«سيناريو»: رسائل المشتبه بأنه قاتل تشارلي كيرك تغذي نظريات المؤامرة — أخبار السياسة

اندفاع من نظريات المؤامرة بدأ تقريباً منذ لحظة كشف السلطات عن الرسائل النصية التي يُزعم أن المشتبه به باغتيال الناشط اليميني الأمريكي تشارلي كيرك أرسلها.

بعد أن نشر المدّعون في ولاية يوتا يوم الثلاثاء ما يُقال إنها تبادلات نصية بين تايلر روبنسون البالغ من العمر 22 عاماً وشريكه العاطفي، انهالت على مواقع التواصل الاجتماعي موجة من الشكوك حول صحة تلك الرسائل، بما في ذلك من قبل عدد كبير من المؤثرين البارزين.

ادعى بعضهم صراحة أن النصوص، التي يبدو أن روبنسون فيها يعترف بقتل كيرك، مفبركة من قبل السلطات. واحتجت كثير من المنشورات على اللغة والنبرة في هذه التبادلات، معتبرةً أنها لا تتناسب مع أسلوب شاب في الثانية والعشرين من عمره، وأن سرد واقعة إطلاق النار كان وافر التفاصيل لدرجة تفقده المصداقية.

ومن اللافت أنه وسط الاستقطاب السياسي الحاد في الولايات المتحدة، جمعت هذه التكهنات شخصيات من اليمين واليسار على حد سواء.

مات والك، المعلق اليميني ومقدم البودكاست ذو الملايين من المتابعين على إكس ويوتيوب، اقترح أن التبادلات قد كُتبت لتبرئة شريكة روبنسون المتحولة جنسياً من أي تورط في الحادث. وقال على إكس: «يبدو أن هذه استراتيجية طلعوا بها بعدما شاهدوا كثيراً من التلفاز».

حاكم يوتا، سبنسر كوكس، قال إن الشريك، الذي وُصف بأنه «ذكر يتحول إلى أنثى»، لم يكن على علم مسبق بالجريمة ويتعاون تماماً مع السلطات.

ستيفن بانون، المستشار السابق لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، وصف النصوص على بودكاست خاصته بأنه «لا يشتريها»، قائلاً إنها «مصطنعة للغاية، تبدو كأنها نص مكتوب للمشهد».

وعلى الطرف الآخر من الطيف السياسي، قال مجيد باديلان، مؤثر تقدمي يُعرف باسم Brooklyn Dad Defiant، إنه لا يصدق «لثانية واحدة» أن روبنسون هو من كتب تلك الرسائل. وأضاف على إكس: «لم أكن أعرفه شخصياً، لكن لا يكتب أي شاب في الثانية والعشرين رسائل نصية بهذه الطريقة». واصفاً الأمر بـ«ميم ستيڤ بوسيمي على اللوح — How do you do, fellow kids؟»

يقرأ  الحكومة الأمريكية تجري محادثات للاستحواذ على حصة في إنتل — تقرير (أخبار التكنولوجيا)

المعلقة الليبرالية جوان كاردوتشي، المعروفة باسم JoJoFromJerz، لاحظت أن الرواية الرسمية عن الاغتيال خلّفت اتفاقاً نادراً عبر الانقسام الأيديولوجي. وقالت: «لا أحد يشتري هذه الرسائل النصية. لا اليسار ولا اليمين. لم نعد نتفق على شيءٍ تقريباً، لكن في هذه المسألة اتفقنا. إذا لم يكن هذا دليلاً صارخاً، فماذا يكون؟»

مكتب المدعي في مقاطعة يوتا لم يرد على طلب للتعليق بخصوص الادعاءات المتداولة على الإنترنت.

أصبحت التكهنات ونظريات المؤامرة سمة روتينية في ردود الفعل على أعمال العنف البارزة في الولايات المتحدة داخل المشهد المشتعل والمهيأ بسهولة لإثارة العنف في منصات التواصل والمنتديات الإلكترونية. فعقب مقتل عضو سلطة تشريعية في مينيسوتا وزوجها في يونيو، ادعى منظرو مؤامرة يمينيون أن إطلاق النار نفذه متطرف يساري أو جرى بالنيابة عن حاكم الولاية الديمقراطي تيم والز، في حين أن المشتبه به المزعوم، فانس بولتر، كان يحمل آراء محافظة متشددة في قضايا مثل الإجهاض وحقوق مجتمع الميم.

حوادث إطلاق النار الجماعي السابقة مثل مذبحة 2022 في أوفالدي بولاية تكساس، وحادثة المدرسة الثانوية في باركلاند 2018 بفلوريدا، وإطلاق النار في لاس فيغاس 2017، أدت كلها إلى ولادة نظريات مؤامرة يمينية، من بينها الادعاء أن الهجمات مُدبرة لإعطاء الحكومة ذريعة لتقييد حقوق حمل السلاح.

رغم أن كثيراً من نظريات المؤامرة تقف خلفها فصائل أيديولوجية محددة، فإن اغتيال كيرك يعد آخر الأحداث التي غذّت ادعاءات لا أساس لها ذات «جاذبية عابرة للأيديولوجيات»، وفقاً لإريك أوليفر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو المتخصص في دراسة نظريات المؤامرة.

الادعاءات المتعلقة بروبنسون تندرج في قالب النظريات التي لاحقت الممول المدان والمعتدي جنسياً جيفري إبستين وصناعة الأدوية، وهي نظريات تقطع الخطوط الحزبية والأيديولوجية أيضاً، بحسب أوليفر. وأضاف: «الناس مشحونون عاطفياً بهذا الحدث، على اليسار واليمين، وغالباً ما يقبلون قصصاً تبرر خوفهم أو غضبهم أو شعورهم بالعجز».

يقرأ  وفاة سياسي فنلندي داخل قاعة البرلمان في هلسنكي

الوضع الاستثنائي المحيط بجريمة قتل كيرك، بما في ذلك ندرة المعلومات المتاحة عن روبنسون، خلق فراغاً تُسدّه سريعاً مجموعات «مشبوهة أصلاً بأي أمر تقوم به إما الحكومة أو هذه الإدارة»، كما قال أوليفر.

النصوص المنسوبة إلى روبنسون والتي نشرها المدّعون قدمت بعض أوضح المؤشرات على دافع محتمل لاغتيال كيرك، الذي مثّله المحافظون كبطل لكنه أُعتبر على اليسار شخصية مثيرة للجدل بسبب مواقفه اليمينية حول الهجرة والإجهاض وحقوق المتحوّلين جنسياً، من بين قضايا أخرى. ويُزعم أن روبنسون أخبر شريكه أنه «قد اكتفى» من «كراهية» كيرك وأن «بعض الكراهية لا يُمكن التفاوض بشأنها».

وكانت السلطات قد أعلنت سابقاً أنها عثرت على أغلفة ذخيرة منقوشة عليها رسائل مشحونة سياسياً ومأخوذة من ثقافات فرعية على الإنترنت، من بينها عبارة «يا فاشي! خُذ هذا!».

المدّعون، الذين يزعمون أن كيرك استُهدف بسبب «تعبيره السياسي»، وجهوا إلى روبنسون تهمة القتل العمد المشدّد وست تهم أخرى.

أن تفاصيل الاتصالات المزعومة لروبنسون التي نُشرت بعد اغتيال كيرك زادت فقط من وتيرة ظهور النظريات المؤامراتية لم يكن أمراً مفاجئاً، وفق خبراء.

«هناك أشخاص لديهم منظومة رؤية للعالم ترى أن المؤامرات دائمة وتفسّر ظروفنا الاجتماعية والسياسية — هؤلاء الناس يصدقون الكثير والكثير من نظريات المؤامرة ويتواجدون على اليمين واليسار على السواء»، قال جوزيف أوسكينسكي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميامي، الذي يركّز بحثه على نظريات المؤامرة.

ورغم انتشار مزاعم المؤامرة على منصات التواصل، فالمشكلة ليست بالمنصات بذاتها بالضرورة، لاحظ أوسكينسكي: «الناس لديهم منظومات رؤية؛ بعض هذه المنظومات تجعل تصديق نظريات المؤامرة أمراً يسيراً، سواء كانوا على وسائل التواصل الاجتماعي أم لا». وأضاف: «نظريات المؤامرة كانت موجودة قبل وسائل التواصل وربما كانت أكثر بروزاً آنذاك. علينا أن نتذكر أن الناس يبحثون عن محتوى يؤكد ما يعتقدونه؛ هم لا يقنعون دائماً بواسطة محتوى منصات التواصل بقدر ما يجذبهم المحتوى الذي يخبرهم بما يؤمنون به أصلاً».

يقرأ  بيلاروسيا وروسيا تنفذان تدريبات عسكرية مشتركة في ظل توترات مع حلف الناتو

في خضم كل ذلك، يبقى الفراغ المعلوماتي والتوترات الأيديولوجية مغذّياً لاختلاق السرديات البديلة التي تجد أذناً صاغية على امتداد الطيف السياسي والمجتمعي. اذا لم تتوفر رواية شفافة وواضحة مبنية على أدلة مقنعة، سيستمر الناس في ملء الفراغ بما يتوافق مع مخاوفهم وتحيزاتهم.

أضف تعليق