طهران، ايران — قال وزير الخارجية الإيراني لعربية الجزيرة إن طهران «غير معجلة» باستئناف المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي.
وأكد عباس عراقجي استعداد إيران لخوض مفاوضات غير مباشرة مع واشنطن إذا اختارت الأخيرة الحوار «من موقع متساوٍ وعلى أساس المصالح المتبادلة»، وذلك في مقابلة أُجريت بمكتبه في طهران وبثتها القناة يوم الأحد.
قصص موصى بها
وأشار المسؤول إلى أن «تفاهمًا مشتركًا حاسمًا» بشأن إسرائيل يتشكل على امتداد المنطقه، مضيفًا أن الشروط التي طرحتها واشنطن لاستئناف المفاوضات — والتي تُشير التقارير إلى أنها تتضمن ضرورة إجراء مفاوضات مباشرة، وقف تخصيب اليورانيوم تمامًا، تقييد مخزون إيران من الصواريخ، والحد من دعم طهران لحلفائها الإقليميين — «غير منطقية وظالمة»، ما يجعل الحوار غير قابل للاستمرار في ظلها.
وقال عراقجي: «يبدو أنهم ليسوا في عجلة. ولسنا في عجلة أيضًا».
وجاء إصرار وزير الخارجية هذا بالرغم من الضغوط الناجمة عن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة والتحديات الأخرى التي تواجه المؤسسة الإيرانية. ورأى أن ديناميكيات المنطقة تتجه ضد إسرائيل، الحليف الأوثق للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وأضاف عن رئيس الوزراء الإسرائيلي: «أقول أحيانًا لأصدقائي إن السيد نتنياهو مجرم حرب ارتكب كل الفظائع، لكنه فعل شيئًا إيجابيًا بتأكيده للمنطقة أن إسرائيل هي العدو الرئيسي، وليست إيران ولا أي دولة أخرى».
وتأتي هذه التصريحات بعد يومين من انضمام كبير دبلوماسيي سلطنة عمان للمرة الأولى صراحةً إلى أصوات الإدانة الموجّهة إلى نتنياهو وحكومته المتشددة. وقال بدر بن حمد البوسعيدي، مخاطبًا مؤتمر حوار المنامة 2025 الذي نظمه معهد الدراسات الاستراتيجية الدولي: «لقد عرفنا منذ زمن طويل أن إسرائيل، لا إيران، هي المصدر الأساسي لعدم الاستقرار في المنطقة». وأضاف أن مجلس التعاون الخليجي «غالبًا ما اكتفى بالوقوف على الهامش والسماح بعزل إيران»، وهو موقف «يجب أن يتغير».
خلال الأربعين والثمانٍ والأربعين ساعة الماضية، تَكشّفت الأكذوبة البشعة التي حاولت تبرير القصف الإسرائيلي والأمريكي غير القانوني لإيران بحجة تهديد نووي وشيك، بحسب تغريدة لوزير الخارجية على حسابه الرسمي. ونقل التغريدة تصريحًا لرئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يؤكد صراحة أن إيران «ليست ولم تكن»…
ولسنوات لعبت عمان دور الوسيط بين طهران وواشنطن في قضايا نووية ومالية وتبادل أسرى وغيرها من القضايا الإقليمية. وكان من المقرر أن تجلس طهران وواشنطن للجولة السادسة من المفاوضات منتصف يونيو، حين شنت إسرائيل هجومًا على منشآت إيران النووية أدّى إلى اندلاع حرب استمرت 12 يومًا أودت بحياة أكثر من ألف شخص في إيران وتسببت بخسائر اقتصادية وبنائية بمليارات الدولارات.
وبعد تقارير صحفية ذكرت الأسبوع الماضي أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق أرسلت رسالة جديدة إلى طهران عبر عمان، أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني تلقي رسائل، لكنها امتنعت عن الكشف عن محتواها أو الرد المحتمل من طهران. ولم تؤكد البيت الأبيض علنًا إرسال أي رسالة.
وخلال مقابلته قال عراقجي إن «ما يقارب الـ400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪ مدفون تحت ركام المنشآت النووية التي قصفتها الولايات المتحدة وإسرائيل». وأضاف: «لا نعتزم إخراجها من تحت الأنقاض حتى تتوفر الظروف المناسبة. لا معلومات لدينا عن مقدار ما بقي سليمًا من الـ400 كيلوجرام وما دُمّر، ولن تتوفر لدينا معلومات إلا عندما ننتشلها».
ولفت إلى أن الصين وروسيا أعلنتا رسميًا أنهما لا تعترفان بالعقوبات الأممية التي أعاد الموقعون الأوروبيون على الاتفاق النووي لعام 2015 فرضها على إيران مؤخرًا. ومن جهتها أعربت فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا عن رغبتها في استئناف المحادثات مع طهران، لكن لم يطرأ تقدم ملموس.
وفي الوقت نفسه فرضت تلك الدول عقوبات وقيودًا تتعلق، بحسب ادعائها، بتصدير طهران للطائرات المسيرة إلى روسيا وبرنامجها النووي. كما أعلنت الدول الأوروبية الثلاث في سبتمبر تعليق اتفاقياتها الثنائية لخدمات النقل الجوي مع إيران، ما أثر على شركات مثل «إيران اير».
ومع ذلك بدا أن بعض الرحلات بدأت تعود تدريجيًا، إذ عرضت قناة التلفزة الرسمية الإيرانية لقطات لهبوط رحلة تابعة للخطوط الجوية النمساوية في مطار الإمام الخميني الدولي ليل الأحد. كما من المقرر أن تستأنف شركة لوفتهانزا الألمانية رحلاتها إلى طهران، رغم أن تاريخ الاستئناف الدقيق لم يُعلن بعد.