أقرت فرنسا قانونًا يلزم جميع الفنادق بالالتزام باجراءات مناخية موثقة، في مسعى لجعل قطاع الضيافة أكثر استدامة وشفافية.
ويندرج هذا التشريع ضمن الإطار الأوسع الموسوم بـ«المناخ والمرونة»، حيث يضع أهدافًا إلزامية للّوحات والشهادات البيئية التي يتعيّن على الفنادق تحقيقها بحلول عام 2026.
وقد أقرّ البرلمان الفرنسي النص في عام 2021، محدِّدًا قواعد وضع العلامات البيئية في كامل القطاع السياحي؛ ما يعني إلزام الفنادق بالحصول على شهادات بيئية مدعومة حكوميًا لتقييم بصمتها البيئية ومدى التزامها بممارسات الاستدامة.
يشمل معيار التقييم استهلاك الطاقة والميا، وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، واستخدام منتجات عضوية أو تلك المُنظَّمة وفق معايير الاتحاد الأوروبي «الخضراء» في مجال الأغذية والغسيل والعمليات التشغيلية.
ووفق ممثلي الصناعة، تمتد منظومة التصنيف الجديدة لتشمل كل جوانب التشغيل: خدمات الضيوف، عروض الإفطار، نظم التدفئة والإضاءة، المفروشات، ومواد التنظيف، بحيث لا يقتصر التغيير على عنصر واحد بل يتطلب مراجعة شاملة للإجراءات اليومية.
تخضع كل منشأة فندقية لتدقيق مفصّل يجمع أحيانًا مئات نقاط البيانات بهدف احتساب «درجة بيئية» تتدرج من A إلى E، ما يتيح مقارنة موضوعية وشفافة بين المؤسسات.
تُسهم الفنادق الفرنسية مجتمعة بنحو 7% من انبعاثات الغازات الدفيئة الوطنية، وفي الوقت نفسه تستهلك كميات كبيرة من الموارد المائية والطاقة وتُولِّد هدرًا غذائيًا، ما يجعلها هدفًا ذا أثر بيئي ملموس.
ويؤكد المسؤولون أن وضع العلامات البيئية لا يهدف فقط إلى خفض الانبعاثات الكربونية بل يسعى أيضًا إلى تقليل تكاليف التشغيل على المدى المتوسط والطويل عن طريق تحسين الكفاءة واستثمار تقنيات أقل استهلاكًا.
ومن ممارسات الاستدامة الجاري تنفيذها: أنظمة إضاءة موفِّرة للطاقة، صنابير ودشات بتدفق منخفض، مواقد حثّية للمطابخ، ومراحيض ذات نظام نزح مزدوج. وقد أبلغت بعض الفنادق عن تحقيق وفورات في الطاقة تفوق 10% حتى مع زيادة أعداد النزلاء.
ويرى المحلّلون أن تحسين الأداء البيئي لفندق نموذجي قد يوفر ما يصل إلى 15,000 يورو سنويًا، ما يعزّز منطق الربحية الاقتصادية لجداول الاستثمار في الاستدامة.
كما تزامن القانون مع تضاعف الدعم الحكومي لترقيات الاستدامة في المنشآت الفندقية، إذ تغطي المساعدات بين 50% و70% من التكاليف المطلوبة للامتثال لمتطلبات الشهادة في معظم الحالات.
وتسعى العديد من الفنادق بالفعل للحصول على هذه العلامات البيئية، من مبادرات تاريخية مثل برنامج «المفتاح الأخضر» (Clef Verte) وصولًا إلى شهادات محلية جديدة تظهر على مستوى البلديات والمناطق.
في مدينة ليون، مثلاً، تقدّمت نحو 40 فندقًا بطلبات للحصول على إعانات تُغطي ما يصل إلى 80% من رسوم الشهادات، ما يعكس اتجاهًا أوسع تسعى من خلاله فرنسا إلى ترسيخ مكانتها كقائدة في مجال السياحة المسؤولة بيئيًا.
وينوه خبراء القطاع إلى أن إلزامية شهادة المناخ ستؤدي إلى شفافية أكبر أمام النزلاء، وستدفع الفنادق نحو تحقيق تحسينات بيئية قابلة للقياس تثبت أثرها عمليًا على الانبعاثات والتكاليف التشغيلية.