أعلن عدد من الوجوه البارزة في المعارضة التونسية انضمامهم إلى اضراب جماعي عن الطعام تضامناً مع السياسي المسجون جوهر بن مبارك، الذي أفاد محيطه بتدهور حالته الصحية بشكل خطير بعد مرور تسعة أيام من الامتناع عن الطعام.
أطلق بن مبارك، أحد مؤسسي تحالف المعارضة الرئيسي «جبهة الإنقاذ الوطني»، إضراباً عن الطعام الأسبوع الماضي احتجاجاً على توقيفه المتواصل منذ فبراير 2023.
قصص موصى بها
قال والده، الناشط المخضرم عزّ الدين حزقي، في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس يوم الجمعة، إن ابنه «في حالة مقلقة وصحته تتدهور». وأضاف أن الأسرة ستشرع في إضراب تضامني مع ابنها المسجون، وتابع: «لن نغفر لقيس سعيد».
أعلنت قيادات أحزاب المعارضة الكبرى في تونس أيضاً يوم الجمعة انخراطها في إضراب التضامن مع بن مبارك. من بينهم عصام الشابي، رئيس حزب الجمهوري الوسطي، الذي يقبع أيضاً في السجن بعد إدانته في نفس المحاكمة الجماعية التي شملت بن مبارك في وقت سابق من العام. وقال وسام صغاير، من قيادات الحزب، إن عدداً من أعضاء الحزب سيلتحقون بالخطوة.
كما أعلن راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة البالغ من العمر 84 عاماً والمحكوم عليه بسنة عقوبة قاسية، مشاركته في الاحتجاج بالإضراب. كان الغنوشي قد أدين في يوليو بتهمة «التآمر ضد أمن الدولة»، ما أُضيف إلى إدانات سابقة، بينها تهم بغسيل الأموال، أفضت إلى أحكام تراكمية تجاوزت عشرين عاماً، وهو ينفي التهم الموجهة إليه. وذكر منشور على صفحته الرسمية على فيسبوك أن إضرابه يهدف إلى دعم بن مبارك والدفاع عن «استقلالية القضاء وحرية الوطن».
حُكم على بن مبارك في أبريل بالسجن 18 عاماً بتهمتي «التآمر على أمن الدولة» و«الانتماء إلى مجموعة إرهابية» في محاكمة جماعية انتقدتها منظمات حقوقية واعتبرتها ذات دوافع سياسية.
حذرت منظمات حقوق الإنسان من تراجع حاد في الحريات المدنية بالبلاد منذ انتخاب قيس سعيد رئيساً في 2019. ففي يوليو 2021 أقدم سعيد على حل البرلمان وتوسيع السلطة التنفيذية ليمكنه الحكم بمرسوم، مما أدّى إلى توقيف عدد كبير من معارضيه. وصيغ ذلك لاحقاً دستور جديد أُقرَّ في استفتاء 2022 مقاطَع على نطاق واسع، كما تعرض إعلاميون ومحامون ينتقدون سعيد للملاحقة والاعتقال بمقتضى ما عُرف بـ«قانون مكافحة الأخبار الزائفة» الصادر في نفس العام.
مؤخراً، حكم على المحامي والناقد الصريح لسعيد، أحمد سوباب، بالسجن خمس سنوات في 31 أكتوبر بمقتضى المرسوم القانوني رقم 54.
قالت الرابطة التونسية للدفاع عن الحريات إن هناك «محاولات عديدة» لإقناع بن مبارك بوقف إضرابه لكنه رفض مؤكداً أنه «ماضٍ في إضرابه حتى رفع الظلم الواقع عليه».
نفى جهاز السجون يوم الأربعاء أن تكون صحة أي من نزلائه تدهورت نتيجة إضراب عن الطعام.
أثارت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة تساؤلات حول التزام إدارة السجون بالقوانين المنظمة للرعاية الطبية للمضربين عن الطعام وبـ«حماية حقهم في السلامة الجسدية والكرامة الإنسانية». وأكدت أن «القانون التونسي ينص صراحة على مسؤولية الدولة حماية حياة أي سجين، حتى وإن اختار الإضراب شكلاً من أشكال الاحتجاج»، وأن إدارة السجون ملزمة بتوفير الرعاية الطبية المناسبة والمتابعة الدورية. وأضافت منظمات الحقوق أن احتجاج بن مبارك يعكس «مناخاً أوسع من التوتر السياسي والاجتماعي» في البلاد.