ادانة دولية واسعة
أدانت منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة ما وُصف بأنه «إعدام» نفذته قوات إسرائيلية بحق رجلين فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة هذا الأسبوع، معتبرة أن الحادث يسلط الضوء على سياسة منهجية ومنظومه في التعامل مع الفلسطينيين.
قال متحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة إن «القتل الجريء» الذي وقع في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، والذي وثقته كاميرات، يعد «مثالًا آخر واضحًا على الإعدامات الميدانية الظاهرة».
وأضاف جيريمي لورانس للصحفيين في جنيف أن «عمليات قتل الفلسطينيين على يد قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين في الضفة تزداد بوتيرة مرتفعة من دون أي محاسبة».
وحسب أحدث بيانات الأمم المتحدة، فقد قتلت القوات الإسرائيلية والمستوطنون ما لا يقل عن 1030 فلسطينيًا في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية بين 7 أكتوبر 2023 و27 نوفمبر من هذا العام، من بينهم 223 طفلاً على الأقل.
وقال لورانس: «الإفلات من العقاب على استخدام القوة غير القانوني من قبل قوات الأمن الإسرائيلية وتصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين يجب أن يتوقف».
تعرّضت إسرائيل لادانات واسعة بعد أن أظهرت لقطات من جنين يوم الخميس عناصرها وهم يطلقون النار على رجلين فلسطينيين غير مسلّحين عن قرب أثناء محاولتهما الاستسلام للقوات خلال مداهمة.
أفاد شهود أن الرجلين — اللذين نُسبت إليهما الأسماء المنتصر بالله عبد الله (26 عامًا) ويوسف عساسة (37 عامًا) — رفعا قمصانهما للدلالة على أنهما غير مسلّحين قبل أن تأمرهما القوات بالعودة إلى المبنى الذي كانا محاصرين فيه. ثم أُطلق عليهما النار حتى الموت، حسبما أظهرت اللقطات.
وقالت مجموعة «الحق» الحقوقية الفلسطينية في منشور على وسائل التواصل إن «الأدلة واللقطات تُظهر أنهما كانا غير مسلّحين وقد استسلما ولم يشكّلا تهديدًا»، معتبرة أن هذا يعكس «سياسة إسرائيل الواسعة والمنظومه للقتل خارج نطاق القانون في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، بما في ذلك ما وصفته بحرب إبادة إسرائيلية على قطاع غزة.
ودعت المجموعة المجتمع الدولي إلى التدخّل الآن وفرض عقوبات وضمان المحاسبة.
الافلات التام من العقاب
قال الجيش الإسرائيلي في بيان يوم الخميس إن «الواقعة قيد المراجعة من قبل القادة الميدانيين، وسيتم تحويلها إلى الجهات المهنية المختصة».
لكن خبراء لاحظوا أن إسرائيل نادرًا ما تفتح تحقيقات جنائية في حالات قتل فلسطينيين من قبل الجيش — حتى عندما تتوافر لقطات — وأن الجنود المتورطين مباشرة نادرًا ما يُحاسبون. كما أشاروا إلى أن قادة في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة قد حرّضوا على العنف ضد الفلسطينيين.
بعد وقت قصير من عمليات القتل في جنين، كتب وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير على وسائل التواصل إن القوات «تصرفت كما هو متوقع منها تمامًا — الإرهابيون يجب أن يموتوا!».
وكان بن غفير يدفع نحو فرض عقوبة الإعدام على ما يُسمى جرائم «الإرهاب» — إجراء تقول منظمات حقوقية إنه سيُطبّق حصريًا على الفلسطينيين.
تأتي عمليات القتل في جنين أيضًا في وقت يدعو فيه سياسيون إسرائيليون إلى الضم الرسمي للضفة الغربية، وسط موجة هجمات إسرائيلية متصاعدة في المنطقة.
قال شاي بارنز، مدير التواصل العام في مجموعة بيتسيلم الإسرائيلية، إن الإسرائيليين يتمتعون «بإفلات تام من العقاب» حيال العنف ضد الفلسطينيين. وأضاف: «مرة بعد أخرى نرى أن إسرائيل غير راغبة وغير قادرة على التحقيق في نفسها».
وأشار إلى أن تحقيقات تُجرى أحيانًا فقط نتيجة للتغطية الإعلامية الدولية أو الضغط الدولي من دول أخرى، «ولكن في كل مرة تقريبًا تكون النتيجة نفسها: آلات التحقيق الإسرائيلية تُبيض السجلات… وهدفها أن تبدو وكأنها تحقق بينما في الواقع تمنح الجناة إفلاتًا كاملاً من العقاب».
وأكد بارنز أن تصريحات بن غفير، التي بدت وكأنها تحتفي بعمليات القتل في جنين، توضح أن إسرائيل لا تنوي إجراء تحقيقات جادة. «نحن نعرف بالفعل ما ستكون عليه النتيجة إذ أن الوزير المسؤول عن المحققين قد أعلن مسبقًا أنها مقبولة.»