عصابة مخدرات مفترضة وشاهد مقتول

خلاصة الأحداث في جنوب أفريقيا

أُوقِف سنزو مشونو، وزير الداخلية السابق للشرطة، عن ممارسة مهامه بعد ظهور مزاعم فساد ضده ينفيها بشدة. تلك الاتهامات جاءت على خلفية إفادات علنية في لجنتين للتحقيق فتحتا أبواب الشك لدى الرأي العام حول مدى اختراق الجريمة المنظمة والمصالح السياسية لجهاز الشرطة.

الرئيس سيريل رامافوزا يتلقى الآن تقريراً أولياً من لجنة استُحدثت بتكليفه للتحرّي في مخالفات داخل جهاز الشرطة؛ وقد أُنشئت هذه اللجنة بعد أن أدلى اللواء نلانهلا مخوانازي، وهو ضابط رفيع، بتصريح مفاده أن عناصر من الجريمة المنظمة تسللت إلى أروقة السلطة التنفيذية. تصريحه الدرامي كان السبب في وضع الوزير مشونو في إجازة خاصة أثناء التحقيقات.

اللجنتان: لجنة مادلانغا ولجنة البرلمان

طلب رامافوزا من القاضي المتقاعد من المحكمة الدستورية مبايسلي مادلانغا أن يرأس تحقيقاً عاماً للنظر في هذه الاتهامات، بينما شكّلت برلمان كيب تاون لجنة موازية تجري تحقيقاتها بصورة مستقلة. شهدت جلسات الاستماع عددًا من الإفادات المروعة، بينها اعترافات ضابط استخبارات الشرطة في قضايا الجريمة، وشهادات تشير إلى وجود نفوذ سياسي مرتبط بعصابات إجرامية.

دور «عصابة الخمسة الكبار»

من أدلّ الأدلة تفصيلاً كانت شهادة قائد استخبارات جرائم الشرطة اللواء دوميزاني خوماλό، الذي روى أمام لجنة مادلانغا وجود كارتل لتجارة المخدرات يدير شبكة واسعة تحت مسمى «الخمسة الكبار». قال إن هذا الكارتل يعمل في عدة مقاطعات و«تغلغل إلى المجال السياسي»، وإن له امتدادات داخل منظومة العدالة الجنائية تسمح له بالتلاعب بالتحقيقات وكبت الأدلة وعرقلة المسارات القانونية التي تهدّد مصالحه.

وحسب إفاداته، كان للكارتل نشاطات تمتد محلياً وعبر الحدود: الاتجار بالمخدرات، الاغتيالات بعقود مرتبطة بسلاسل التهريب، عمليات اختطاف وهجمات عبر الحدود. كما أُشير إلى أن تفكيك فريق التحقيق في جرائم القتل السياسي (PKTT) جاء جزئياً لأن الكارتل ظنّ أن الفريق يحقق في نشاطاته — وهو ما ادّعى انه دفع إلى تعطيل عمل هذا الفريق الذي كان يتركز جهده في غاوتنج وكوازولو-ناتال.

شهادات أخرى، بينها شهادة شاهد عُرف بالحرف «ج»، أكدت أن تأثير «الخمسة الكبار» امتد إلى مستويات تنفيذية في دوائر حكومية عدة وأنهم كانوا يتمتعون بقدرة رقابية فعلية «على كل إدارة حكومية تقريباً».

من هو «كات» ماتلالا؟

ترتبط كثير من الاتهامات بعلاقة مزعومة بين الوزير الموقوف ورجل أعمال يُدعى فوسيموسي ماتلالا، المعروف بلقبه «كات». اللواء مخوانازي وصف بوضوح أن مشونو كان يتلقى دعماً مالياً غير مباشر من ماتلالا لتمويل مساعيه السياسية، واستند في جزء من مطالبه إلى نسخ من رسائل نصية وإيصالات تُظهر تحويلات مالية قيل إنها جرت عبر طرف ثالث.

يقرأ  الصين تحكم بالإعدام على أحدَ عشر عضواً من عصابة «مينغ» الإجرامية

ماتلالا، الذي حضر أمام لجنة البرلمان لتقديم شهادته، يواجه حالياً 25 تهمة جنائية بينها محاولة قتل. تم تعليق عقد مربح كان يجمعه بالشرطة حين وُجهت إليه تهمة محاولة القتل في مايو. وعلى الرغم من سجله القضائي السابق — الذي تضمن إدانة في 2001 بتهمة حيازة مسروقات وحكم سجني — نفى ماتلالا مراراً كل التهم وأكد أنه أعاد تشكيل حياته منذ تسجيل أول نشاط تجاري له في 2017 كشركة أمنية.

المسار القانوني والسياسي

مچونو — القيادي البارز في المؤتمر الوطني الإفريقي والحليف المقرب من الرئيس — نفى في جلسات لجنة مادلانغا ارتكاب أي جرم أو تلقيه أموالاً غير مشروعة، مشدداً على أن هذه أول مرة يُتهم فيها بمثل هذه الاتهامات. مع ذلك، تستمر التحقيقات البرلمانية والقضائية في كشف مزيد من الروابط ورفع مستوى الضغط السياسي والقانوني على مؤسسات الحكم والشرطة.

التهديدات والعنف ضد الشهود

من القضايا المقلقة أن شاهداً أدلى بإفادة أمام لجنة مادلانغا قُتل لاحقاً، ما يثير مخاوف جدّية بشأن سلامة الشهود وقدرة الدولة على حماية من يقدمون شهاداتهم في قضايا حساسة. هذا التطور يزيد من شعور الجمهور بأن هناك قوى تحاول إحباط المسارات القضائية أو إرهاب من يسعون للقصاص من الفساد.

خلاصة أولية

على مدار أشهر من الجلسات المتوازية، ظهرت صورة مؤسفة لجهاز شرطة يتعرض لضغوط من شبكات إجرامية ذات امتدادات سياسية واسعة، وللآن ثمة تحقيقات معلقة قد تغيّر من توازنات السلطة في البلاد. ما يزال الجمهور في انتظار مزيد من الأدلة والحكم النهائي من اللجان المختصة والمحاكم للتأكُّد من حقيقة هذه الروابط ومدى عمقها في مؤسسات الدولة. شهادة أمام البرلمان

خلال شهادته التي امتدت يومين أمام نواب البرلمان، كشف السيد ماتلالا عن تفاصيل علاقاته مع وزراء سابقين وحاليين، وكذلك مع قيادات بارزة في الشرطة. إلى جانب الاتهامات بوجود صلات وثيقة مع الوزير مخونو، ربطت أدلة أخرى السيد ماتلالا بشخصيات داخل جهاز الشرطة.

يقرأ  تصعيد دراماتيكي: الولايات المتحدة تكثف الضربات الجوية على الصومال خلال عهد ترامب هذا العامأخبار غارات الطائرات المسيرة

أنكر ماتلالا معرفته الشخصية ببعض الضباط والسياسيين، لكنه اعترف بدفع مبالغ لصالح أنشطة مرتبطة بحزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وقال للنواب: «من ما فهمت، الوزير [مخونو] أرسل طرفًا ثالثًا لطلب تبرعات هنا وهناك، وكنت واحدًا من الذين طُلب منهم ذلك».

أفاد أيضًا أمام اللجنة البرلمانية أن وزير الشرطة السابق بهيكي سيل طالب، بعد أن أعيدت إليه أسلحة مُصادرة، بـ«رسوم تيسير» مقدارها مليون راند (حوالي 60,000 دولار)، وأنه دفع نصف المبلغ فقط. وادعى ماتلالا أن سيل طلب هذا المال كذلك لوقف المضايقات من عناصر الشرطة. من جهته، اعترف سيل—الذي سبق أن شهد أمام اللجنة قبل ظهور ماتلالا—بمعرفته بماتلالا لعدة أشهر وبقضاء ليلتين في شقته الفندقية على أنه «تفضيل»، لكنه نفى تلقيه أموالاً منه.

لم يمثل ماتلالا بعد أمام لجنة مادلانغا ولكنه من المتوقع أن يتاح له الكلام هناك في وقت ما من العام المقبل. مع ذلك، رسم عدد من الشهود صورة مختلفة عن طبيعة علاقته بجهاز الشرطة. قال شاهد معروف بـ«الشاهد ج» أمام لجنة مادلانغا إن ماتلالا كان «على علاقة وثيقة مع ضباط كبار» وقدم تفاصيل عن ذلك عقب اعتقاله في مايو الماضي. كما زعم الشاهد أن ماتلالا ساهم ماليًا في طموحات الوزير الموقوف الرئاسية داخل الحزب، رغم اعتقاده بعدم إمكانية فوزه.

شاهد في اللجنة قُتل لاحقًا

قُتل أحد الشهود الذين أدلوا بشهادتهم أمام لجنة مادلانغا في أوائل ديسمبر، بعد ثلاثة أسابيع فقط من مثوله أمام اللجنة. لم يتضح بعد ما إذا كان هناك ارتباط بين الحدثين. تم التعرف على الضحية مارياس فان دير ميروي، الذي ظهر في الجلسة تحت اسم «الشاهد د»، بعد مقتله؛ وقد تعرض لإطلاق نار أمام أفراد أسرته حين كان ينتظر فتح البوابة الخارجية بعد عودته إلى منزله مساءً. لم تُسجّل أي اعتقالات حتى الآن، لكن الشرطة عرّفت ثلاثة أشخاص ذوي علاقة محتملة بالقضية، ولا يزال الدافع غير واضح.

كان فان دير ميروي ضابط شرطة سابقًا ومدير شركة أمن خاصة، وفي شهادته أمام القاضي مادلانغا أورط أسماء مسؤولين، من بينهم اللواء يوليوس مخوانازي (لا يرتبط نسبًا بنهلانخلا مخوانازي) الذي كان يشغل منصب قائد شرطة بالنيابة في منطقة تشمل أجزاء من جوهانسبورغ. أفاد فان دير ميروي بأن مخوانازي طلب منه إتلاف جثة رجل متهم بالسرقة، قيل إن عناصر شرطة قد عذبوه وقتلوه. وردّ فان دير ميروي أمام اللجنة: «لم تتسن لي فرصة الموافقة حقًّا. شعرت بأنني مُجبر».

يقرأ  ترامب: مقتل ١١ في غارة على زورق يشتبه في نقله مخدرات قادماً من فنزويلا

من جهته، نفى اللواء مخوانازي تورطه بأي شكل في القضية أو في ما نُسب إليه من تصرّف متعلق بالجثة، وادعى أن استدعائه مكان الحادث داخل البلدية اقتصر على دقائق معدودة فقط.

أثار مقتل فان دير ميروي بعد إدلائه بشهادته موجة غضب على مستوى البلاد. أصبحت استهدافات المبلغين بالفساد أمرًا متكررًا في جنوب أفريقيا، وقد لفتت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش الانتباه إلى أن «الكثيرين يواجهون انتقامًا وفقدانًا لمصدر رزقهم وحتى فقدان حياتهم». كشفت السلطات أن فان دير ميروي رفض حماية الشهود بعد شهادته في اللجنة.

أين الأمور الآن

قال المتحدث باسم الرئيس رامافوزا، فنسنت ماغوينيا، إن التقرير المؤقت للقاضي مادلانغا لن يُنشر الآن لأنه ليس «مفيدًا لبدء نقاش حول أمر نصف مكتمل». وأضاف أن التقرير النهائي—المتوقع في العام المقبل—«سيُتاح للجمهور». وأضاف أيضًا أن المفوض سيقدم للرئيس مشورة بشأن المجالات الحساسة للأمن القومي وكيفية إدارتها.

تعمل لجنة مادلانغا في ثلاث مراحل؛ أعطت المرحلة الأولى الفرصة للشهود لعرض اتهاماتهم. أما المرحلة الثانية، الجارية حاليًا، فتتيح للمتهمين الذين وردت أدلة ضدهم، مثل مخونو، الرد على ما نُسب إليهم. أما المرحلة النهائية فستستدعي الشهود الذين ذُكروا في المرحلة الأولى لتوضيح تصريحاتهم أو إضافات عليها.

أُعطيت اللجنة مدة ستة أشهر لإكمال عملها وتقديم تقرير نهائي، لكن الرئيس قد يقرر تمديد هذه المهلة وفقًا لمرجعيتها. ولا يزال غموض حول طول المدة التي سيستغرقها التحقيق البرلماني، لكن من المتوقع أن تستأنف جلساتها في 2026.

سيتعين على مواطني جنوب أفريقيا انتظار موعد في العام المقبل لقراءة نتائج وتوصيات كل من التحقيقين؛ والسؤال الذي يطرحه الجمهور الآن هو ما إن كانت هذه الوثائق ستفضي إلى خطوات كافية لإجبار الحكومة على معالجة المشكلات التي يرى النقاد أنها قائمة داخل جهاز الشرطة. يرجى تزويدي بالنصّ الذي تودّ إعادة صياغته وترجمته إلى العربية بمستوى C2.

أضف تعليق