عبد الفتاح البرهان يرفض خطة وقف إطلاق النار ويعتبر أن الاماراتَ شريك غير محايد، ما يشي باستمرار القتال في المدى القريب.
أعلن قائد الجيش السوداني، خلال كلمة موجّهة إلى كبار القادة العسكريين وقيادات الأمن في كلمة أصدرتها مكتبه مساء الأحد، رفضه التام لخطة وقف إطلاق النار التي طرحتها الولايات المتحدة ودول وسطة أخرى، مبرّراً الموقف بوجود دور فاعل للامارات في الأزمة. ووصف اقتراح «الرباعي» — الذي يضمّ الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر — بأنه «الأسوأ حتى الآن».
اعتبر البرهان أن المقترح «غير مقبول» لأنه «يقضي عملياً على وجود القوات المسلحة ويفتح الباب أمام حلّ جميع الأجهزة الأمنية» بينما «يُبقي الميليشيا المتمردة في مواقعها». وأضاف أن أي اتفاق هدنة لا بد أن يتضمّن انسحاب قوات الدعم السريع وتقييد حركتها داخل مناطق محدّدة قبل التقدّم نحو أي تسوية.
التشكيك في مصداقية الوساطة
جدد البرهان التشكيك في مصداقية الرباعي بسبب ما وصفه بدور الامارات، وقال: «شهد العالم بأسره دعم الامارات للمتمردين ضد الدولة السودانية». وأقرّ بأن استمرار الوساطة على هذا النحو سيُعتبر تحيّزاً لصالح جهة على حساب أخرى.
تتهم تقارير واسعة الامارات بأنها سهلت تسليح وتمويل قوات الدعم السريع وساهمت في إطالة أمد النزاع لخدمة مصالح إقليمية والحصول على موارد من الذهب وغيره من المعادن، بينما ترفض أبوظبي هذه الاتهامات وتصفها بأنها «حركة دعائية ساخره». وردّ البرهان بالقول: «لسنا محبّي حرب، ولا نرفض السلام، لكن لا أحد يهدّدنا أو يفرض علينا شروطه».
اتهامات أميركية وتهديدات بمعوقات للسلام
هاجم البرهان أيضاً دور المبعوث الأميركي ماساد بولوس، مستنكراً اتهاماتٍ وجهت للجيش بتعطيل وصول المساعدات الإنسانية واستخدام أسلحة كيماوية، محذّراً من أن مثل هذه الاتهامات قد تتحوّل إلى عقبة أمام تحقيق السلام. ومع ذلك، أشاد البرهان بمواقف دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد أن أثارا ملف السودان خلال زيارتهما لواشنطن ودعيا إلى جهود جادة لوقف الحرب.
آثار إنسانية كارثية واستمرار الاقتتال
من جهتها، قالت قوات الدعم السريع هذا الشهر إنها قبلت اقتراح الرباعي لأنه يتناول «العواقب الإنسانية الكارثية للحرب». ينصّ المقترح على هدنة لمدة ثلاثة أشهر قد تفسح الطريق أمام حل سياسي دائم وإقامة حكومة مدنية في بلد شهد سيطرة القادة العسكريين عقب سلسلة انقلابات.
مع ذلك، تواصل قوات الدعم السريع حملتها العنيفة في دارفور، حيث سيطرت بالكامل على مدينة الفاشر الشهر الماضي بعد إخراج الجيش منها. وأظهرت صور فضائية قيام عناصر من هذه القوات بحرق ودفن جثث بأعداد كبيرة في محاولاتٍ تبدو لاختفاء آثار المجازر. لا تزال آلاف الأسر في عداد المفقودين أو على فرار، فيما وثقت منظمات دولية وشهود تقارير عن اغتصابات جماعية.
وتستمر المعارك المتقطعة بين الجيش وقوات الدعم السريع في أجزاء من منطقة كردفان الوسطى، في حين جدّدت الأخيرة وعدها بالاستيلاء على مدينة بابنوسة الاستراتيجية من فرقة الجيش الثانية والعشرين قريباً.
خلفية النزاع وحجم الكارثة
انفتحت أبواب الحرب في أبريل 2023 بعد تصاعد صراع السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع، الذي تحوّل إلى قتال مفتوح في الخرطوم ومدن أخرى. تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحرب أودت بحياة أكثر من أربعين ألف شخص، ورجّحت منظمات إغاثة أن ذلك الرقم أقلّ من الواقع بكثير. كما خلّفت الأزمة أكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم؛ ملايين مشردون، ومناطق واسعة تواجه خطر المجاعة واحتياجات إنسانية هائلة.