شي جين بينغ يدافع عن التعددية في قمة آبيك عقب إبرام صفقة مع ترامب

تتصاعد في قمة آيبك المشهدية، حيث تبرز بكين كمدافع عن التجارة الحرة في مواجهة زيادات الرسوم الجمركية الأميركية التي تهزّ الاقتصاد العالمي، بينما اختار الرئيس ترامب مقاطعة القمة الاقتصادية نفسها.

خلال منتدى اقتصادي إقليمي سنوي تجاهله الرئيس الأميركي، دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى تكثيف الجهود لتعزيز العولمة الاقتصادية والملتزمية المتعددة الأطراف. وقد وضع نفسه في قلب الحدث أثناء افتتاح قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) التي انطلقت في مدينة كيونغجو الكورية الجنوبية، بعد أن غادر ترامب البلاد قبلها بيوم عقب إبرام ما وُصف باتفاقات تهدف إلى تهدئة حرب تجارية متصاعدة بين البلدين.

قال شي في كلمة الافتتاح: «كلما اشتدّت الاضطرابات، زادت الحاجة إلى تعاون مشترك». وأضاف أن العالم يمر بفترة من التحوّل السريع، وأن المشهد الدولي بات أكثر تعقيداً وتقلباً. بهذه العبارات، رسم زعيم بكين صورة بلاده كحامية لآليات التجارة الحرة التي يرى مراقبون أنها تتعرّض لتهديدات ناجمة عن سياسة «أميركا أولاً» وزيادة الرسوم الجمركية التي اتّخذتها واشنطن.

وشدّد شي على أهمية الحفاظ على استقرار سلاسل الإمداد، في معارضة واضحة لمحاولات الولايات المتحدة لقطع بعض روابط سلاسل إمدادها عن الصين. كما عبّر عن أمله في توسيع التعاون الدولي في صناعات خضراء ومجالات الطاقة النظيفة، مستثمراً تفوّق الصين في صادرات الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية وغيرهما من تقنيات الاقتصاد الأخضر، رغم الانتقادات التي تتّهم هذه الصادرات بإحداث وفرة عرضية وبتدمير صناعات محلية في دول المستوردين.

غادر الرئيس الأميركي القمة بعد سلسلة اتفاقات مع بكين، وصفها بأنها «نجاح ساحق»، بينها موافقة الصين على السماح بتصدير بعض المعادن النادرة وبدء شراء فول الصويا الأميركي مقابل خفض الرسوم. ويُفسّر قرار ترامب بعدم البقاء لحضور آيبك بسياسته المعروفة من التحفّظ على المؤتمرات المتعددة الأطراف الكبيرة، مفضّلاً لقاءات ثنائية ذات أصداء إعلامية واسعة تعكس توجهه نحو عرض الشأن السياسي في إطار استعراضي.

يقرأ  فيديو لاحتجاج سائقي تطبيقات النقل في إندونيسيا لا علاقة له باحتجاجات أغسطس ورُبط بها زوراً

وصف مراسل الجزيرة من كيونغجو، جاك بارتون، خطاب شي بأنه يملأ الفراغ الذي خلّفه انسحاب ترامب من المشهد، في وقت يزور فيه شي كوريا الجنوبية للمرة الأولى منذ أحد عشر عاماً، حيث يلتقي الرئيس الكوري لي جاي ميونغ ورئيسة الوزراء اليابانية الجديدة سناي تاكايتشي على حدة، على أن يبحث مع لي قضية نزع السلاح النووي لشبه الجزيرة الكورية. واعتبر بارتون لقاء اليابان بداية لتحديد النغمة الدبلوماسية للفترة المقبلة، خصوصاً في ضوء التوصيفات الإعلامية الصينية لتاكايتشي كقومية يمينية متشددة زارت ضريح ياسوكوني المثير للجدل.

الضريح المذكور، الذي يكرّم نحو 2.5 مليون ياباني لقوا حتفهم في حروب منذ القرن التاسع عشر، يُعدّ شعلة توتّر سياسية في شرق آسيا، إذ تُدرج فيه شخصيات أدينت بعد الحرب العالمية الثانية كـ«مجرمي حرب من الدرجة أ»، بعضهم ارتكب فظائع تحت راية اليابان الإمبراطورية في الصين خلال القرن العشرين.

قال بارتون إن كوريا الجنوبية والصين تشتركان في مخاوف تاريخية تجاه اليابان، لكنهما تصرّان عملياً على فصل قضايا الإرث التاريخي عن الأولويات الدبلوماسية الراهنة، ما يتيح مجالاً لنتائج إيجابية محتملة. كما التقى شي برئيس وزراء كندا مارك كارني لمناقشة التجارة، ووُصفت المحادثات بأنها قد تثمر عن اتفاق اقتصادي جوهري.

يحضر قادة وممثلون عن 21 اقتصاداً آسيوياً وحوض المحيط الهادئ ملتقى آيبك لمناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي ومعالجة تحديات مشتركة. وتواجه المنطقة حزمة من القضايا: التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، هشاشة سلاسل الإمداد، شيخوخة السكان وتأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على العمالة.

أشارت السلطات الكورية الجنوبية إلى اتصالات مكثفة مع الدول الأعضاء لتحفيز اعتماد بيان مشترك في ختام القمة، تفادياً لتكرار فشل 2018 في بابوا غينيا الجديدة عندما حالت خلافات واشنطن وبكين بشأن التجارة دون إصدار بيان. ومع ذلك، اعتبر وزير الخارجية الكوري تشو هيون الأسبوع الماضي أن إصدار بيان قوي يدعم التجارة الحرة صار أمراً مرجحاً بصعوبة بسبب تباين مواقف الأعضاء، بينما توقع مراسل الجزيرة أن يكون النص النهائي مخففاً إلى حد ما.

يقرأ  ارتفاع عدد القتلى جراء الغارات الإسرائيلية على اليمن إلى ١٠

وفي خاتمة تغطيته، تساءل بارتون: «هل يستطيع آيبك الصمود في عصر التنافس الأميركي-الصيني؟» تاركاً السؤال معلّقاً كما هي المخاطر والتحديات التي تواجه النظام الاقتصادي الإقليمي والعالمي.

أضف تعليق