبر بعد منافسة مع أربعة رجال، بدا طريقها موصداً عندما سحب حليف الحزب التقليدي، حزب كوميتو، دعمه. لكن اتفاقاً في اللحظات الأخيرة مع حزب “ابتكار اليابان” ذي التوجه اليميني المعروف باسم إيشين أنقذ الموقف. وستواجه تاكايتشي والحزب الليبرالي الديمقراطي الناخبين مرة أخرى في انتخابات متوقعة عام 2028.
على الصعيد الخارجي، تواجه رئيسة الوزراء الجديدة تحديات دبلوماسية معقدة. كوريا الجنوبية، التي بدأت فترة من التصالح المترددة مع اليابان، تبدو متوجسة من مواقفها الوطنية اليمينية. وبمثل أسلافها بمن فيهم شينزو آبي الراحل، تُعتبر تاكايتشي حازمة تجاه صعود النفوذ الصيني. أما العلاقة الأكثر حساسية فتبقى مع الولايات المتحدة، والاختبار القادم موعده لقاء مرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع المقبل.
رغم التوصل إلى اتفاق حول التعريفات الجمركية بين طوكيو وواشنطن، أثارت تصريحات ترامب السابقة حول جدوى معاهدة الأمن الموجودة بين البلدين ومطالبته بأن تدفع اليابان أكثر مقابل حمايتها مخاوف لدى الدبلوماسيين؛ وستضطر تاكايتشي إلى إدارة هذه القضايا في ظل إدارة أمريكية يصعب التنبؤ بتوجهاتها.
تاكايتشي ليست وافدة جديدة على السياسة اليابانية؛ فهي حليفة معروفة لآبي وشغلت عدة حقائب وزارية وخاضت محاولات سابقة لنيل منصب رئاسة الوزراء. تولت قيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي عقب استقالة زعيمه السابق شيغيرو إيشبا إثر خسائر فادحة في انتخابات التجديد النصفي.
لُقِّبت بـ«سيدة الحديد» لتماثلها مع تاتشر في التوجهات، وتشتهر بمواقف محافظة تشمل معارضتها للزواج بين الأشخاص من نفس الجنس ورفضها المطالب المتزايدة للسماح للمتزوجات بالاحتفاظ بألقابهن الأصلية. لهذا السبب أبدى بعض الشابات تشككاً في دلالات انتخابها. قالت الطالبة آيدا أوغورا (21 عاماً): «الجميع يقول: واو، إنها أول امرأة تصبح رئيسة وزراء في اليابان وهذه فرصة عظيمة لتمكين المرأة، لكن إذا نظرنا إلى معتقداتها السياسية وما تدافع عنه، نجد أموراً تقليدية جداً؛ بدلاً من إحداث تغيير هيكلي، تبدو كأنها تعزّز النظام الأبوي.»
خلال حملتها اقترحت توسيع خدمات المستشفيات لصحة المرأة وإعطاء عمال الرعاية المنزلية اعترافاً أكبر بمساهماتهم. ومع ذلك، تنتظرها مهمة كبرى تتمثل في إعادة بناء ثقة الجمهور بالحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي حكم اليابان معظم سبعين سنة الماضية لكنه فقد أغلبيته في مجلس النواب لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً تحت قيادة إيشبا، ثم خسر الأغلبية في مجلس الشيوخ في يوليو إثر غضب شعبي ناجم عن فضيحة جمع تبرعات.
بهدف استعادة الناخبين المحافظين الذين انجذب كثيرون منهم إلى حزب اليمين المتطرف سانسايتو بعد خيبة أملهم من البدائل التقليدية، راهن الحزب على اختيار تاكايتشي. لكن أولوياتها الفورية ستتجه لمعالجة الغضب الشعبي الناجم عن استمرار ارتفاع الأسعار؛ فمثلاً أدى نقص مستمر في إمدادات الأرز إلى وصول أسعار هذه السلعة الأساسية لمستويات قياسية.
تتداول وسائل الإعلام المحلية إمكانية تعيين ساتسوكي كاتاياما وزيرة للمالية، وهو تعيين يشكل سابقة تاريخية أخرى إن تم، وكاتاياما بدورها من تلاميذ آبي. وعلى الرغم من أن مخاوف المستثمرين حيال الديون المتصاعدة ونمو الاقتصاد الباهت ما تزال قائمة، فقد بدا فوز تاكايتشي بمثابة نفحة تفاؤل للأسواق في الأفق القريب.