غارة بطائرة مسيّرة نفّذتها قوات الدعم السريع تودي بحياة عشرات في الفاشر الممزقة بالحرب، بحسب ناشطين

وقالت منظمات ناشطة إن نحو ستين قتيلاً سقطوا جراء هجوم بطائرة مُسيّرة وقصف مدفعي استهدف مركز إيواء النازحين ومحيط حرم جامعي في مدينة الفاشر المحاصره بولاية شمال دارفور.

ووصفت لجنة مقاومة الفاشر العملية بـ«مجزرة» في مركز دار الأرقم للإيواء، مشيرة إلى أن أطفالاً ونساءً وكبار سن قُتلوا بدم بارد، وأن العديد من الضحايا تعرضوا للاحتراق التام، ودعت اللجنة إلى تدخل دولي عاجل، محذرة من أن الوضع تجاوز حدود الكارثة ويدخل في إطار إبادة جماعية بينما العالم يلتزم الصمت.

يمثل هذا الهجوم أحدث حلقات نمط متصاعد من الضربات التي تستهدف الأحياء المدنية في المدينة، إذ وثقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 53 مدنياً بين 5 و8 أكتوبر وحدها، من بينهم نساء وأطفال.

الفاشر هي آخر مدينة كبرى لا تزال تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية الموالية للحكومة في إقليم دارفور الغربي الواسع، وقد شهدت تصعيداً في هجمات قوات الدعم السريع منذ استعادة الجيش للخرطوم في مارس من هذا العام.

تقاتل قوات الدعم السريع القوات المسلحة منذ أبريل 2023 بعد انقسام بين قائدي الفريقين، وقد أشعل هذا النزاع ما تصفه منظمات الإغاثة بأنه أكبر حالة طوارئ إنسانية في العالم؛ حيث قُتل عشرات الآلاف ونزح الملايين داخلياً وخارجياً.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فقد تقلّصت أعداد سكان الفاشر بنسبة 62 بالمئة مقارنة بمستواها قبل الحرب الذي بلغ 1.11 مليون نسمة، لتصل إلى نحو 413,454 نسمة، بينما لا يزال حوالي 260,000 شخص محاصرين داخل المدينة.

قال أحد سكان المدينة، طلب عدم كشف هويته، لقناة الجزيرة إن الأهالي قضوا ساعات طويلة يعيشون «تحت الأرض في ملاجئ» حول منازلهم هرباً من القصف الكثيف، معتبراً أن الوضع في غاية السوء.

يقرأ  أكثر من ٨٠٠٬٠٠٠ فلسطيني يفرّون من مدينة غزة في ظل تراجع قبضة حركة حماس

ويرى مراقبون حقوقيون أن قوات الدعم السريع تعتمد بشكل منهجي على الضربات الجوية لدفع المدنيين إلى الخروج من المدينة تمهيداً للسيطرة عليها، وفق ما قال محمد بداوي من المركز الأفريقي للعدالة ودراسات السلام.

وتحت الحصار المستمر لشهور، تواجه الفاشر ظروفاً إنسانية كارثية؛ فأبحاث وبرامج الأمم المتحدة تشير إلى انهيار الأسواق وتراجع توافر الغذاء وارتفاع أسعاره إلى حد انعدام الوصول البري للمساعدات، مما اضطر السكان إلى الاعتماد على علف الحيوان وبقايا الطعام.

وكشفت صور أقمار صناعية حللتها مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل عن حملة ممنهجة للتدمير تحيط بالفاشر، حيث وثق الباحثون الحرائق الواسعة في القرى ومخيمات النزوح ضمن دائرة نصف قطرها 57 كيلومتراً حول المدينة، مع دلائل على استهداف إثني يؤثر خصوصاً على المجتمعات غير العربية.

كما حدّد الباحثون وجود طوق ترابي بارتفاعات مُحاطة يمتد لمسافة 57 كيلومتراً يحاصر المدينة ويقيد حركة المدنيين ويعيق وصول المساعدات الإنسانية.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن منشآت الصحة في السودان تتعرض بشكل متكرر للهجوم والنهب، فيما تُعيق نقاط التفتيش عمل سيارات الإسعاف أو تُدمّرها، وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن 70–80 بالمئة من المرافق الصحية في الخرطوم أُغلِقت أو أصبحت بالكاد تعمل.

وصف منسق الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود، صموئيل سيليشي، حجم الاحتياجات الإنسانية في السودان بأنه «مرعب»، محذراً من أن تخفيضات التمويل الدولي تزيد من معاناة السكان وتضيف إهانة إلى الجرح.

أضف تعليق