قمة كوب ٣٠ في البرازيل — كل ما يجب معرفته عن مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ

تنطلق يوم الإثنين قمة الأمم المتحدة الثلاثون لمكافحة تغير المناخ (COP30) في المدينة البرازيلية بيلم، بمشاركة متوقعة تقارب 50 ألف شخص من أكثر من 190 دولة، من دبلوماسيين وخبراء مناخيين وغيرهم، على مدار اجتماع يستمر 11 يوماً ضمن أحضان الأمازون.

المندوبون سيبحثون أزمة المناخ وآثارها المدمرة، بما في ذلك ازدياد وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة.

المضيفون وضعوا جدول أعمال مكثفاً يضم 145 اجتماعاً مبرمجاً لبحث الانتقال إلى وقود أخضر والتصدي للاحترار العالمي، إلى جانب متابعة إخفاقات تنفيذ الوعود السابقة.

أندريه كوريا دو لاغو، رئيس مؤتمر هذا العام، شدّد على ضرورة أن يعمل المفاوضون في إطار مفهوم “mutirão” البرازيلي المستمد من لغة السكان الأصليين، والذي يعني تظافر مجموعة للعمل معاً على مهمة مشتركة.

كتب دو لاغو في رسالته إلى المفاوضين: «إما أن نختار التغيير معاً طواعية، أو سيُفرَض علينا التغيير بثمرة المآسي. بإمكاننا التغيير، لكن يجب أن نفعل ذلك جماعياً».

ما هو مؤتمر الأطراف (COP)؟
COP هو اختصار لـ”مؤتمر الأطراف في الاتفاقية” ويشير إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (UNFCCC)، المعتمدة عام 1992 والتي اعترفت رسمياً بتحوّر المناخ كتهديد عالمي. نصّت الاتفاقية أيضاً على مبدأ “المسؤولية المشتركة والمتفاوتة”، الذي يعني أن الدول الغنية المسؤولة عن الجزء الأكبر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يجب أن تتحمل العبء الأكبر في حل المشكلة.

دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عام 1994 وأصبحت أساساً للاتفاقات الدولية مثل اتفاق باريس 2015، الذي يهدف إلى تقييد زيادة درجات الحرارة العالمية بنحو 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة بحلول عام 2100 لتفادي أشد آثار الاحتباس الحراري. عُقدت القمة الأولى في برلين عام 1995، وتضع الرئاسة الدورية—الحالية البرازيلية—جدول الأعمال وتستضيف القمة لمدة أسبوعين محوّلة الأنظار العالمية نحو قضية المناخ ومحاولة جمع الدول الأعضاء على تبنّي تدابير جديدة.

ما الذي على جدول الأعمال هذه السنة؟
تسعى البرازيل إلى حشد تعهدات بقيمة 25 مليار دولار وجذب 100 مليار دولار إضافية من الأسواق المالية العالمية لصالح مرفق “الغابات الاستوائية إلى الأبد” (Tropical Forests Forever Facility)، الذي سيقدّم تمويلاً لحماية التنوع البيولوجي، بما في ذلك الحد من إزالة الغابات. كما دعت البرازيل الدول للعمل على تفعيل الوعود السابقة، مثل التزام COP28 بالتخلي التدريجي عن استخدام الوقود الأحفوري؛ فهدف الحكومة البرازيلية العريض لهذه الدورة هو “التنفيذ” أكثر من وضع أهداف جديدة.

يقرأ  في منتزه ترفيهي ببكين: مجسمات لابوبوس بالحجم الطبيعي في انتظار وصولك

وقالت آنا تونكس، المديرة التنفيذية لـ COP30، لصحيفة الغارديان: «دورنا في COP30 هو خلق خارطة طريق للعقد المقبل لتسريغ التنفيذ وتسريع وتيرة العمل» — ملاحظة: الكلمة الثانية هنا خطأ مطبعي مقصود.

في قمة عُقدت قبل COP30، قال الرئيس البرازيلي لولا إيناسيو لولا دا سيلفا: «أنا مقتنع أنه رغم صعوباتنا وتناقضاتنا، نحن بحاجة إلى خرائط طريق لعكس إزالة الغابات، والتغلب على الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتحريك الموارد اللازمة لهذه الأهداف».

وفي رسالة إلى المفاوضين نُشرت متأخّراً يوم الأحد، حذّر سيمون ستييل، مسؤول المناخ بالأمم المتحدة، من أن اتفاق باريس الذي مرّت عليه عشر سنوات «يعمل إلى حدّ ما، لكن علينا أن نسرّع في منطقة الأمازون. الأضرار المناخية المدمرة تحدث بالفعل — من إعصار ميليسا الذي ضرب الكاريبي، إلى الأعاصير الفائقة التي اجتاحت فيتنام والفلبين، ودوّامة هوائية هدمت أجزاء من جنوب البرازيل». وأضاف أن الدول لا يجب أن تزيد وتسرع فقط، بل «لابد أن تربط عمل المناخ بحياة الناس الحقيقية».

COP30 هي أيضاً الأولى التي تعترف علناً بفشل الجهود حتى الآن في منع الاحترار العالمي.

من سيشارك؟
سجل أكثر من 50 ألف شخص لحضور COP30 في بيلم، بينهم صحفيون وعلماء مناخ وقادة من السكان الأصليين وممثلو 195 دولة. من بين الأصوات الرسمية البارزة: تحالف دول الجزر الصغيرة، وكتلة الـG77 من الدول النامية، ومجموعة BASIC المكوّنة من البرازيل وجنوب أفريقيا والهند والصين.

في سبتمبر، وصف الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب تغير المناخ بأنه «أعظم خدعة» رُتبت على العالم، مستنداً إلى «تنبؤات … صدرت عن أشخاص أغبياء»، وهو نهج إنكاري للعالم المناخي عقّد جدول أعمال القمة، لا سيّما أن واشنطن لن يكون لها تمثيل هناك. ترامب سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس مرتين — مرة خلال فترته الأولى ثم أعيدت العضوية بقرار من الرئيس جو بايدن، ثم سحبها ثانية في 20 يناير 2025 عند بداية فترته الثانية، مبرراً ذلك بالأعباء الاقتصادية لمبادرات المناخ على الولايات المتحدة.

يقرأ  بيدرو ألمودوبار يدعو رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى قطع كل العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل

تاريخياً، أطلقت الولايات المتحدة كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون في الهواء من احتراق الفحم والنفط والغاز مقارنة بأي دولة أخرى؛ لكن على أساس سنوي، أصبحت الصين الآن أكبر ملوث كربوني.

تعرض منظمو COP30 لانتقادات لأسعار الفنادق الباهظة في بيلم، التي لا تتوافر فيها سوى 18 ألف سرير فندقي. وتدخّلت الحكومة البرازيلية لعرض كبائن مجانية على متن سفن سياحية للدول الأشد فقراً في محاولة أخيرة لضمان حضورها. وحتى الأول من نوفمبر، أكدت 149 دولة فقط أماكن إقامة، وقالت الحكومة البرازيلية إن 37 دولة لا تزال في مفاوضات. في المقابل، نظم بعض قادة الأعمال فعالياتهم في ساو باولو وريو دي جانيرو. كما اتُهمت البرازيل بقطع أجزاء من الغابة لبناء طريق جديد يصل إلى موقع المؤتمر.

ما التقدم الذي تحقق منذ قمة العام الماضي؟
قادَت مصادر الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية والرياح، أكثر من 90% من قدرة التوليد الجديدة المضافة عالمياً العام الماضي، وفقاً لوكالة الطاقة المتجددة الدولية، وأصبحت الطاقة الشمسية أرخص شكل للكهرباء في التاريخ. في الوقت نفسه، كان واحد من كل خمسة سيارات جديدة مباعة حول العالم كهربائية، وهناك الآن وظائف في قطاع الطاقة النظيفة تفوق تلك في قطاع الوقود الأحفوري، بحسب الأمم المتحدة.

قدّرت وكالة الطاقة الدولية أن الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة سيصل إلى 2.2 تريليون دولار هذا العام، أي ما يقارب ضعف الإنفاق على الوقود الأحفوري. ومع ذلك، ليست درجات الحرارة فقط في ارتفاع؛ بل تتزايد بمعدل أسرع من أي وقت مضى، مع أرقام قياسية جديدة مسجلة لعامي 2023 و2024، وفق دراسات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن متوسط درجة الحرارة العالمية يرتفع بمعدل 0.27 درجة مئوية لكل عقد، أي أسرع بنحو 50% عما كان عليه في عقود التسعينيات والألفينات عندما كان المعدل نحو 0.2 درجة مئوية لكل عقد. العالم الآن في طريقه لعبور عتبة 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030، وبعد ذلك يحذّر العلماء من أن البشرية قد تدفع إلى عواقب مناخية لا رجعة فيها. حتى الآن ارتفعت حرارة الكوكب بنحو 1.3 درجة مئوية منذ الحقبة ما قبل الصناعية، وفق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

يقرأ  إعصار «إيرين» يتسارع ويتحول بسرعة إلى عاصفة من الفئة الخامسة

وفي الوقت نفسه، تنفق الحكومات في العالم نحو تريليون دولار سنوياً لدعم الوقود الأحفوري.

في قمة تحضيرية شارك فيها عشرات رؤساء الدول والحكومات، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «الحقيقة المؤلمة أننا فشلنا في ضمان بقائنا تحت 1.5 درجة». وأضاف أن العلم يقول الآن إن تجاوز هذا الحد بشكل مؤقت — بدءاً في أوائل الثلاثينيات على أبعد تقدير — أمر لا مفرّ منه، وبالتالي «نحتاج إلى تحول جذري للحد من مدى هذا التجاوز ومدة بقائه وخفضه بسرعة». وحذّر من أن حتى التجاوز المؤقت قد يدفع بالنظم البيئية إلى نقاط انعطاف لا رجعة بعدها ويعرض مليارات البشر لظروف لا تُطاق ويزيد من تهديدات السلم والأمن.

كيف أثّر تغير المناخ على العالم في 2025؟
بدأت موجة الحر بين الهند وباكستان مبكراً هذا العام في أبريل، ووصلت درجات الحرارة في يونيو إلى ذروة تقارب 48 درجة مئوية في ولاية راجستان الهندية، حيث فقد المئات حياتهم وتدمّرت المحاصيل. وعانت أوروبا أيضاً من موجات حر قصوى؛ ففي الصيف تجاوزت مدن مثل لشبونة 46 درجة مئوية، وفي لندن تسبب استمرار ارتفاع الحرارة أواخر يونيو في وفاة عدد إضافي يُقدّر بنحو 260 شخصاً.

اجتاحت حرائق هائلة مناطق واسعة من جنوب أوروبا في منطقة البحر المتوسط، مما اضطر إلى إجلاء أكثر من 100 ألف شخص وأسفر عن عشرات الوفيات. كما عانت تركيا من إحدى أسوأ موجات الجفاف خلال عقود، حيث انخفضت كميات الأمطار بما يصل إلى 71% في بعض المناطق مقارنة بالعام السابق، ما وضع نظمها البيئية والإنتاج الزراعي والطاقة تحت ضغط شديد.

أضف تعليق