قادة يسعون لترسيخ سلطتهم عبر انتخابين في إفريقيا

سيصوت الناخبون يوم الأحد في غينيا وجمهورية أفريقيا الوسطى لاختيار رئيسين لفترات رئاسية تمتد سبع سنوات. وعلى الورق قد يفضي كل سباق إلى جولة إعادة، لكن المرشحين الحاليين يُعتبران المرشحين الأوفر حظاً، ويتوقع المراقبون أن يحرزا الفوز من الجولة الأولى بحصة تفوق 50% من الأصوات.

تنتهي أوجه الشبه عند هذا الحد.

جمهورية أفريقيا الوسطى، بلد واسع وداخلي المساحة، تعد من أفقر دول القارة وتعاني هشاشة أمنية مزمنة على مدار عقود، مع تواجد متكرر لمجموعات مسلحة تندفع بسبب تظلمات محلية أو فرص للابتزاز أو طموحات سياسية. بين 2013 و2016 حالت تدخلات قوات أفريقية وفرنسية ثم قوة الأمم المتحدة للحفاظ على السلام دون انحدار البلد إلى موجة أعنف من العنف بين المجتمعات.

الحكومة المركزية في بانغي، العاصمة المطلة على النهر جنوباً والمجاورة لجمهورية الكونغو الديمقراطية عبر الماء، غالباً ما تكافح من أجل فرض سلطتها على المناطق البعيدة في الشمال والشرق. ومع ذلك فقد نجا النظام الحزبي متعدد الأطراف إلى حد كبير، مع قدر معقول من التسامح مع المعارضة وحق الاحتجاج. ثمّة إحساس بهوية وطنية، وفي هذا العام شهدت دولتان من أقوى الجماعات المتمردة عودتهما إلى طاولة السلام وبدء عمليتي نزع السلاح والتسريح.

تملك البلاد محكمة خاصة رائدة لمحاكمة جرائم حقوق الإنسان، تشارك فيها هيئة من القضاة الوطنيين والدوليين.

الرئيس فاوستين-أرشانج تواديرا، الذي يأمل في ولاية ثالثة، أستاذ رياضيات وشغل منصب نائب رئيس جامعة قبل دخوله العمل السياسي. بدأ مسيرته كوزير أول في عهد فرانسوا بوزيز الذي وصل إلى السلطة بانقلاب ثم تحول إلى رئيس منتخب. بعد فترة فوضوية من حكم المتمردين ومرحلة انتقالية غير مستقرة، انتخب تواديرا كرئيس بوصفه شخصية توافقية ومدنية بعد الصراع.

يقرأ  هل الاعتراف بفلسطين وسيلةٌ لإنقاذ ماء الوجه لدى قادة الغرب؟قضية الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

اليوم، ومع اقتراب نهاية ولايته الثانية، يبدو تواديرا أكثر انقضاضاً على السياسة وانحيازاً حزبياً؛ فقد مرر تعديلاً دستورياً أبطل قيود الولايتين، ما أتاح له الترشح مجدداً وأدى إلى مقاطعة واسعة، وإن لم تكن كلية، من طرف المعارضة. ومع ذلك سُمح لمنافسه الأبرز، أنيسيه-جورج دولوغوليه، بالمشاركة في السباق الانتخابي، خلافاً لما توقعه كثيرون.

على الساحل الغربي لإفريقيا، تختلف صورة غينيا. الجنرال مامادي دومبويّا، زعيم انقلاب سبتمبر 2021 الذي أطاح بالرئيس المدني البالغ من العمر 83 عاماً ألفا كوندي، يستعد الآن لتحويل نفسه إلى حاكم منتخب دستورياً. ورغم أنه يواجه ثمانية مرشحين آخرين، فقد هيمن على الحملة الانتخابية بصوره المنتشرة في شوارع كوناكري.

أبرز شخصيتين معارضتين خلال العقد الأخير، سيلو دالين ديالو، صاحب قاعدة شعبية واسعة لدى مجتمع الفول الذي يشكّل نحو 40% من الناخبين، مُنع من الدخول في السباق. ومع القيود التي تحد من الخيارات السياسية المتاحة أمام الناخبين، فإن عودة حكم منتخب ستُشكّل ارتياحاً كبيراً لمنظمة دول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي تدافع عن التكامل الاقتصادي والديمقراطية والتعاون العسكري بين أعضائها. فقد ألحق انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر قبل نحو عام ضربة بالمجلس بعد أن رفضت الأنظمة العسكرية التي استولت على السلطة بين 2020 و2023 الامتثال لمطالب الإيكواس بوضع جدول زمني واضح لإعادة الحكم المدني.

اختار دومبويّا مساراً مختلفاً؛ فرغم قربه من المجلس العسكري في مالي، أجرى مراجعة دستورية منهجية مهدت الطريق للتصويت الحالي، وإن طال التأجيل أكثر مما رغبت إيكواس. وتباينت مقاربته للعلاقات الدولية بحدة مع جيرانٍ أقاموا علاقات أمنية وثيقة مع روسيا وقطَعوا علاقاتهم السابقة مع فرنسا: هو حافظ على علاقات طيبة مع حكومات غربية، وخصوصاً باريس، وتثني السلطات في كوناكري على الوكالة الفرنسية للتنمية كشريك داعم.

يقرأ  مقتل أكثر من ١٦٠ شخصًا في باكستان جراء أمطار غزيرة وفيضانات مفاجئة— أخبار أزمة المناخ

منذ البداية لَقِي نظام دومبويّا تعاملاً ميسوراً من فرنسا والغرب عموماً ومن إيكواس، رغم سجل حقوقي مقلق. الإطاحة بكوندي — الذي أجاز لنفسه استفتاءً دستورياً مثيراً للجدل ليتيح له الترشح لولاية ثالثة وارتبطت فترته بحوادث عنف متكررة من قبل قوى الأمن — احتُفِيَ بها في شوارع كوناكري ولم تُقَدَّ بتنديد دولي واسع.

دفعت إجراءات دومبويّا الدولية بعض حسن النوايا إليه، خصوصاً عندما سارع إلى استئناف محاكمة المتهمين بمذبحة استاد 2009، التي قُتل فيها نحو 150 من أنصار المعارضة وتعرّضت فيها العديد من النساء للاغتصاب. ومع ذلك شهد حكمه أيضاً قتل متظاهرين شباب واعتقال ناشطين بارزين في المجتمع المدني لم يُعرف مصيرهم منذ ذلك الحين، لكنها ردود فعل إقليمية ودولية كانت ضعيفة.

اهتزت منطقة غرب أفريقيا بسلسلة انقلابات وانفصال مالي وبوركينا فاسو والنيجر عن إيكواس، إضافة إلى محاولة انقلاب هذا الشهر في بنين. لذلك قُوبلت رغبة غينيا في البقاء ضمن التكتل وإعادة حكم منتخب — حتى لو خالفت وعود دومبويّا السابقة بعدم ترشح أي عضو من المجلس الانتقالي — بارتياح هادئ من قادة إقليميين وحكومات أوروبية، بوصفها خطوة نحو استعادة حد أدنى من الاستقرار الطبيعي. ومع تفاقم نشاط الجماعات الجهادية الذي يعطل الحياة اليومية والتجارة في جنوب مالي وبوركينا فاسو، بدا التقدم البطيء نحو الاستقرار الدستوري في غينيا مرغوباً، رغم القلق المستمر بشأن حقوق المدنيين.

الأمر نفسه ينطبق على ترشح تواديرا لولاية ثالثة في جمهورية أفريقيا الوسطى؛ فالدولة بدأت تخرج رويداً رويداً من سنوات العنف. قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (مينوسكا) تساعد الحكومة على استعادة الإدارة والخدمات الأساسية حتى في المدن الإقليمية النائية. رغم الاعتماد الكبير على الاستشارات العسكرية الروسية، انتهز الرئيس وقتاً لإعادة بناء علاقات جيدة مع فرنسا والحفاظ على شراكات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. ومع وجود السودان الممزق بالحرب على الحدود الشمالية الشرقية وهشاشة داخلية مستمرة، تميل الشركاء الدوليون إلى الدعم بدل النقد، رغم إحباطات خصومه الذين يرون أن ولاية تواديرا الثالثة ستكون غير شرعية. املاً في أن تقود هذه الانتخابات إلى مزيد من الاستقرار الإقليمي.

يقرأ  «هاوزر أند ويرث» تفتتح موقعًا في صقلية داخل قصرٍ تاريخي

أضف تعليق