صفقة نووية كبرى بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ما الذي تتضمنه؟ أخبار الطاقة النووية

الشراكة الأطلسية للطاقة النووية المتقدمة

وقع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأميركي دونالد ترامب اتفاقية بقيمة عدة مليارات جنيه إسترليني لتوسيع نطاق الطاقة النووية في البلدين. تهدف هذه المبادرة المسماة «الشراكة الأطلسية للطاقة النووية المتقدمة» إلى تسريع بناء مفاعلات جديدة وتوفير طاقة موثوقة ومنخفضة الكربون لقطاعات ذات طلب مرتفع، بما في ذلك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي كثيفة الاستهلاك للطاقة.

ستتعاون أكبر شركة طاقة بريطانية، سينتريكا، مع الشركة الأميركية إكس إنرجي لتطوير ما يصل إلى 12 مفاعلاً مودولارياً متقدماً في هارتلبول بشمال شرق إنجلترا، قد توفر طاقة تكفي نحو 1.5 مليون منزل وتخلق ما يصل إلى 2500 وظيفة. كما ستشارك شركة هولتيك الأميركية للتكنولوجيا النووية وعملاق الطاقة الفرنسي المدعوم من الدولة EDF إنرجي وشركة الاستثمار والعقارات البريطانية ترايتاكس في تطوير مراكز بيانات متقدمة تعمل بمفاعلات صغيرة مودولارية في مقاطعة نوتنغهامشاير بمنطقة الميدلاندز الشرقية، بقيمة تقارب 11 مليار جنيه إسترليني (نحو 15 مليار دولار).

كما ستُعزز لندن وواشنطن التعاون القائم بين رولز-رويس البريطانية وBWXT الأميركية إلى جانب مشاريع تجارية جديدة.

محطات الطاقة النووية المتقادمة في المملكة المتحدة

تمتلك المملكة المتحدة حالياً ثماني محطات نووية، تديرها شركة EDF إنرجي. من بين هذه المحطات، توجد خمس محطات في طور توليد الكهرباء الآن: سايزويل B، تورنيس، هيشام 1، هيشام 2 وهارتلبول. أما ثلاث محطات—هانترستون B، هينكلي بوينت B ودانجينيس B—فقد أوقفت توليد الكهرباء ودخلت مرحلة تفريغ الوقود وبدء نزع التشغيل.

معظم هذه المنشآت بنيت بين ستينيات وثمانينيات القرن الماضي وتقترب الآن من نهاية عمرها التشغيلي. كان من المقرر أن تبدأ عمليتا تفريغ الوقود في هيشام 1 وهارتلبول في مارس 2026، وفي هيشام 2 وتورنيس في مارس 2028، لكن شركة EDF إنرجي أعلنت تمديد عمر تشغيل هيشام 1 وهارتلبول سنة إضافية، وتمديد هيشام 2 وتورنيس سنتين. يتيح هذا التمديد استمرار توليد الكهرباء مؤقتاً للمساعدة في الحفاظ على إمدادات الطاقة البريطانية حتى دخول سعات منخفضة الكربون جديدة مثل هينكلي بوينت C ومشاريع أخرى إلى الخدمة. ووفقاً لرابطة صناعة الطاقة النووية، أسهم قطاع الطاقة النووية في المملكة المتحدة هذا العام بالفعل بخلق نحو 11 ألف وظيفة جديدة نتيجة استثمارات قادتها الحكومة.

يقرأ  — الولايات المتحدة تصنّف كولومبيا «غير متعاونة في الحرب على المخدرات» —

كم تبلغ مساهمة الطاقة النووية في توليد الكهرباء بالمملكة المتحدة؟

تنتج المملكة المتحدة حالياً نحو 15% من كهربائها من الطاقة النووية، بانخفاض من أكثر من 25% في ذروتها منتصف تسعينيات القرن الماضي. وحتى منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين كانت الفحم والغاز المصادر المهيمنة للكهرباء. لكن في 2024 أصبحت طاقة الرياح أكبر مصدر للكهرباء في المملكة المتحدة، مولدة نحو 30% من الإجمالي، متقدمة على الغاز الذي بلغ 26.3%، ويرجع هذا التحول بالدرجة الأولى إلى زيادة سعات الرياح البحرية والحد من استخدام الوقود الأحفوري.

أنواع المفاعلات النووية

تركز الاتفاقية بين المملكة المتحدة وامريكا على المفاعلات الصغيرة المودولارية (SMRs) والمفاعلات المودولارية المتقدمة (AMRs). هذه المفاعلات أصغر حجماً من محطات الطاقة النووية التقليدية وتمتلك نحو ثلث سعة التوليد الاعتيادية. صُممت بحيث تُبنى أجزاء كبيرة منها في المصانع ثم تُنقل إلى موقع التركيب، ما يجعل عملية الإنشاء أسرع وأرخص وأقل مخاطرة.

تنقسم التقنيات النووية المتقدمة أساساً إلى نوعين:
– الجيل الثالث من المفاعلات المودولارية الصغيرة (Generation III SMRs): نسخ أصغر من المفاعلات الحالية، تستخدم الماء للتبريد كما في المنشآت التقليدية.
– الجيل الرابع والمفاعلات المودولارية المتقدمة (Generation IV وAMRs): تستخدم وسائل تبريد أو أنواع وقود جديدة، ما قد يجعلها أوفر تكلفة وأكثر مرونة، وقادرة على تزويد تطبيقات تتجاوز إنتاج الكهرباء، مثل تلبية احتياجات الحرارة للصناعة.

تختلف مفاعلات الطاقة النووية نفسها في التصميم؛ فمعظمها يستخدم الماء لتبريد القلب، في حين تستخدم بعضها الغازات أو المعادن. وبالرغم من أن SMRs تمثل تصميماً مختلفاً، فهي ليست فئة منفصلة من المفاعلات بالمفهوم الجوهري. وحسب الاتحاد العالمي للطاقة النووية، نحو 70% من أكثر من 400 مفاعل في العالم هي مفاعلات مياه مضغوطة (PWRs)، وحوالي 15% مفاعلات مياه مغلية، و11% مفاعلات مياه ثقيلة مضغوطة.

يقرأ  القطع البرونزية الصينية: حين يتلاشى الخط الفاصل بين الأصل والنسخة

توسع الطاقة النووية في امريكا

بالنسبة للولايات المتحدة، يعزّز الاتفاق صادرات التكنولوجيا النووية الأميركية ويقوي الروابط التجارية ويوفر فرصاً لشركات أميركية لتطوير مفاعلات وبنى تحتية كثيفة الطاقة في الخارج. وتقدر الشركات أن البرنامج الإجمالي قد يحقق قيمة اقتصادية لا تقل عن 40 مليار جنيه إسترليني (نحو 54.4 مليار دولار). من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على التقنيات النووية المتقدمة بشكل حاد بحلول 2050، مدفوعاً بالحاجة إلى طاقة موثوقة ومنخفضة الكربون. في الولايات المتحدة، يتوقع أن تنمو السعة النووية من نحو 100 جيجاوات كهربائية إلى 400 جيجاوات كهربائية بحلول 2050، مع سعي إدارة ترامب لمضاعفة السعة الوطنية أربع مرات وتسريع بناء مفاعلات جديدة لتلبية الاحتياجات المتصاعدة للطاقة، بما في ذلك تغذية صناعات كثيفة الاستهلاك مثل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

كم يستغرق بناء مفاعل نووي؟

المتوسط العالمي لبناء مفاعل نووي يقارب سبع سنوات، مع وجود بعض الحالات الشاذة ذات مدد أطول. برزت الصين ككفاءة عالية في بناء المفاعلات غالباً خلال خمس إلى ست سنوات بفضل التصاميم الموحدة والدعم الحكومي القوي وبرامج بناء واسعة النطاق. أما اليابان فأنجزت تاريخياً بعض المفاعلات خلال ثلاث إلى أربع سنوات، وحدث ذلك غالباً قبل تشديد متطلبات السلامة بعد حادث فوكوشيما. ويظهر أن نحو 85% من أكثر من 400 مفاعل في العالم بُنيت خلال أقل من عشر سنوات.

أضف تعليق