صور فضائية تكشف عن موقع إطلاق جديد لطائرات روسية من دون طيار في مطار رئيسي بمنطقة دونتسك المحتلة
تُظهر صور الأقمار الصناعية الحديثة بناء موقع لإطلاق طائرات من دون طيار على مدرج مطار رئيسي في إقليم دونباس الشرقي الذي تسيطر عليه روسيا، وفق ما راجعت صوره شركة ماكسر للتقنيات ووسائل إعلام غربية. وقال محللون إن الأعمال الإنشائية على المطار الذي تعرض لدمار واسع بدأت قبل أسابيع وتوسعت تدريجياً.
يقع الموقع قرب خطوط القتال، ما يمنح القوات الروسية قدرة هجومية أكبر بفضل تقصير زمن التحليق وتقليل وقت استجابة دفاعات كييف، لكنه في الوقت نفسه يعرض البنية التحتية للخطر ويزيد من قابلية المطار لعمليات الاستهداف من قبل القوات الأوكرانية.
تُظهر اللقطات وجود قضبان إطلاق ومخازن لتخزين الطائرات على المدرج، بالإضافة إلى دمار واضح في مبنى المحطة والمرافق الأخرى نتيجة سنوات من القتال. وتحتل القوات الروسية نحو 75% من مساحة إقليم دونيتسك، ويبعد المطار شمال غرب مدينة دونيتسك أقل من أربعين كيلومتراً عن الجبهة الأمامية.
أفاد تقرير جماعة استخباراتية مفتوحة المصدر الأوكرانية في أوائل أغسطس أن موسكو أقامت بنية تحتية على المدرج تدعم إطلاق طائرات «شاهد-» من نوع هجوم انتحاري أحادي الاتجاه، وهي قذائف طائرة إيرانية التصميم استخدمتها روسيا بشكل متواصل خلال السنوات الماضية. بحسب بيانات ماكسار، بدأت أعمال تجهيز مواقع الإطلاق بين أواخر مايو وبداية يونيو، ومنذ ذلك الحين استمر التوسع في البنى التحية.
رصد خبراء من مراكز بحثية بريطانية وأمريكية أن إقامة مواقع إطلاق بعيدة المدى أقرب إلى خطوط التماس يقلل وقت رد فعل منظومات الدفاع الجوي الأوكرانية ويزيد من فاعلية الضربات. وفي المقابل، حذّر محققون يتابعون عمليات الطيران الروسية من أن قرب المواقع من الجبهة يجعلها أهدافاً أسهل لعمليات استهداف ميدانية لا تتطلب بالضرورة أسلحة متطورة.
كما أن روسيا حولت مطارات مدنية أخرى داخل الأراضي الأوكرانية المحتلة إلى قواعد لإطلاق الطائرات من دون طيار، بينها مطارات في شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو عام 2014. وفي داخل روسيا نفسها ثمة مواقع إطلاق أبعد عن الجبهة، مثل بريمورسكو-أختارسك، نافليا، تسيبولوفا، شاتالوفو وميليروفو، وقد بيّنت صور فضائية وجود قضبان إطلاق وملاجئ محصنة ومخازن في تلك المواقع، وأحياناً طائرات من طراز «شاهد» على الرصيف.
رغم بُعد بعض هذه القواعد، أثبتت أوكرانيا قدرتها على الوصول إليها بضربات جوية أو بطائراتها المسيرة؛ فقد أعلنت كييف في بداية أغسطس استهدافها لموقع بريمورسكو-أختارسك على بعد يقارب مئة وخمسين ميلاً. وبما أن المواقع القريبة من الجبهة أسهل وصولاً، فقد تصبح مواقع مثل مطار دونيتسك أهدافاً سهلة إذا تُركت دون حماية كافية.
ويشير خبراء الاستخبارات المفتوحة إلى أن روسيا غالباً ما تطلق موجات تضم طائرات هجومية متفجرة ومُمَاثِلات خادعة بهدف إرهاق الدفاعات الجوية الأوكرانية، ما يفرض على القوات الأوكرانية محاولة تدمير هذه الطائرات على الأرض قبل أن تُقلع. لكن هذه المهمة صعبة لأن روسيا تخزن الطائرات في مرافق محمية حتى وقت قريب من لحظة الإطلاق.
تأتي جهود بناء مواقع الإطلاق الجديدة في إطار استثمار روسي أوسع في قدرات الطائرات الهجومية أحادية المسار؛ إذ تُنتج موسكو شهرياً آلاف الطائرات المماثلة لطراز «شاهد»، وقد شهدت عمليات الإطلاق مكثفاً على مدى شهور الحرب. وذكر تقييم بريطاني أن روسيا أطلقت ما يقارب 6,200 طائرة هجومية من هذا النوع على أوكرانيا في يوليو، في رقم يعد رقماً قياسياً شهرياً، رغم تراجع وتيرة الضربات خلال الأسابيع الأولى من أغسطس.
ومع ذلك، استأنفت موسكو عمليات واسعة لاحقاً؛ ففي هجوم حديث أطلقت أكثر من 614 صاروخاً وطائرة مسيّرة باتجاه أوكرانيا خلال يوم واحد، وأفادت كييف أن نحو 574 طائرة مسيرة انطلقت من اتجاهات متعددة تضمنت بريمورسكو-أختارسك وبريانسك وأوريول وشاتالوفو وميليروفو وغيرها من المناطق.
يبقى السؤال المركزي ما إذا كانت مزايا الموقع القريب من الجبهة ستفوق مخاطره التكتيكية، أم أن قربه سيحوّله إلى نقطة ضعف استراتيجية يمكن لأوكرانيا استغلالها لعرقلة قدرات الإطلاق الروسية.