ضباب دخاني كثيف يغلف طهران بينما تحرق إيران وقودًا ملوثًا في خضم أزمة طاقة أخبار الطاقة

طهران تحت الدخان: سكان العاصمة يتنفسون عوادم سامة

يتعرض سكان طهران والعديد من المدن الأخرى في إيران اليوم لانبعاثات سامة بعدما لجأت السّلطات إلى حرق وقودٍ ملوَّث لتوليد الكهرباء في محاولة للتعامل مع أزمات متزامنة ومتعددة. في أربعة عشر محطة كهرباء، يتم منذ سنوات حرق مازوال — بقايا بترولية داكنة غنية بالكبريت وشوائب أخرى — كلما نفد الغاز الطبيعي المزوّد للمولدات.

هذا المشهد يتكرر سنوياً، ويعزوه مراقبون إلى سوء إدارة مزمن وبنى تحتية بالية، رغم أن إيران، رغم العقوبات المشددة، تملك ثاني أكبر احتياطات مؤكدة للغاز الطبيعي في العالم وثالث أكبر احتياطيات النفط الخام. مساء الإثنين غطّت طبقات كثيفة وخانقة من الضباب الدخاني طهران، على الرغم من انخفاض حركة المرور بسبب عطلة دينية شلّت البلد مؤقتاً. لقطات مأخوذة من قمة توچال التي تعلو نحو أربعة آلاف متر أظهرت العاصمة محجوبة تماماً تحت غيوم الملوثات.

خلال الأيام القليلة الماضية احتلت مدينة نحو عشرة ملايين نسمة مراتب متقدّمة بين أكثر مدن العالم تلوّثاً، متقدمة قليلاً على لاهور الباكستانية ونيو دلهي الهندية. مؤشر جودة الهواء تجاوز مئتين صباح الإثنين، ما يصنّفه ضمن فئة «غير صحيّة جداً» مع تركيز عالٍ من جسيمات PM2.5 المجهرية التي تسبب مشاكل تنفسية وتفاقم أمراض القلب وتضعف وظائف الرئتين، خصوصاً لدى الأطفال وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة. للتذكير، تصنف القيمة من صفر إلى خمسين «جيدة»، ومن واحد وخمسين إلى مئة «معتدلة».

توقّعت التلفزة الحكومية بقاء ظروف المناخ السطحية مستقرة إلى حد كبير حتى نهاية الأسبوع، مع غياب الرياح القوية أو الأمطار التي قد تُخفّف الوضع. ظاهرة الانقلاب الحراري، التي تحبس الهواء الدافئ المملوء بالسموم قرب سطح الأرض وتمنع تشتّته، من المتوقع أن تزيد الطين بلة، إلى جانب كثرة المركبات ذات الانبعاثات العالية والدراجات النارية. جودة الهواء تتدهور بسرعة في مدن كبيرة وصغيرة على حد سواء، مهددةً عشرات الملايين من السكان بملوثات خطرة.

يقرأ  من هو جوشوا جان؟ما نعرفه عن إطلاق النار في مرفق وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية في دالاس — أخبار الجريمة

أصدرت المنظمة الوطنيّة للأنئاد الجوية (على نحو غير معتاد) تحذيرات صحيّة بشأن تزايد التلوّث في طهران وكرج وأراك وأصفهان وتبريز ومشهد وأهواز وأورمية؛ وأغلقت مدارس ومكاتب في عدد من المدن، فيما لم تعلن سلطة طهران تعطيلات رغم خطورة الهواء. مشاهد لرجال يرتدون أقنعة واقية أثناء ركوب الدراجات النارية في شوارع طهران انتشرت بكثافة، تعبيراً عمّا يعيشه السكان يومياً.

تبعات اقتصادية وصحية ثقيلة

لمواجهة انقطاع التيار الكهربائي المبرح، واصل حكومة الرئيس مسعود بيزشكيان حرق الوقود السائل الثقيل كحل طارئ — كما فعلت حكومات سابقة. بحسب وكالة فارس شبه الرسمية المرتبطة بالحرس الثوري، كان يُحرق يومياً في منتصف نوفمبر نحو واحد وعشرين مليون ليتر من هذا المنتج الكيميائي القذر. وزير الطاقة عباس علي‌آبادي صرّح أمام الصحافيين خلال معرض للطاقة المتجددة وكفاءة الكهرباء أن المحطات ستواصل حرق الوقود الثقيل كلما اقتضت الحاجة خلال فصل الشتاء ونقص الغاز الطبيعي، وأضاف أن محطات حرق المازوت منخفضة الأولوية لأن الوقود السائل ثمين ونفضّل استخدامه كملاذ أخير، من دون الإشارة إلى الآثار الصحية المترتبة على ذلك.

نائب وزير الصحة علي‌رضا رئيسي قال للإعلام الرسمي هذا الشهر إن 58,975 إيرانياً توفوا نتيجة استنشاق جسيمات PM2.5 خلال السنة المنتهية في مارس، أي ما يقارب 161 وفاة يومياً. وأوضح أن الوفيات ناجمة عن أمراض قلبية وسرطان الرئة ومرض الانسداد الرئوي المزمن والسكتات الدماغية والالتهابات السفلى للجهاز التنفسي المرتبطة مباشرة بالتلوث. كما قدّرت الحكومة تكلفة التلوث الجوي خلال تلك السنة بنحو 17.2 مليار دولار نتيجة نفقات الرعاية الصحية والوفيات المبكرة وفقدان الإنتاجية وإغلاق المدارس وتعطل الأعمال.

في نوفمبر 2024 احتفت وسائل الإعلام الرسمية بـ«خطوة شجاعة» للحكومة حين أوقفت حرق المازوت مؤقتاً، ووصفت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني ذلك بأنه استبدال «إنتاج السم» بـ«انقطاعات مخططة». هذا الأسبوع، ومع تمدّد الضباب الدخاني، لفتت أيضاً الانتباه حرائق برية اندلعت على نحو ثمانية هكتارات في مناطق جبلية وغابية شمال البلاد، مهدّدة غابات هيركان المدرجة ضمن تراث اليونسكو، التي تُعد من أقدم الغابات المعتدلة على وجه الأرض. وأفادت وكالة إيسنا أن النيران قد تم السيطرة عليها إلى حد كبير حتى يوم الإثنين.

يقرأ  زعيم تايوان يتعهد بنظام دفاع جوي متين في ظل تصاعد التوترات مع الصينأخبار

أضف تعليق