فيضانات وهطولات مطرية عنيفة في باكستان — مصوّرة عبر خرائط وصور فضائية أخبار أزمة المناخ

أكثر من مئة شخص ما زالوا مفقودين في شمال باكستان بعد فيضانات مفاجئة أودت بحياة ما لا يقل عن 360 شخصاً عبر أنحاء البلاد وفي كشمير الخاضعة لإدارة باكستان منذ يوم الجمعة.

المعظم من الضحايا سُجّلت خسائرهم في محافظة خيبر باختنخوا الجبلية شمال غربي البلاد، حيث جرفت أنهارٌ متورِّمة قرى كاملة، وتسبّبت الانهيارات الطينية وانهيار منازل بأسرٍ مدفونة تحت الأتربة. حذّرت السلطات من أمطار غزيرة جديدة واحتمالات انزلاقات أرضية، وطالبت الإدارات المحلية باليقظة والاستعداد.

مأساة في بونر: أكثر من 200 قتيل
في بونر، وهي مقاطعة في خيبر باختونخوا تبعد نحو 100 كيلومتر شمال غرب العاصمة اسلام آباد، قُتل ما لا يقل عن 207 شخصاً خلال يومين بعد أن اجتاحت الفيضانات والانهيارات الأرضية القرى ودمرت المنازل. فرق البحث والإنقاذ الحضري تواصل انتشال الجثث من ركام بيوت متضررة إثر عاصفة تسبّبت بأمطار غزيرة وفيضانات في قرية بيسهوناي كيلَي في 17 أغسطس 2025.

تتميّز بونر بمرتفعات حادة تتغذى إلى وديان ضيقة؛ والتربة الفضفاضة المعرضة للانجراف مع قطع الغابات يجعلها عرضة بشكل خاص للانهيارات الأرضية والفيضانات السريعة. صور الأقمار الصناعية أظهرت الجبال والقرى المحيطة، بما في ذلك بلدة بير بابا، وقد غمرتها الوحل والحطام.

ما المقصود بالانهمار السحابي؟
قال مسؤولون إن بونر تعرضت لما يُسمى “انهماراً سحابياً” — ظاهرة نادرة تهطل فيها أكثر من 100 ملم من المطر خلال ساعة واحدة في مساحة صغيرة. في بونر سُجِّلت أكثر من 150 ملم خلال ساعة صباح الجمعة. تحدث هذه الظاهرة عادةً في المناطق الجبلية خلال موسم الرياح الموسمية، عندما تتولّد هطولات مفاجئة محلية قد تؤدي إلى انزلاقات أرضية. الانهمارات السحابية تقتصر غالباً على مساحات صغيرة (20–30 كم²) وتصحبها غالباً رعود وبرق وبرده أحياناً.

يقرأ  اعتقال ناشط في المغرب بتهمة التجديف بعد نشر صورة له مرتدياً قميصاً كُتب عليه «الله مثلية»

شهد السكان صوت رعد مدوّياً مع الأمطار الغزيرة لدرجة قال المعلم عزيز أحمد إن الصوت بدا له كأن “نهاية العالم قد جاءت”. تركزت جهود البحث في الأماكن التي دُمّرت فيها المنازل تحت سيول متدفقة من الجبال حاملة أحجاراً ضخمة اصطدمت بالمنازل كأنها انفجارات. قال أحمد مشيراً إلى بيت يقطنه فرد واحد فقط: “يمكن القول إن الناجين فقدوا صوابهم”.

موسم الرياح الموسمية المدمر في باكستان
يمتد موسم الرياح الموسمية في باكستان عادةً من يوليو إلى سبتمبر، مع ذروة هطول غالباً في أغسطس. منذ أواخر يونيو تعرّضت البلاد لأمطار موسمية غزيرة أدّت إلى انزلاقات أرضية وفيضانات مفاجئة أوقعت أكثر من 650 قتيلاً وأصابت ما يقرب من 1000 شخص بحسب المسؤولين. قال الفريق الركن إنعام حيدر مالك، رئيس هيئة إدارة الكوارث الوطنية، في مؤتمر صحفي إن باكستان تشهد تحوّلات في أنماط الطقس بفعل تغيّر المناخ. وأضاف: “شدة موسم الرياح الموسمية هذا العام تزيد بنحو 50 إلى 60 في المئة عن العام الماضي”.

المنطقة الأكثر تضرراً كانت خيبر باختنخوا حيث سُجِّل 425 وفاة، تلتها البنجاب بـ164 وفاة. أكثر من نصف الوفيات كانت نتيجة فيضانات مفاجئة وحوالي ثلثها ناجم عن انهيارات منازل. الأضرار السكنية جسيمة أيضاً: أُبلغ عن 941 منزلاً مدمّراً أو متضرراً في خيبر باختنخوا و719 في آزاد جامو وكشمير، ليبلغ إجمالي المنازل المتضررة 2707 مسكنات.

نظام الإنذار المبكر والاتهامات
اتهم غاضبون في بونر المسؤولين بعدم تحذيرهم لإخلاء مناطقهم؛ ولم تُبث تحذيرات عبر مكبرات المساجد، وهو الأسلوب التقليدي في المناطق النائية. الحكومة قالت إن نظام الإنذار المبكر موجود، لكن غزارة الهطول في بونر كانت مفاجئة إلى درجة أن الفيضانات ضربت قبل أن تتمكن الجهات المعنية من نشر تحذيرات فعّالة.

يقرأ  قائد الأركان الإسرائيلي: توسيع الهجوم على قطاع غزة وشيك

باكستان معرضة للكوارث الطبيعية
تُعد باكستان من أكثر دول العالم عرضة لتداعيات تغيّر المناخ، فتتعامل مع موجات حرّ متكررة وأمطار غزيرة وفيضانات مفاجئة من بحيرات جليدية وأحداث سحابية مفاجئة قد تقضي على مجتمعات بأكملها خلال ساعات. رغم أنها تنتج أقل من 1% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، تُعاني البلاد تكراراً من موجات حرارة وفيضانات وانهيارات أرضية، خصوصاً في الشمال الوعر حيث تقف القرى على منحدرات حادة وعلى ضفاف أنهار.

في 2022 شهدت باكستان أسوأ موسم ريحي مسجل، أودى بحياة أكثر من 1700 شخص وتسبّب بأضرار تُقدّر بنحو 40 مليار دولار. قبل ذلك بعشرات السنوات أيضاً تكررت كوارث مُماثلة سبّبت وفيات وملايين المتأثرين وفق بيانات رسمية.

أضف تعليق