طموحات إندونيسيا المناخية لا تتألق في الظلام آراء

في 28 أغسطس، وقبل أن تنتشر احتجاجات المطالب بالمساواة كالنار في الهشيم عبر إندونيسيا، أعاقت الشرطة مسيرة سلمية للمناخ في شوارع جاكرتا. أُبعدت الشعوب الأصلية والمزارعون والصيادون وأشخاصٌ على كراسي متحرّكة، وهم يحملون لافتات بسيطة كتب عليها «أنقِذوا الأرض! أنقِذوا الأجيال!»، ومنعوا من الوصول إلى قصر الدولة الذي اعتاد المتظاهرون التجمع أمامه.

رغم أن منظمي المسيرة أبلغوا السلطات رسمياً بموعدها ومطالبها، التي دعت إلى إقرار قانون خاص بعدالة المناخ، تعرّض المشاركون لتكتيكات شرطية استعراضية تُذكّر بالعنف. وتحوّل هذا الأسلوب إلى عنف قاتل لاحقاً خلال الأسبوع نفسه، عندما اندلعت احتجاجات شبابية غاضبة ضد امتيازات النواب، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص واعتقال آلاف آخرين.

لا حاجة لتجميل المشاعر السائدة لدى كثير من الإندونيسيين حيال هذا العنف: هناك غضب، لكنه يترافق أيضاً مع رهبة وخوف. نحن أمة نجت من قسوة ديكتاتورية عسكرية امتدت لثلاثة عقود وأودت بحياة ما يقدَّر بنصف مليون إلى مليون مدني. لا تزال آثار الحكم السلطوي بارزة في ذاكرتنا الجماعية، لكنها لم تُسكتنا بالسلاح أو الغاز المسيل للدموع — ولذلك دفعت منظمات المجتمع المدني بالمطالب الأولية إلى أبعد من مجرد إلغاء امتيازات النواب.

اليوم لم يعد الناس يرضون بحلول ترقيعية تهدف إلى كتم الغضب المتصاعد. يطالبون بإصلاحات جذرية تعالج جذور السخط: أجور زهيدة وتكاليف معيشة متصاعدة بينما تنهب الأوليغارشية والشركات الكبرى ثروات الشعب. هذه رواية ليست جديدة، لكنّ شدة الاحتجاجات تُبيّن أن الشعب صار يضع حدوداً لا يمكن تجاوزها.

حركة المناخ نفسها تُرفع الراية وتضع حدودها؛ فقد سئمنا من التجاهل بينما تستمر حرارة الكوكب في الارتفاع، وتُقطع غاباتنا المطيرة، وتُجرَّد الشعوب الأصلية من أراضيها باسم «التنمية الخضراء»، واستمرار عمل محطات الفحم رغم الوعود المتكررة بإغلاقها.

يقرأ  شهادة جيزلين ماكسويل: مرآةٌ لواقعنا الديستوبي— سياسة

إندونيسيا من بين أكبر عشرة ملوّثين عالمياً، وفي المقابل تملك بعض أكبر المخازن الكربونية المتبقية على وجه الأرض. تقليل الانبعاثات وحماية الموارد الطبيعية ضروريان للحفاظ على برودة الكوكب وحماية الناس من آثار مناخية أشد تدميراً.

لكن بدلاً من استخدام هذه الموارد بذكاء لتوزيع الثروة والتنمية المستدامة، كان قادتنا مرّاتٍ متكررة شركاء في الفساد ونهب البيئة لصالح المقربين والشركات الكبرى، على حساب الشعب والكوكب.

الأسبوع المقبل من المتوقع أن يحضر الرئيس برابوو سوبى أنتو (Prabowo Subianto) اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إنها المرة الأولى منذ عقد يحضر فيها زعيم إندونيسي هذا المنتدى. يسعى الرئيس إلى إبراز مكانته على الساحة الدولية، لكن طموحه لا يبرق في ظل سماء مظلمة — لإثبات مصداقيته وأن ماضيه العسكري لا يحدد حكمه الراهن، يجب أن يضمن أولاً احترام حقوق الإنسان داخل البلد.

أدلى برابوو بتصريحات قوية بشأن الالتزامات المناخية. في قمة مجموعة العشرين في ريو العام الماضي أعلن خططاً لتقاعد مبكر لكل محطات الفحم خلال خمسة عشر عاماً، وفي يوليو قال إن إندونيسيا قادرة على تحقيق طاقة متجددة بنسبة مائة بالمئة خلال العقد المقبل.

لكن الكلمات وحدها لا تكفي؛ نحتاج إلى أفعال مترجمة إلى خطط ملموسة وأهداف طموحة لتخفيض الانبعاثات. التعهد المناخي الأخير لإندونيسيا، المساهمة المحددة وطنياً الثانية، والتي تسعى الحكومة لتقديمها قبل خطاب برابوو في الأمم المتحدة، ستكون اختبـاراً حقيقياً — تماماً كما سيكون رد الرئيس على مطالب العدالة والإصلاح.

بينما تتعمق فجوات اللامساواة يتفاقم أيضاً أزمة المناخ. قد تضربنا الفيضانات الشديدة والجفاف الممتد وموجات الحرارة الأكثر حدة جميعاً، لكن آثارها لا توزع بالتساوي؛ الفقراء والطبقة العاملة هم الأكثر تضرراً، إذ يخسرون livelihoods وبيوتهم وحتى حقوقهم الأساسية. وإذا لم نتحرك بسرعة وبشجاعة، سيرث أطفالنا كوكباً تصبح فيه القدرة على البقاء امتيازاً لا حقاً.

يقرأ  غرينبيس تُعلّق عمل أنيش كابور الأحمر القاني على منصة غاز في بحر الشمال

لا توجد عدالة مناخية بلا حقوق إنسان. كلما ظهرت مظلمة يجب أن نقاتلها بقوة — سواء كانت مسألة مناخ أو قضية اجتماعية.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن كاتبها ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لـ «الجزيرة».

أضف تعليق