كنيسةٌ كاملة تُنقَل عبر شوارع كيرونا السويدية

إيريكا بنكي — بي بي سي، كيرونا

كنيسة عمرها 113 عاماً مهددة بهبوط الأرض تُنقل بكامل هيكلها لمسافة تقارب خمسة كيلومترات على طول طريق في أقصى شمال السويد، في عملية لن تستغرق أكثر من يومين.

المبنى الخشبي الأحمر الضخم في كيرونا، الذي بُني عام 1912، رُفِع فوق منصات دوّارة عملاقة على عجلات تمهيداً للانتقال إلى مركز المدينة الجديد. ومن المتوقع أن تستغرق الرحلة، التي ستتحرك بسرعة قصوى تبلغ 500 متر في الساعة، يومين كاملين.

السبب يعود إلى تصدع الأرض الناتج عن أكثر من قرن من استخراج خام الحديد؛ فمنطقة وسط المدينة القديمة تعرّضت لشروخ أرضية قد تُلحق أضراراً بشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي. وبموجب القانون السويدي، يُمنع إجراء عمليات تعدين تحت المباني، ولهذا اتُّخذ قرار نقل المدينة تدريجياً إلى مواقع آمنـة.

الانتقال هذه المرة يحمل طابعاً استثنائياً ورمزياً: كيرونا تشهد منذ منتصف العقد الماضي تحريك مبانٍ أخرى إلى أرض أكثر أماناً؛ فمعظمها هُدمت وأُعيد بناؤها، فيما نُقلت بعض المعالم بحالتها الكاملة، مثل صف المنازل الخشبية الصفراء ومقر مدير المناجم هيلمار لوندبوم الذي قُسِّم إلى ثلاثة أجزاء، وبرج ساعة قاعة المدينة القديم الذي وُضع جانباً بالقرب من قاعة المدينة الجديدة.

روبرت إيلتالو، المدير التنفيذي لشركة تطوير كيرونا، يوضح المخاطر قائلاً إن الخسارة لا تكمن في سقوط أشخاص عبر الشقوق، بل في تلف البُنى التحتية الحيوية الذي يجعل الانتقال أمراً حتمياً قبل فشلها. وتتحمل شركة LKAB، مشغّل منجم خام الحديد وأكبر صاحب عمل في المدينة، فاتورة نقل المدينة التي تقدر بأكثر من عشرة مليارات كرونة سويدية (نحو مليار دولار).

تبلغ أبعاد كنيسة كيرونا 35 متراً ارتفاعاً و40 متراً عرضاً، ويبلغ وزنها نحو 672 طناً، وقد اختيرت سابقاً أجمل مبنى سويدي قبل عام 1950. وبدلاً من تفكيكها، قرّر المهندسون نقلها كاملةً مدعومةً بعوارض فولاذية ومحملة على وحدات نقل معيارية ذاتية الدفع — إنجاز غير معتاد يتطلب تحضيراً لوجستياً وهندسياً دقيقاً.

يقرأ  كنيسة سويدية تاريخية تُنقل على مقطورات في إنجاز لوجستي استثنائي

يقول ستيفان هولمبلاد يوهانسون، مدير المشروع: «أجرينا تحضيرات مكثفة. التحدي الأكبر كان تجهيز الطريق لبُعد هذا المبنى»، ويشرح أن الطريق وسِّع إلى 24 متراً، وأُزيلت على امتداره أعمدة الإنارة وإشارات المرور وجسر كان مقرَّراً هدمه أصلاً. ويتابع: «إنها عملية تاريخية ومعقدة للغاية ولا مجال فيها للخطأ، لكن كل شيء تحت السيطرة».

من الناحية الداخلية، تُعد حماية كنوز الكنيسة أمراً بالغ الحساسية؛ فلوحة المذبح الكبرى من عمل الأمير يوجين، وهي ملتصقة مباشرة بجدار إنشائي لا يمكن فصلها دون إتلافها، لذلك ستبقى داخل المبنى طوال النقل مغطاة ومثبتة. كذلك الأمر بالنسبة للأنبوبية التي تضم ألف مزمار، والتي ستظل محمية ومثبتة أثناء الحركة.

بالنسبة لسكان كيرونا، التجربة ليست مجرد إنجاز هندسي بل لحظة عاطفية عميقة. تقول صوفيا لاغيرلوف ماتّا، مستشارة ثقافية، إن الشعور شبيه بالارتياح بعد انتظار طويل: «كأننا أخيراً ننجز ما انتظرناه سنوات». وتُعيد الكنيسة إلى الناس ذكريات متعددة — لحظات فرح وحزن — وهم الآن ينقلون تلك الذكريات معهم إلى المستقبل.

ستيفان يوهانسون، المهندس الذي يشرف على النقل وعضو في جوقة الكنيسة، يصف المهمة بأنها شخصية للغاية: «بُنيت الكنيسة قبل أكثر من مئة عام من قبل LKAB لأجل البلدية؛ والآن ننقلها إلى المدينة الجديدة. لا يمكن أن يكون هناك حل آخر».

للقسيسة لينا تيارنبرغ معان إضافية للمشهد: «الكنيسة تغادر موطناً نشأت فيه، والجميع يعلم أن النقل ضروري لأننا مجتمع تعدين نعتمد على المنجم. أنا ممتنة لأننا نأخذ الكنيسة معنا إلى مركز المدينة الجديد، لكن يغمرني الحزن لمغادرتها الأرض التي صارت فيها كنيسة».

ومع بدء جدران كنيسة كيرونا الضخمة بالتقدم ببطء، يتوقع أن تصطف آلاف الأهل والزوار على طول المسار، ومن بينهم العاهل السويدي. وستبث التلفزة السويدية الرحلة كاملةً على الهواء بتقنية «التلفزيون البطيء»، لتشهد الأمة لحظة نادرة لا ينجو فيها قطعة من التاريخ من التغيير فحسب، بل تتحرَّك معه نحو مستقبلٍ جديد.

يقرأ  أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطينيالولايات المتحدة تعلق تأشيرات لسكان غزة بعد عاصفة يمينية على وسائل التواصل الاجتماعي

كارل قوستاف من المنتظر حضوره، والتغطية ستبقى طويلاً في ذاكرة المدينة.

أضف تعليق