علامات حدودية جديدة: إسرائيل تسيطر أبعد داخل غزة مما كان متوقعًا

بينيدكت غارمان، إيما بنجيلي ومات مورفي — بي بي سي فيريفاي

تحليل لبي بي سي فيريفاي يكشف أن الجيش الإسرائيلي يسيطر على أجزاء من قطاع غزة بمساحة أكبر مما كان متوقعًا بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس.

في المرحلة الأولى من الاتفاق، اتفقت إسرائيل على الانسحاب إلى حدّ محدد يمتد على طول الشمال والجنوب والشرق من غزة. وقد وُسِم هذا التقسيم بخط أصفر على خرائط نشرتها القوات العسكرية وأضحى معروفًا باسم «الخط الأصفر».

إلا أن فيديوهات وصورًا فضائية جديدة تُظهر أن العلامات التي وضعها الجنود الإسرائيليون في نقطتين لتحديد الخط وُضعت على مئات الأمتار داخل القطاع أبعد مما تشير إليه خط الانسحاب المتوقع.

وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتز — الذي أوعز إلى القوات بوضع الكتل الصفراء كعلامات — حذّر من أن أي شخص يعبر الخط «سيُقابل بالنيران». وقد وقعت بالفعل حوادث مميتة على الأقل قرب حدّ الخط.

الجيش الإسرائيلي لم يردّ على المزاعم عند مراسلة بي بي سي فيريفاي، مكتفياً بالقول: «قوات جيش الدفاع تحت قيادة الجنوب بدأت في وضع علامات الخط الأصفر داخل قطاع غزة لإرساء وضوح تكتيكي على الأرض».

شهدت المفاوضات حول مكان فرض الحدّ عدم وضوح مستمر؛ فقد نشرت ثلاث جهات خرائط متباينة في الأيام التي سبقت اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر. في 14 أكتوبر أصدر الجيش أحدث نسخة من خريطة الخط الأصفر على منصته الإلكترونية، والتي تُستخدم لإيصال موقعه إلى سكان غزة.

لكن في الشمال، قرب حي العطاطرة، أظهر تصوير بطائرات من دون طيار التابع للجيش صفًا مكوّنًا من ست كتّل صفراء تقع حتى 520 مترر داخل القطاع مقارنةً بما توضحها خرائط الجيش.

يقرأ  الحرب الروسية الأوكرانيةقائمة الأحداث الرئيسية — اليوم ١٢٨٥أخبار الحرب

مقاطع جرى تحديد موقعها جغرافيًا بواسطة بي بي سي فيريفاي أظهرت عمالًا يستخدمون جرافات وحفّارات لتحريك الكتل الصلبة ووضعها على طول طريق الرشيد الساحلي.

حالة مشابهة ظهرت في جنوب غزة، حيث أظهرت صورة فضائية بتاريخ 19 أكتوبر وجود عشر علامات نُصبت قرب مدينة خان يونس. وتتراوح المسافة التي تقدّم فيها صف الكتل بين 180 و290 مترًا داخل ما أظهرته خرائط الجيش كـ«الخط الأصفر».

لو كانت هاتان القضيتان ممثلتين لكيفية وضع العلامات على امتداد الخط إجمالًا، فإن إسرائيل ستكون بذلك تفرض سيطرة على مساحة أكبر بكثير مما كان متوقعًا بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

عدد من المحللين الذين تحدثوا إلى بي بي سي فيريفاي رجّحوا أن الغرض من الكتل هو إحداث «منطقة عازلة» بين الفلسطينيين وعناصر جيش الدفاع. وقال خبير إن هذه الخطوة تتسق مع ثقافة استراتيجية طويلة الأمد تسعى لعزل إسرائيل عن الأراضي المجاورة التي لا تسيطر عليها بصورة كاملة.

«هذا يمنح جيش الدفاع مساحة للمناورة وخلق ما يمكن وصفه بـ’منطقة قتل‘ ضد أهداف محتملة»، قال الدكتور أندرياس كريغ، أستاذ مشارك في كلية كينجز بلندن.

«يمكن استهداف الأهداف المحتملة قبل أن تبلغ محيط جيش الدفاع. إنه أشبه بأرض لا أحد لا تنتسب لأحد — وإسرائيل تميل إلى أخذ تلك الأرض من قطعة الخصم وليس من حوزتها.»

ثلاثة خبراء أجمعوا لبي بي سي فيريفاي أن التباين بين مواقع الكتل وخريطة الجيش كان تصميمًا متعمَّدًا لتحذير المدنيين من أنهم «يقتربون من منطقة ذات خطورة متزايدة».

نوام أوستفيلد، محلل في شركة المشورة المخاطرية سيبيلين، قال إن بعض الكتل «تبدو موضوعة قرب طرق أو جدران، ما يجعلها أسهل في الرصد».

لكن منشورًا على منصة إكس لوزير الدفاع الإسرائيلي بدا أنه يلمح إلى أن الكتل الصفراء تمثل الخط الفعلي، محذرًا من أن «أي خرق أو محاولة عبور للخط سيُقابل بالنيران».

يقرأ  معلمة أُخليت تبدأ دراستها في المملكة المتحدة

وفي غضون ذلك، يسود الارتباك بين سكان غزة بشأن المناطق التي يُعتبر الذهاب إليها آمنًا.

عبد القادر أيمن بكر، الذي يسكن بالقرب من الحدود المؤقتة في الجزء الشرقي من حي الشجاعية بمدينة غزة، أخبر بي بي سي أنه رغم وعود إسرائيل بوضع علامات واضحة، فلم يرَ أي علامات تُوضع على الأرض.

«كل يوم نرى مركبات وجنودًا إسرائيليين على مسافة قريبة نسبيًا، ومع ذلك لا نعلم إن كنا في ما يُسمى ‘منطقة آمنة’ أم في ‘منطقة خطر نشطة’»، قال اشار.

«نحن معرضون للخطر باستمرار، خصوصًا أننا مضطرون للبقاء هنا لأن هذا ما تبقى من بيوتنا.»

منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أفاد جيش الدفاع بعدد من الحالات التي عبر فيها أشخاص الخط الأصفر، وفي كل مرة قال الجيش إنه أطلق النار على من تورطوا في ذلك.

بي بي سي فيريفاي حصلت على لقطات محددة جغرافيًا تُظهر أعقاب حادثة وقعت في 17 أكتوبر، والتي قالت فيها وكالة الدفاع المدني التي تديرها حماس إن 11 مدنياً قُتلوا — بينهم نساء وأطفال من أسرة واحدة على ما يبدو. وذكرت الوكالة أن مركبة الفلسطينيين استهدفت من إسرائيل بعد عبورها الخط الأصفر شرق مدينة غزة في حي الزيتون.

أظهرت اللقطات عمال إنقاذ يفحصون حطام مركبة محترقة ويغطون بجوارها جثة طفلة مشوّهة بلفافة بيضاء. وقد حدّدت بي بي سي فيريفاي موقع الفيديو جغرافيًا بنحو 125 مترًا فوق الخط الأصفر المعلَن على خرائط الجيش.

الجيش قال إنه أطلق طلقات تحذيرية تجاه «مركبة مريبة» عبرت الخط، وأضاف البيان أنه عندما لم تتوقف المركبة فتح الجنود النار «لإزالة التهديد».

في المقابل، طُرح أيضًا جدل قانوني حول وضعية هذا الحدّ.

يقرأ  ترامب يمنح حماس مهلة حتى يوم الأحد للموافقة على خطة سلام لقطاع غزة

«التزامات إسرائيل بموجب قانون النزاعات المسلحة لا تتوقف حتى تجاه من يخترقون الخط الأصفر»، قال الدكتور لورانس هيل-كاثورن، أستاذ القانون الدولي العام في جامعة بريستول.

«يمكنها استهداف مقاتلين أعداء أو من يشاركون مباشرة في الأعمال القتالية، وفي ذلك عليها ألا تتسبب بضرر مدني مفرط.»

في بيان، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: «قوات جيش الدفاع تحت قيادة الجنوب تواصل العمل لإزالة أي تهديد عن القوات والدفاع عن مواطني دولة إسرائيل.» وأضاف أن الكتل الخرسانية «توضع كل 200 متر».

أطلقت إسرائيل حملة عسكرية في غزة ردًا على هجوم 7 أكتوبر 2023، الذي قُتل فيه نحو 1200 شخص على يد مسلحين يقودهم حماس وأُخذ 251 رهينة.

ومنذئذ، قُتل ما لا يقل عن 68,280 شخصًا في هجمات إسرائيلية على غزة، بحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس في القطاع.

تغطية إضافية: إيروان ريفو، لميس طالبي، ومها الجمل

أضف تعليق