ضربة إسرائيلية مزدوجة تستهدف مستشفى في غزة

قصف مزدوج استهدف مستشفى ناصر في خان يونس أودى بحياة نحو عشرين شخصاً بينهم صحفيون وعاملون في القطاع الصحي، بحسب مؤسسات إعلامية ومنظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة التابعة لحماس.

كيف وقع الهجوم
الضربة الأولى استهدفت المستشفى حوالى الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي، بحسب طواقم طبية في ناصر. وصف عامل طبي بريطاني متواجد في وحدة العناية المركزة المشهد بأنه «ذعراً جماعياً… فوضى عارمة». وبعد نحو عشر دقائق تكرر الانفجار في نفس المكان، بينما كان كثيرون — من مسعفين وصحفيين — يحاولون إخلاء المبنى. وقالت منظمة الصحة العالمية إن قسم الطوارئ والأقسام الداخلية ووحدة العمليات تضررت، كما تضررت سلم الطوارئ. تقاطعت لقطات فيديو حية وتسجيلات لاحقة لتؤكد توقيت الضربتين ومشهد إصابة من كانوا يردون على الانفجار الأول.

مشاهد الفيديو أظهرت مسعفين على درج الاستخدام الشائع لبث التقارير، وعدداً من الصحفيين يصورون الأحداث، ثم ضربة مباشرة أصابت الحضور، وأدت إلى سحب دخان وأنقاض؛ ورُصدت جثث وأشخاص مصابون على السلم وفي باحات المدخل، ومشهد عامل طبي يرفع ملابس ملطخة بالدماء إلى الكاميرا قبل انفجار ثانٍ يدفع الناس للفرار.

من هم الضحايا؟
الضحايا الصحفيون الخمسة كانوا يعملون مع مؤسسات دولية منها أسوشيتد برس ورويترز والجزيرة وMiddle East Eye. من بين القتلى حسام المصري مصور لوكالة رويترز، قتل أثناء عمله على بث مباشر للمستشفى؛ ماريام دقة (33 عاماً) صحفية حرة كانت تتعاون مع أسوشيتد برس وتترك خلفها طفلاً أُخلي من غزة في وقت سابق من الحرب؛ محمد سلامة كان يعمل مع الجزيرة وMiddle East Eye وكان يخطط للزواج قريباً؛ وأحمد أبو عزيز مراسل لدى Middle East Eye؛ ومعاذ أبو طه عمل مع عدة منظمات إعلامية ونشرت عنه رويترز أعمالاً من حين لآخر. أما بقية القتلى فقد ذكرها بيان وزارة الصحة التابعة لحماس بأنها من المسعفين والمرضى، لكن تفاصيل هوياتهم لم تُكشف بالكامل بعد.

يقرأ  الشرطة تحبط محاولة سائقي شاحنات لتهريب بضائع محظورة إلى غزة تحت ستار المساعدات

منظات صحفية وحماية الإعلام تقول إن إسرائيل لا تسمح للمنظمات الصحفية الدولية بدخول غزة بحرية، مما يجعل الاعتماد الأكبر على مراسلين محليين لتزويد وكالات الأنباء العالمية بالمادة الصحفية. وأضافت لجنة حماية الصحفيين أن أكثر من 190 صحفياً قُتلوا خلال 22 شهراً من الحرب، الأغلبية من الفلسطينيين.

ماذا تقول إسرائيل؟
قوات الدفاع الإسرائيلية أكدت في بادئ الأمر أنها نفذت ضربة في محيط مستشفى ناصر. طوال اليوم صدرت تصريحات إسرائيلية متفرقة تبدو محدودة المعلومات، فيما سعى قادة إسرائيليون لاحتواء الغضب العام. مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وصف الحادث بأنه «خطأ مأساوي» تعرب إسرائيل «عن أسفها الشديد» حياله، وأن الجيش يجري «تحقيقاً دقيقاً». لكن بياناً كهذا لا يجيب عن السؤال الملح بشأن طبيعة الضربة المزدوجة؛ فقد بدا أن الضربة الثانية استهدفت تحديداً من هم في موقع الاستجابة بعد الضربة الأولى، وهو نمط يُعرف بتكتيك «الضربة المزدوجة» الذي يُراد له زيادة عدد الضحايا بين المستجيبين.

أُصيبت منظمات الصحافة الأجنبية والمحلية بمرارة واتهام متكرر بأن جيش الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين خلال هذه الحرب. لم يتضح بعد ما إذا كانت إسرائيل ستنشر نتائج تحقيقها الداخلي ومتى.

ردود الفعل الدولية
أدانت الأمم المتحدة الحادث بشدة؛ قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إن «القتل المروع» يبرز المخاطر الهائلة التي يواجهها العاملون الطبيون والصحفيون أثناء قيامهم بمهامهم الحيوية، ودعا إلى «تحقيق سريع ومحايد». وزير الخارجية البريطاني دان لامي وصف الحادث بأنه «مروع» ودعا لوقف إطلاق النار فوراً. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبر الضربات «غير مقبولة» وطالب بحماية المدنيين والصحفيين والسماح بدخول المساعدات الإنسانية واحترام القانون الدولي. وزارة الخارجية الألمانية أكدت أنها «صُدمت». الرئيس الأميركي صرح بأنه لم يكن على علم بالتفاصيل وأضاف عند سؤاله أنه «غير سعيد» بما حدث.

يقرأ  إيساك يشن هجوماً على نيوكاسل دفعة لآمال ليفربول في ضم المهاجم السويدي

منظمات حرية الصحافة أدانت أيضاً، وقال رئيس مراسلون بلا حدود تيبو بروتين: «متى وأين سينتهي هذا؟ هناك قوانين دولية»، مؤكداً أن ضمانات الحماية للصحفيين في مناطق النزاع لا تطبق كما ينبغي. ولجنة حماية الصحفيين انتقدت استمرار «قنوات بث مقتل الصحفيين في غزة بينما العالم يراقب من دون اتخاذ إجراءات حازمة». رابطة المصارف الأجنبية للصحافة في إسرائيل والأراضي المحتلة وصفت هذه الحوادث بأنها لحظة مفصلية وطلبت من القادة الدوليين التصرف، مطالبة إسرائيل بوقف ما وصفته بممارسات استهداف الصحفيين المقيتة لأن «عدد الصحفيين الذين قُتلوا بلا مبرر كبير جداً».

الخلاصة
الهجوم على مستشفى ناصر أظهر مرة أخرى المخاطر المتزايدة التي يتعرض لها الصحفيون والعاملون الطبيون في غزة، وأثار تساؤلات حول استخدام تكتيكات تستهدف المستجيبين للغارات، ودفع المجتمع الدولي إلى مطالبات متجددة بتحقيقات مستقلة وحماية أفضل للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني والإعلامي.

أضف تعليق