كوريا الجنوبية قد تقبل صفقة بين ترامب وكيم لتجميد البرنامج النووي كإجراء طارئ

جين ماكينزي، مراسلة في سيول

شاهد: رئيس كوريا الجنوبية يقول لبي بي سي إنه يقبل صفقة بين ترامب وكيم لتجميد برنامج بيونغ يانغ النووي

أعلن رئيس كوريا الجنوبية أنه سيقبل اتفاقاً بين دونالد ترامب وكيم جونغ أون يقضي بتجميد إنتاج الأسلحة النووية في الشمال مؤقتاً بدلاً من المطالبة بتخلّيه عنها فوراً.

قال لي جاي ميونغ لبي بي سي إن كوريا الشمالية تنتج ما بين 15 إلى 20 سلاحاً نووياً إضافياً سنوياً، وإن التجميد — بوصفه «إجراء طارئ ومؤقت» — قد يكون «بديلًا قابلاً للتطبيق وواقعيًا».

أعلنت كوريا الشمالية نفسها قوة نووية في 2022 وتعهدت بعدم التخلي عن ترسانتها. وقد فشلت محاولات سابقة للتفاوض، ومنذ ذلك الحين رفضت بيونغ يانغ جميع الدعوات للعودة إلى طاولة الحوار.

قال لي: «طالما أننا لا نتخلى عن الهدف الطويل الأمد لنزع السلاح النووي، أعتقد أن هناك فوائد واضحة من أن توقف كوريا الشمالية تطوير أسلحتها النووية وصواريخها». وأضاف: «المسألة هل نستمر في محاولات عقيمة نحو الهدف النهائي أم نضع أهدافًا أكثر واقعية ونحقق بعضها».

تولى الرئيس لي منصبه في يونيو، ويهدف إلى إقامة علاقات سلمية مع الشمال وتقليل التوتّر الذي تفاقم في عهد سلفه يون سوك يول، الذي طاله عزل بعد محاولته فرض القانون العسكري العام الماضي.

كان لي صريحاً بشأن رغبته في أن يستأنف الرئيس ترامب محادثات نووية مع كيم، التي تعثرت في 2019 خلال ولاية ترامب الأولى بعدما طالبت واشنطن بيونغ يانغ بتفكيك منشآتها النووية. ورأى لي أن هناك إمكانية لعودة الطرفين إلى الحوار لأن «يبدو أنهما يمتلكان درجة من الثقه المتبادلة». وأضاف أن ذلك قد يفيد كوريا الجنوبية ويسهم في السلام والأمن العالميين.

التقت بي بي سي بالرئيس في مكتبه في سيول قبيل سفره إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم الاثنين.

يقرأ  قطعة الطراز القديم من بيت الجدة — أصبحت رائجة من جديد

تتولى كوريا الجنوبية حالياً رئاسة مجلس الأمن الدولي، لكن لي رفض أن يجيب مباشرة إن كان المجلس قد خذل بلاده، مشيراً إلى أن الصين وروسيا أعاقتا طويلاً محاولات فرض عقوبات إضافية على الشمال بسبب برنامجه النووي.

قال: «من الواضح أن الأمم تقصر عندما يتعلق الأمر بخلق عالم سلمي حقيقي، لكني ما زلت أعتقد أنها تؤدي وظائف مهمة عديدة». وأضاف أن إصلاح مجلس الأمن «ليس أمراً واقعياً إلى حد كبير».

عندما سئل إن كانت الصين الآن تُسهِم في دعم البرنامج النووي لكوريا الشمالية، أجاب بأنه «من المستحيل التأكد»، لكن وفق ما لديه من معلومات فهذه ليست تصورَه الحالي.

في وقت سابق من هذا الشهر رحب الرئيس الصيني شي جين بينغ بكيم خلال عرض عسكري في بكين إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولم تشر الصين في هذا اللقاء علناً إلى أسلحة الشمال النووية أو نزع السلاح، خلافاً لاجتماعات سابقة.

رأى لي أن تشابك العلاقات بين بكين وموسكو وبيونغ يانغ، الذي بدا واضحاً في العرض الصيني، يضع كوريا الجنوبية في «وضعية صعبة جداً». وقال: «رؤية الصين وروسيا وكوريا الشمالية تصبح قريبة جداً ليست أمراً مرغوباً لنا»، مضيفاً أنه سيرد على الأرجح بالاستمرار في العمل عن كثب مع الولايات المتحدة واليابان.

تاريخياً، وازنت كوريا الجنوبية علاقاتها بين الولايات المتحدة — حليفتها العسكرية — والصين — التي تعتمد عليها في كثير من تجارتها — لكن السير على هذا الحبل المشدود بات أصعب.

قال لي مؤخراً إنه سيقف إلى جانب الولايات المتحدة في النظام العالمي الجديد الناشئ، لكن حديثه أوضح رغبته في تجنب كسب أعداء. الرجل الذي كان يوصف سابقاً بأنه يساري صريح وقديماً زعيم معارضة متشددة، يقدّم الآن نفسه كوسطي؛ يختار كلماته ومواقفه بعناية محاولاً توجيه كوريا الجنوبية بحنكة في عالم متغير.

يقرأ  ريان روث يمثل للمحاكمة بتهمة محاولة اغتيال مزعومة ضد دونالد ترامب

أشار لي إلى أن «العالم يتقسم إلى معسكرين، وكوريا الجنوبية تقع على الحدود بينهما»، معتبراً موقع بلاده «هامشياً حقاً» بجوار الصين وروسيا. وأضاف: «الوضع يزداد صعوبة. لكن لا يمكن لهذه المعسكرات أن تُغلق أبوابها تماماً، لذا يمكننا أن نتموضع في مكان ما في الوسط».

حتى في ما يخص روسيا، حرص لي على عدم استبعاد علاقة مستقبلية معها، رغم الشراكة العسكرية التي أقامتها موسكو مع كوريا الشمالية خلال حرب أوكرانيا — إذ أرسلت روسيا طعاماً ونفطاً وأموالاً طائلة مقابل أسلحة وقوات.

قال: «من الواضح أن غزو روسيا لأوكرانيا يجب أن يُدان، ويجب أن تنتهي الحرب في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «لكن علاقات الدول ليست بسيطة، ونجد سبل التعاون حيثما أمكن ونسعى للتعايش السلمي».

حذر من مخاطر الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة، وهو ما بدا جلياً وسط الحرب التجارية المستمرة التي يقودها ترامب وتورط حلفاء وخصوم أميركا فيها. تمكن لي من خفض الرسوم الجمركية المفروضة على كوريا الجنوبية إلى 15%، وخلال زيارة حديثة للبيت الأبيض بدا أنه كسب إعجاب الرئيس.

إلا أنه قبل أسبوعين احتجزت سلطات الهجرة الأميركية مئات العمال الكوريين الذين كانوا يبنون مصنع بطاريات للسيارات في ولاية جورجيا — في إطار التزام كوريا الجنوبية بنقل التصنيع إلى الولايات المتحدة واستثمار مئات المليارات هناك — وتمكنت حكومة لي من تأمين إطلاق سراحهم بعد أسبوع.

وصف الحادث قائلاً: «بصفتي رئيساً، أشعر بمسؤولية عميقة تجاه المعاملة القاسية التي تعرّض لها مواطنونا»، ووصف الواقعة بأنها «صادمة». أشار إلى أن الشركات الكورية ستتردد الآن أكثر في ضخ استثمارات جديدة إلى واشطن.

لكنه قال إنه يعتقد أنه قادر على تحويل الحادث إلى فرصة لتعميق علاقة سيول مع واشنطن.

يقرأ  ترامب يحث دول الناتو على وقف شراء النفط الروسي قبل دخول العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ

«هناك مثل كوري يقول: “بعد المطر تقسى الأرض”.»

فاز لي بتفويض حاسم في يونيو، بعد ستة أشهر من محاولة سلفه المسقطة لفرض حكم عسكري.

في الداخل، يقود لي بلداً منقسمًا تزلزله أشهر من الاضطراب السياسي، بعدما حاول الرئيس السابق تدبير انقلاب عسكري؛ ويون يواجه الآن احتمال السجن مدى الحياة، وكان قد فاقم التوتر مع كوريا الشمالية. حاول تبرير محاولته الفاشلة بزعمه أن مؤسسات البلاد اخترقها مؤيدو بيونغ يانغ.

واليوم يقول لي إنه يبذل ما في وسعه لإصلاح الثقة مع الشمال. وبعد توليه منصبه، أوقف حكومة سيول عن بث إذاعات كانت تُرسل إلى كوريا الشمالية. تلك البثوث، التي كانت تغضب كيم جونغ أون، كانت إحدى القنوات القليلة التي تصل معلومات من الخارج إلى مواطني الشمال المعزولين، وقد انتقدت منظمات حقوق الإنسان هذه الخطوة.

«نحن نرى أن لهذه البثوث أثرًا عمليًا ضئيلًا»، هكذا برر لي قراره، مضيفًا أن أي فوائد بسيطة لا تبرر تكلفة استفزاز النظام. ما يهم هو استعادة الثقة بين الشمال والجنوب، لا سيما وأن موقف الحكومة السابقة تجاه كوريا الشمالية كان عدائيًا بشدة. نعتقد أن هذه الإجراءات ستساعد في إعادة كوريا الشمالية إلى طاولة المفوضات.

حتى الآن رفض الشمال مبادراته، واصفًا إياه بـ«الوهمي» و«حالم اليقظة».

لكن لي ليس ساذجًا؛ فهو يعلم أن دونالد ترامب ربما يمثل المسار الأرجح نحو السلام في شبه الجزيرة، وأن هذا المسار بحاجة إلى إعادة رسم. وبحكم تبنيه لنهج براغماتي، يدرك — خلافًا لغيره من السابقين — أن الأسلحة النووية لدى كوريا الشمالية لا يمكن التفاوض على إزالتها نهائيًا في الوقت الراهن.

أضف تعليق